الانطلاقة الهشة الأسبوع الماضي لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة في ليبيا تُقرِّب الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، مجددا من العمل العسكري هناك، لكن مجموعة من العقبات ستختبر قدرة الدول الغربية على تأمين البلاد التي تشهد تطرفا وحربا اهلية. وقد تصاعد التوتر بعد وصول فايز السراج، الذي اختير رئيسا للوزراء في إطار عملية سلام أممية ، إلى طرابلس على متن قارب من تونس. ورحب مسؤولون غربيون باستقراره في العاصمة الليبية في دلالة على أن الانقسام السياسي الذي دام عامين في البلاد قد حانت نهايته - على الرغم من وجود حكومات متنافسة في طرابلس وشرق البلاد.

الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، بما في ذلك إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، جعلوا من إنشاء حكومة الوحدة شرطا مسبقا أساسيا لإطلاق بعثات مشتركة لبدء جهود تثبيت الاستقرار والمساعدة في مكافحة نفوذ داعش المتزايد هناك.

وتعتري مثل هذه المهام صعوبات بينها التوترات بين الميليشيات التي تأمل الدول الغربية في أن تشكل جبهة موحدة ضد الجماعات الإرهابية ، فضلا عن تردد بعض الدول الأوروبية ، حتى المتوسطية منها ، في الانغماس مجددا في غمار فوضى ليبيا.

ويأتي هذا التقدم السياسي المبدئي مع تحرك الولايات المتحدة قدما في خططها لشن هجمات مكثفة ضد فرع داعش في ليبيا، وحيث يملك التنظيم أكبر عدد من المقاتلين خارج قواعده في العراق وسوريا.

مهندسو القيادة الأميركية في أفريقيا يضعون في الوقت الراهن عشرات الأهداف الليبية التي يمكن أن تستهدفها الطائرات الحربية الأمريكية أو الأوروبية. و تتراوح الأهداف من مدينة سرت، حيث أوجد التنظيم المتطرف ملاذا له، إلى أجدابيا، وصبراتة ودرنة معقل التنظيم. وقد نفذت طائرات أميركية ضربات ضد التنظيم هناك مرتين منذ الخريف الماضي.

كما تسعى وزارة الدفاع الأمريكية إلى تحسين التنسيق بين القوات الأميركية الخاصة ونظيراتها الفرنسية والبريطانية، التي أنشأت خلايا صغيرة على الأرض، لخطب ود ميليشيات صديقة يمكن أن تواجه المقاتلين المتطرفين.

إلا أن بن فيشمان، الذي كان مسؤولا في البيت الأبيض عن ملف ليبيا ، يقول إن الحملة الامريكية ضد داعش في ليبيا من المرجح أن تكون أكثر تواضعا في نطاقها مقارنة بالعمليات التي يقودها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسوريا.

وأضاف أن "الورقة المجهولة هي، بطبيعة الحال، معرفة ما إن كانت هناك اتصالات بين ليبيا والتهديدات الإرهابية في أوروبا".

وعلى المسؤولين في القيادة الأميركية في أفريقيا أيضا أن يتعاملوا مع تحديات شن العمليات في منطقة تفتقر إلى البنية التحتية العسكرية التي تتوفر عليها الولايات المتحدة في أماكن أخرى في الشرق الأوسط.

ويواصل المسؤولون الأميركيون السعي للحصول على إذن من الدول المجاورة للسماح للطائرات الأمريكية بالقيام بمهام استطلاع واستهداف. وحتى الآن، ترفض تونس والجزائر ذلك ، وهذا يعني أن الغارات من المحتمل أن تنطلق من المنشآت العسكرية في إيطاليا وإسبانيا أو اليونان، أو من مناطق أبعد كبريطانيا.

إن احتمال تدخل غربي آخر في ليبيا قسَّمَ شمال أفريقيا. فتونس تواجه تهديدات إرهابية جدية ولا تريد هجمات جديدة عليها، فيما تعارض الجزائر بشكل قاطع أي تدخل خارجي. أما مصر فتدعم بالفعل الفصائل الشرقية في ليبيا. لكن التحدي الأكبر سيكون على الأرجح الانقسامات بين الفصائل الليبية المسلحة التي لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك الميليشيات التي تشكلت أثناء ثورة 2011، وبقايا كتائب معمر القذافي. وتأمل واشنطن بناء قوة متماسكة من بين تلك الجماعات لمواجهة تنظيم داعش.

ووفقا لمسؤول ليبي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته ، فإن الولايات المتحدة قد تحاول حشد القوات لمهاجمة معقل داعش في سرت انطلاقا من مصراتة، وهي مدينة مزدهرة في الجهة الغربية، وأيضا من أجدابيا، حيث يقود زعيم ميليشيا محلية إبراهيم الجضران قوة مهمة لحماية المنشآت النفطية.

لكن محللين يحذرون من أن قتال الدول الغربية للمجموعات المسلحة، قد يذكي العنف الطائفي ويقلل من فرص المصالحة الوطنية. "أود أن أحذر من أي تدخل دولي من هذا النوع، بهذا الشكل وفي هذا الوقت، دون وجود خطة متماسكة لتعاون هذه المجموعات" يقول أنس القماطي، مدير معهد صادق، وهو مؤسسة بحثية في ليبيا ، ويضيف "إذا كانوا يقاتلون بعضهم البعض، كيف سيحاربون داعش؟" ويـأمل مسؤلون أمريكيون حصول استيعاب تدريجي لقوات الميليشيات في جيش وطني جديد أو على الأقل شبكة من القوى المحلية أو القبلية المدعومة من الدولة.

بعد شهور من المحادثات ، لم تقدم الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية بعد أي التزامات عسكرية ملموسة لما يعرف ببعثة ليبيا للمساعدة الدولية، ما قد يقوض الحكومة الوليدة، التي تحتاج إلى ترسيخ شرعيتها وفرض النظام.

وقد وعدت إيطاليا بتوفير نصف الموارد على الأقل لهذا الجهد، الأمر الذي يمكن أن يجلب الآلاف من القوات الإيطالية أو غيرها من القوات الأوروبية إلى طرابلس لتقديم المشورة للقوات المحلية على تأمين العاصمة.

ولكن، في تجلّ لإحجام الدول الأوروبية عن الانجرار إلى حملة خارجية محفوفة بالمخاطر، وضعت روما أيضا سلسلة من الشروط لإرسال قواتها، بما في ذلك استصدار قرار لمجلس الأمن للأمم المتحدة و- الأكثر إشكالية - استتباب الأمن الكافي في طرابلس قبل انتشار القوات الإيطالية .

وقال كريم مزران، وهو باحث ليبيا في المجلس الأطلسي إن المحادثات التي تقودها إيطاليا لم تسفر حتى الآن عن خطة متماسكة لمساعدة حكومة. السراج المرتقبة على مواجهة خصومها المتطرفين.

وهذا "يقودنا إلى طرح السؤال الذي طرحته من البداية: من الذي سيقدم للحكومة الجديدة الدعم الذي تحتاجه على الأرض؟".

ويقول مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إن نهجهم الحذر سيعطي الحكومة الجديدة الوقت لتحديد وطلب المساعدة الخارجية الصحيحة. لكنهم يعترفون أيضا بأن هناك نافذة محدودة لمساعدة الحكومة سراج على إثبات شرعيتها.

لكن ، لا يبدو حتى الآن أن الخطط الغربية تأخذ في الاعتبار الانتشار الواسع للتطرف ، ما جعل ليبيا مرتعا للجماعات الإسلامية منذ عام 2011. وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر اقترح مؤخرا أن الليبيين، سوف يقومون: "لطرد القوات الأجنبية إلى حد كبير. الليبيون لا يحبون الأجانب الذين يأتون إلى أراضيهم" ، في إشارة إلى داعش.

وبينما تدفق المقاتلون من شمال أفريقيا ودول أخرى للانضمام إلى صفوف التنظيم المتطرف في ليبيا، يعتقد مسؤولون بالمخابرات الامريكية أن غالبية المقاتلين هم من ليبيا.

ومن الداعمين المحليين للتنظيم ، رجال القبائل المهمشة، وموالون لنظام القذافي وشباب من بعض الجماعات المتطرفة التي ازدهرت في ليبيا منذ عام 2011. وفي غرب ليبيا، ساهم المهربون والعصابات الإجرامية أيضا في صعود داعش.

لكن ، لا يبدو حتى الآن أن الخطط الغربية تأخذ في الاعتبار الانتشار الواسع للتطرف ، ما جعل ليبيا مرتعا للجماعات الإسلامية منذ عام 2011. وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر اقترح مؤخرا أن الليبيين، سوف يقومون: "لطرد القوات الأجنبية إلى حد كبير. الليبيون لا يحبون الأجانب الذين يأتون إلى أراضيهم" ، في إشارة إلى داعش.

وبينما تدفق المقاتلون من شمال أفريقيا ودول أخرى للانضمام إلى صفوف التنظيم المتطرف في ليبيا، يعتقد مسؤولون بالمخابرات الامريكية أن غالبية المقاتلين هم من ليبيا.

ومن الداعمين المحليين للتنظيم ، رجال القبائل المهمشة، وموالون لنظام القذافي وشباب من بعض الجماعات المتطرفة التي ازدهرت في ليبيا منذ عام 2011. وفي غرب ليبيا، ساهم المهربون والعصابات الإجرامية أيضا في صعود داعش.

وتقول كلوديا كازاني، المحللة للشأن الليبي في مجموعة الأزمات الدولية ، إن داعش يحتفظ ببعض الجاذبية بالنسبة لليبيين ، وكثير منهم يعتبرون أن التنظيم يمثل أهون الشرين مقارنة مع الميليشيات والفصائل المتنافسة الأخرى.