في خضم المعركة المحتدمة التي يشنها الجيش الليبي على المجموعات المسلحة في طرابلس، ومع اشتداد الحرب واقتراب الحسم بفرار أغلب تلك المجموعات ودحرها في أكثر من منطقة بالعاصمة، لم يعد خافيا على القاصي و الداني الدور الذي تلعبه أنقرة في البلاد و حقيقة مطامعها في حصة من الكعكة الليبية عن طريق التحالفات التي تعقدها في الداخل الليبي بحيث تسهر و ترعى مصالحها.
حيث قال عضو مجلس النواب الليبي سعيد امغيب، السبت في تصريحات صحفية:" إن مطالبة تنظيم الإخوان بتدخل تركي، يعتبر اعترافًا صريحًا من قبل الجماعة بأن تركيا هي الملاذ الأخير لهم، وهي السبب في المشكلات التي تعاني منها الدولة الليبية، مشيرًا إلى أن ذلك بمثابة توريط لحكومة رجب طيب أروغان؛ بتهمة التدخل في شأن دولة ذات سيادة دون موافقة المجتمع الدولي".
وأكد عضو مجلس النواب، أن المطالبات جماعة الإخوان الإرهابية بالتدخل التركي المباشر وتوقيع اتفاقيات عسكرية مشتركة.
وفي هذا الإطار كشف المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي أحمد المسماري، في مؤتمر صحفي، الأسبوع الماضي، عن تدريب أكثر من 9500 إرهابي في ليبيا منذ 2011، تم إرسالهم فيما بعد إلى سوريا، متهمًا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالاستمرار في دعم الميليشيات المسلحة بمدينتي طرابلس ومصراته.
في وقت سابق، كشفت صحيفة "أحوال" التركية عن سياسة تركية منظمة لنقل المقاتلين الجهاديين الفارين من الحرب السورية نحو ليبيا. وقالت الجريدة في تقرير نشرته الجمعة، تحت عنوان " أصابع تركية في نقل المقاتلين إلى ليبيا": "تعمل تركيا على إرسال المتشددين من عناصر جبهة النصرة من سوريا إلى ليبيا، لمساندة الميليشيات هناك، وذلك بعد أن قامت بتدريبهم على المعدّات التي تمّ إرسالها من قبلها، وإنزالها في ميناء مصراتة، ما يشير بأنّ الأمر كان مبيّتاً ومخطّطاً له منذ مدّة، وأنّها تستكمل مشروعها التخريبي بالمنطقة، انطلاقاً من رعايتها للعصابات المتطرفة، وهي التي تعرف بأنها أحد أكبر الدول الراعية للإسلام السياسي في المنطقة.
وأضافت: "وحين شعرت تركيا أنّ حلفاءها يكادون يفقدون مواقعهم في طرابلس، بعد أن ضيّق الجيش الليبي الخناق عليهم، عزّزت صفوفهم بمرتزقة مدرّبين تدريباً عالياً على مدرّعات (بي إم.سي كيربي) التركية الصنع، وغيرها من الأسلحة المتطورة، كان تستخدمهم في إدلب بسوريا، وأرسلتهم مع المعدّات التي تمّ تدريبهم سابقاً عليها، ما حال دون تحرير طرابلس، وتسبّب بمزيد من الخراب فيها. ولا يخفى أنّ تكتيكات المناورة في مدرّعات (بي إم.سي كيربي)، وأجهزة التشويش واستخدام أدوات الرصد بطائرات مسيرة من دون طيار، أحدثت فرقاً كبيراً على أرض المعركة، وأعادت المتشددين إلى ساحة القتال، ودعمت صفوفهم بتلك الأجهزة ذات التكنولوجيا المتقدمة، ما استفزّ خليفة حفتر الذي شخّص بأنّ الأتراك هم العدوّ رقم واحد لليبيين، وأطلق عملية الكرامة داعياً إلى طردهم وكفّ أذاهم عن بلاده".
ويأتي إرسال المقاتلين، ضمن وسائل أخرى للدعم، منها إمدادهم بطائرات مسيرة استخدمت في الهجمات الإرهابية، ومشاركة عناصر تركية في القتال، وتقديم تركيا الاستشارات والمعلومات العسكرية.
وتحول الدعم التركي من السرّ إلى العلن مع بداية إعلان الجيش الليبي معركة طرابلس في أبريل الماضي، إذا لم يعد لتركيا ما تخفيه بعد أن افتضح أمر إرسالها شحنات أسلحة لجماعات مسلحة منها أذرع جماعة الإخوان على مدى سنوات الصراع الماضية.
وأقرت حكومة الوفاق بتلقيها دعما عسكريا تركيا سخيا منها طائرات مسيرة، ضمن ما قالت إنها اتفاقيات تعاون عسكري مع أنقرة.
وتعهدت أنقرة علنا بدعم حكومة الوفاق في مواجهة عملية الجيش الليبي بكل الوسائل المتاحة، في تطور سلط الضوء على رغبة جامحة لإيجاد موطئ قدم في ليبيا يعزز التغلغل التركي في إفريقيا.
ورغم القرار الدولي بحظر السلاح عن ليبيا، لم تجد أنقرة حرجا في النزول بثقلها في دعم حكومة الوفاق التي يقول خصومها إنها وقعت رهينة لجماعة الإخوان المسلمين وأذرعها.
ولم يتوقف الدعم التركي عند الجانب العسكري فقط، بل وصل الأمر إلى فتح تركيا مستشفياتها لعلاج جرحى الوفاق في معركة طرابلس؛ حيث استقبلت إسطنبول عشرات الحالات الطارئة لتلقي العلاج اللازم، وفقًا لجهاز الإسعاف في طرابلس خلال الفترة الماضية.