مازال التعليم في ليبيا يرسم فصلا آخر من فصول بلاد منكوبة، نظرا لسياق الفوضى العام الذي تعيشه المؤسسة التعليمية، إذ أمست اليوم من أكثر الكيانات التي تجابه حالة اللااستقرار.

وبالرغم من تعدد حملات الإستنكار إلا أنه لا سياسات إصلاحية ملموسة،حيث أن تدمير التعليم هو تحطيم مستقبل البلاد المتمثل في أجيالها القادمة المتطلعة لغد أفضل. ففي  بداية العام الدراسي (7 أكتوبر) اعتصم  العديد من المعلمين في المنطقة الشرقية احتجاجا على تجاهل المسؤولين لمطالبهم المتمثلة في زيادة الرواتب والتأمين الصحي وحماية المعلم وقدسية الأماكن التعليمية. بينما في المنطقة الغربية، تقام سلسلة من الامتحانات والاختبارات للمعلمين من أجل قبولهم من جديد في السلك الوظيفي، الذي صار بحاجة إلى تطوير وتصفية للعديد من الأشخاص غير الأكفّاء. لكن لا أحد من الطرفين راضٍ عن إدارة وزارته، ولا الوزارات راضية على المعلمين التابعين لسلطتها، فيقرر بعضهم الاعتصام وبعضهم المشاركة والتماهي مع قرارات الدولة، التي لا تتخذ أي إجراءات من شأنها فض هذا النزاع الطويل.

أما في الجانب الآخر، فإن معاناة الطلاب لا تعرف نهاية في ظل صراع النقابة و وزارة التعليم، فهم يحجزون مقاعدهم في الفصول ويشترون كتبهم المدرسية بمبالغ ليست قليلة، ويدرسون في جو غير مناسب أبدا، لا نفسيا ولا صحيا.

أما لوجستيا فالوضع ليس أفضل من غيره ،فالشبابيك مكسورة ومقاعد لا تصلح للجلوس يشترك فيها من ثلاثة إلى أربعة طلاب، ودورات مياه متهالكة ومطاعم مدرسية قديمة وغير نظيفة ولا تعطي الطلاب أي بيئة صحية، هذه كلها مشاكل لا ترد في مطالب الوزارة ولا مطالب التعليم، فالطلاب لا أحد يدافع عن حقوقهم.

ويرى مراقبون أن هذه الظروف لا يمكن أن تنتج نخبا تحمل لواء الإصلاح و التغيير فالطالب الليبي زيادة عن تأثره بالسياق العام الغير مشجع على الدراسة فإنه لا يجد تشجيعات داخل أسوار المدرسة.

وتطلق المؤشرات الدولية صيحة فزع حول وضع التعليم في ليبيا،حيث أعلن مؤشر التنمية البشرية لسنة 2018 الصادر من منظمة الأمم المتحدة تراجع ترتيب الدولة الليبية من الرتبة 82 إلى 108، بعد دولة اليمن التي تراجعت من 158 إلى 178، وقبل سوريا التي تراجعت من 128 إلى 155.

واحتل النظام التعليمي الليبي المرتبة 142 من 144 في آخر إحصائية لتقرير الجودة الشاملة وفقا لمنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2013 ، وهي مرتبة تدل دلالة قاطعة على أن مخرجات التعليم في ليبيا ضعيفة جداً، التقرير أشار أيضاً إلى نقص حاد في تدريب المعلمين، حيث تم تصنيف ليبيا في المرتبة 140 من أصل 144 بلداً تم تقييمها في المنطقة، كما أورد أن النظام التعليمي الليبي يعاني من نقص المعلومات، ولا سيما البيانات المتعلقة بكفاءة أداء المعلمين ومدراء المدارس.

يرى متابعون أن تردي الوضع التعليمي مرده إنكباب الحكومات المتعاقبة على تصفية حسابات سياسيوية دون النظر في الملفات الحيوية و أهمها حق المتمدرسين في تلقي تعليم لائق يؤهلهم للعب دور القيادة و التسيير في قادم السنوات خاصة و أن ليبيا أنتجت نخبا مشهودا لها في كبريات الجامعات الدولية.

و بالرغم بعض التحركات الإصلاحية لوزارة التعليم إلا أنه يصفها البعض أنها تفتقر للجرأة الكافية،إذ ناقش وزير التعليم في حكومة الوفاق، عثمان عبد الجليل، خلال الجلسة الثانية للاجتماع العادي الثالث لوزارة التعليم مع مراقبي التعليم بالبلديات بصبراتة في الشهر الماضي جملة من الموضوعات ذات العلاقة بالعملية التعليمية، بحسب جدول الأعمال المعد ومستجداته.

ووفق صفحة الوزارة على الفيسبوك، فقد شدد عبد الجليل على مراقبي التعليم بمباشرة أعمالهم ابتداء من يوم الغد من خلال اللجنة المشكلة سابقا بشأن تقييم وتصنيف مؤسسات التعليم الخاص ومراجعة التصنيفات الصادرة عن إدارة التعليم الخاص بالوزارة ومدى مطابقتها للواقع الحالي.

وقال مدير إدارة التعليم الخاص، عمران العموري، خلال الاجتماع إن الإدارة عملت على إعداد منظومة خاصة لجميع المدارس ووضعت خطة لتصنيفات المدارس وإعداد منظومة خاصة بالمدارس الليبية بالخارج.

من جهته، شدد وكيل الوزارة، عادل جمعة، الذي حضر الاجتماع على مراقبي التعليم بالتقيد وتنفيذ قرار الوزير بشأن تبعية منزلية التعليم لمرحلة التعليم الأساسي والالتزام بما جاء في لائحة تنظيم شؤون التعليم العام، على أن تقتصر على تلاميذ الاحتياجات الخاصة والمقيمين خارج البلاد.

وفي ذلات السياق، قالت مدير المركز العام للتدريب وتطوير التعليم، مسعودة الأسود، إن نسبة الإنجاز في البرنامج التدريبي لمعلمي اللغة الإنجليزية وصل إلى 56%، مؤكدتا أن 1950 معلم لغة إنجليزية جاهزون للتدريس بالصفوف الأولى من مرحلة التعليم الأساسي.