في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود الدولية للوصول الى تسوية سياسية في ليبيا من خلال مؤتمر برلين المزمع عقده الأحد القادم،تواصل تركيا تدخلها في الشأن الليبي عبر ارسال مزيد من الأسلحة ونقل المرتزقة والارهابيين إلى ليبيا؛ للقتال إلى جانب الميليشيات المسلحة في طرابلس؛وسط تزايد التحذيرات الدولية، من خطورة انتشار هؤلاء المقاتلين، داخل الأراضي الليبية، وهو ما قد يسهم في تعقيد المشهد.

وشهدت الأيام الماضية تحركات مكثفة للتحضير لمؤتمر برلين القادم حول الأزمة الليبية،حيث وجهت الحكومة الألمانية الدعوة الى القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج اضافة الى رؤوساء دول وحكومات،الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا والإمارات العربية المتحدة وإيطاليا والكونغو ومصر والجزائر وتركيا.

وتشهد العاصمة الليبية منذ ايام وقفا لاطلاق النار بين أطراف الصراع في ليبيا وهو ما مثل مؤشرا ايجابيا للذهاب نحو مؤتمر برلين الذي يسعى لتوحيد المواقف الدولية تجاه الأزمة الليبية ومساعدة الفرقاء الليبيين على العودة لطاولة الحوار.وبالرغم من التفاؤل الذي يسبق المؤتمر فان استمرار التدخلات التركية السلبية في ليبيا تنذر باجهاض محاولات ارساء السلام في البلاد.





إلى ذلك،يواصل أردوغان ألاعيبه في ليبيا ففي الوقت الذي يدعي فيه التزام بلاده بالبحث عن حلول سلمية للأزمة الليبية ودعمها للجهود الدولية لاعادة الفرقاء الليبيين الى طاولة الحوار،يواصل استغلال الهدنة التي أعلنت في طرابلس منذ أيام لتمرير مخططاته في ليبيا عبر مزيد ارسال الأسلحة والارهابيين الى الأراضي الليبية في مؤشر على نوايا أردوغان الساعية لاجهاض محاولات احياء السلام في البلاد.

وقال الضابط بالجيش الليبي المقدم مهندس جبريل الشيخى -في تصريح خاص لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية"،أن "أردوغان ضرب اتفاقية وقف إطلاق النار التي تقدم بها الرئيس فلاديمير بوتن عرض الحائط وقيامه بتزويد الجماعات الإرهابية في طرابلس، وبالتحديد مطار معيتيقة الذي زود بمنظومة دفاع الجوي الذي قدمته تركيا كجزء من المساعدة العسكرية لحكومة اللاوفاق بقيادة المدعو فايز السراج".

واضاف الشيخي أن أردوغان "قام بإرسال عدد 2000 عنصر إرهابي من الجنسية السورية، والتي تكفلت حكومة اللاوفاق بدفع رواتب مالية كل نهاية شهر بقيمة 2000 دولار يأتي ذلك في إطار دعم الجماعات الإرهابية بالمرتزقة والإرهابيين شديدي الخطورة لوقف زحف القوات المسلحة العربية الليبية التي دخلت إلى أجزاء كبيرة من مدينة طرابلس المحتلة"، حسب تعبيره.


ونقلت "العربية"،مساء الخميس،عن مصادر تأكيدها بدء تركيا إرسال معدات عسكرية ودفاعية جديدة إلى ليبيا، إضافة إلى إرسال أجهزة اتصال ومعدات إلى الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق في العاصمة طرابلس.كما قامت تركيا بإرسال خبراء عسكريين جدد إلى طرابلس إلى جانب 40 شخصاً من القوات الخاصة التركية، في وقت نقل مستشارون تابعون لحكومة الوفاق مقر إقامتهم إلى تركيا.





وكرر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تأكيده، الخميس، قبيل أيام من مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية، أن بلاده ستبدأ بإرسال قوات إلى ليبيا، دعماً لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.وأضاف أردوغان، الذي تحدث في أنقرة، أن بلاده ستستمر في استخدام كل الوسائل الدبلوماسية والعسكرية لضمان الاستقرار إلى الجنوب من أراضيها بما في ذلك ليبيا على حد زعمه.

ولا يبدو أن تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان، تريد حقا الوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة بين الفرقاء الليبيين، إذ تعمل أنقرة على نقل المقاتلين المتشددين السوريين إلى طرابلس وإعادة إحياء تنظيم "داعش" في ليبيا، في وقت يستعد فيه المجتمع الدولي لمؤتمر برلين، لإحلال السلام في بلد عمر المختار.






وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان تحصلت بوابة إفريقيا الإخبارية على نسخة منه، استمراره في رصد ومتابعة عملية نقل المقاتلين التي تقوم بها تركيا من سوريا إلى داخل الأراضي الليبية، مضيفا، أن عملية تطوع مقاتلين موالين لتركيا في صفوف المرتزقة الذين يذهبون إلى ليبيا، متواصلة على قدم وساق على الرغم من النشر الإعلامي".

وأشار المرصد إلى ارتفاع عدد المجندين الذين وصلوا إلى العاصمة الليبية "طرابلس" إلى نحو 1750 "مرتزق"، في حين أن عدد المجندين الذي وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1500 مجند، وسط استمرار عمليات التجنيد بشكل كبير سواء في عفرين أو مناطق "درع الفرات".كما رصد المرصد السوري مقتل ما لايقل عن 5 مرتزقة من فصائل "الجيش الوطني" الموالي لتركيا خلال المعارك الدائرة في ليبيا، حيث وصلت جثث بعضهم إلى منطقة عفرين شمال غرب حلب.

وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية قد نشرت،الأربعاء، تقريراً قالت فيه إنّ ألفي مقاتل سوري قد وصلوا، أو سيصلون قريباً إلى ليبيا قادمين من تركيا، للقتال إلى جانب حكومة الوفاق غير الشرعية، التي يترأسها فايز السراج.ونقلت الصحيفة، عن مصادر سورية، تأكيدها أنّ 300 عنصر من الفرقة الثانية فيما يعرف بـ "الجيش الوطني السوري"، وهو مجموعة من المقاتلين تدعمهم أنقرة، دخلوا تركيا عبر معبر حور كلس العسكري، في 24 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كما دخلت مجموعة أخرى قوامها 350 عنصراً، في 29 كانون الأول (ديسمبر)، لتلقي التدريبات الضرورية قبل إدماجهم في ساحات الحرب في تركيا ضدّ الجيش الليبي.

وفي سياق متصل،أكدت الولايات المتحدة عودة "داعش" إلى ليبيا، ونقل تركيا لنحو 2000 من المتشددين السوريين، إلى الأراضي الليبيبة.وقال بول سيلفا، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب بدأت ملاحظة طفرة "صغيرة" في أعداد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا منذ بدأ الجنرال خليفة حفتر المعركة في العاصمة طرابلس قبل أكثر من شهرين.

ونقل موقع "المونتيور" عن سيلفا قوله إن المعركة المتوقفة حاليا من أجل استعادة طرابلس تعطي مساحة للتنفس للإسلاميين وعودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى البلاد.وأضاف المسؤول العسكري الأميركي إن المعركة نزعت الانتباه عن داعش، مشيرا إلى أنه تمت ملاحظة "تجدد صغير لمعسكرات داعش في المنطقة الوسطى".وأوضح أن "القوات الأميركية التي تساعد في قتال داعش غادرت ليبيا في أبريل الماضي مع تدهور الأوضاع الأمنية"، معبرا عن قلقه من أن يصبح داعش "طرفا ثالثا في القتال في ليبيا".





وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد حذر من أن التدخل العسكري التركي في ليبيا "يجعل الوضع أكثر تعقيدا"، مشيرا إلى أن هذا التدخل سيخلق المزيد من الارتباك.وقال الملك عبدالله الثاني في مقابلة صحافية إن عدة آلاف من المقاتلين الأجانب قد غادروا إدلب وانتهى بهم المطاف في ليبيا، وهذا أمر على الجميع في المنطقة العربية وفي أوروبا مواجهته، ويتوقع أن يكون هذا الأمر من أكبر التحديات والتهديدات التي سيعيش على وقعها العالم في عام 2020.

وبدوره أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف،إن المتطرفين يخسرون مواقعهم في إدلب السورية، وهم ينتقلون إلى ليبيا.ونقلت "روسيا اليوم" عن لافروف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السريلانكي عقد الثلاثاء في كولومبو،قوله "تسيطر الحكومة الشرعية على 90% من الأراضي السورية. يفقد المتطرفون مواقعهم تدريجيا فيما تبقى من البؤر الإرهابية، في إدلب على وجه الخصوص، لكن مع الأسف، إذا تحدثنا عن العلاقة بين سوريا وليبيا، فإنهم (المتطرفون) ينتقلون إلى ليبيا من أجل مواصلة أعمالهم في هذا البلد".

وسبق أن أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر صحفي مع المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل في موسكو ،أن عملية نقل الكثير من الارهابيين من ريف إدلب إلى ليبيا "أمر بالغ الخطورة" وقال:"حسب المعلومات التي تتوافر لدينا هناك عدد كبير من المسلحين الذين تم نقلهم إلى ليبيا من منطقة خفض التصعيد في إدلب.. هذه العملية خطيرة جدا".واشار بوتين إلى أن استمرار القتال في ليبيا يساعد على نمو الإرهاب ويقوض الأمن والاستقرار في المنطقة وله انعكاسات سلبية على أوروبا.

وسرعت تركيا منذ أشهر عمليات نقل العناصر الارهابية من سوريا الى ليبيا في محاولة لعرقلة دخول الجيش الليبي الى العاصمة.وكشفت تقارير ليبية وعربية سابقة،أنّ السلطات التركية كثفت من عمليات تجميع العناصر الإرهابية الفارة من المعارك في سوريا، خاصة أفراد تنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش"؛ حيث شرعت في نقلهم جواً إلى الأراضي الليبية لدعم الميليشيات المسلحة المنتشرة في العاصمة طرابلس. وتحدثت لجنة الدفاع والأمن القومي في يوليو الماضي عن وصول إرهابيين من مدينة إدلب السورية للقتال إلى جانب "ميليشيات طرابلس" متهمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنقل مقاتلين أجانب من سوريا إلى ليبيا وفقا لبيان صادر عن اللجنة.

ويشير مراقبون الى أن تركيا تسعى لتحويل ليبيا الى ملاذ جديد للتنظيمات الارهابية وخاصة "داعش" خدمة لأجنداتها التي تقوم على نشر الفوضى في المنطقة. وفقد التنظيم المتطرف مناطق سيطرته في الساحة الليبية ومنها معقله في مدينة سرت الساحلية، لكن تقارير دولية ومحلية متطابقة أكدت أن شقا من عناصره انصهر في وسط السكان، فيما توارى الشق الآخر في الجنوب الليبي مترامي الأطراف حيث تنتشر العصابات الإجرامية وعصابات التهريب.

وتصاعدت خلال الأشهر الأخيرة تحركات مقاتلي التنظيم الإرهابي الذين استغلوا الفراغ الأمني والعسكري نظرا لانشغال القوات الليبية المسلحة التابعة للجيش بمعارك مسلحة مع قوات حكومة الوفاق الوطني. وبدا واضحا أن التنظيم الإرهابي يسعى الى إعادة ترتيب صفوفه بعد الهزائم التي مني بها في عدة مدن ليبية والتي دفعته للتحصن بالصحراء الليبية الشاسعة.ويمثل نقل عناصر ارهابية جديدة الى ليبيا عبر تركيا مجالا مناسبا للتنظيم لتكثيف انتشاره في الأراضي الليبية مجددا.

وقد سبق أن جعَل التنظيم من ليبيا في الفترة من 2015-2016 قلعةً له في شمال أفريقيا،قبل أن تسقط معاقله فيها لكنه ظل محافظا على تواجده من خلال شن عمليات متفرقة هنا وهناك فيما تواصل خلاياه النائمة التحرك في عدة مناطق .ومن أهم الأسباب التي تدفع تنظيمَ داعش، لاختيار ليبيا كمعقلٍ له، هو الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمعظم جيرانها، ما قد تجعلهم هدفًا سهلًا للتنظيم، بالإضافة إلى موقع ليبيا الجيوسياسي، حيث تقع على حافَة منطقة الساحل، ممّا يسمح لتنظيم داعش بالتوسُّع نحو غرب أفريقيا، ومحاولة التحالف مع "بوكو حرام" التي تنشر الرعب في نيجيريا، وفي منطقة بحيرة تشاد، جنوب النيجر وشمال الكاميرون.

وتثير التدخلات التركية مخاوف من افشال الجهودالدولية لاعادة احياء عملية السلام في ليبيا،واعتبرت الخارجية المصرية، إعلان الرئيس التركي، حول خطط بلاده الخاصة بإرسال قوات إلى ليبيا، دليلًا على خرق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ويُنذر بمزيد من تدويل الأزمة الليبية.وأوضحت الخارجية المصرية، في بيان لها صدر في وقت سابق، أن إعلان تركيا إرسال قوات إلى ليبيا، "سيؤثر سلبيًا على مؤتمر برلين والوضع داخل ليبيا"، فيما لم يستبعد رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي احتمال نشر قوات أوروبية لدعم السلام في ليبيا، مؤكدا أن هذه المسألة مدرجة على أجندة مؤتمر برلين المزمع الأحد المقبل.