في مارس من العام 2017 أعلن في ليبيا عن تأسيس نقابة عامة للمعلمين، معلنة أنها "تجمع كل شرائح المعلمين في كل المدن الليبية".  وضم مكتب النقابة، عبد النبي صالح، رئيسا للنقابة، ومحمد الفلاح، نائبا للرئيس، وعضوية كل من علي ابوبكر، فضل الشامخ ، وفتحي منصور.  وقالت النقابة إنها "ستسعى لضمان حقوق المعلم وحل المشاكل التي تواجهه، والمطالبة بحقوقه في ظل الدولة الحديثة، منها رفع سقف مرتبات المعلمين".


وتبدو النقابة الوليدة، في اطار انتعاش العمل النقابي في البلاد، بعد العام 2011، كعامل جديد متداخل في العمليّة التعليمية والتربويّة في البلاد، له تأثيراته بالتأكيد على هذا القطاع الذي يعيش بطبعه واقعًا صعبًا جدا، بسبب الفوضى العارمة التي تجتاح البلاد سياسيا وأمنيا وبفعل الإنقسام السياسي الذي تعيشه ويؤثّر على كافة مناحي الحياة.


** واقع صعب للتعليم في ليبيا: 


تعيش ليبيا منذ العام 2011 على وقع فوضى أمنية وسياسيّة كبيرة، انعكست على جميع القطاعات في البلاد، فمع تردّي الوضع الصحي وشح السيولة وانتشار الجريمة والاقتتال والهجرة الشرعيّة، يعيش التعليم في البلاد وضعا صعبًا، متأثرا بكل هذه العوامل ولكن أيضًا وخاصة بالانقسام السياسي حيث يسوس البلاد حكومتان، لكل منهما وزارة للتربية، ولكل منهما اداراتها وبرامجها ومشاريعها.

حكومة الوفاق ومقرها في طرابلس، والحكومة المرقتة من البيضاء شرقًا، يعملان بشكل متواز دون تنسيق يذكر، مشاريع متوازية لقطاع حيوي واحد، يجعل قطاع التعليم في البلاد يعيش أزمة لا فقط آنية ومرحلية بل مشكلا عميقا قد يكون له تأثيره الكبير على التعليم في البلاد لسنوات طويلة.

غياب الأمن والفوضى الأمنية، كانا سببا كبيرا في إغلاق العديد من المؤسسات التعليمية، والغاء الدروس وتأجيل الامتحانات، في مختلف مدن البلاد، مع ما يطرحه ذلك من مشاكل جانبية كمشاكل النقل المدرسي والاطار التربوي، وتشوش البرامج المدرسية واضطراب في النتائج والمناظرات الوطنية الكبرى.

المشاكل الاقتصادية تلقي بظلالها كذلك بشكل كبير على العملية التعليمية في ليبيا، غياب السيولة يؤثّر على القدرة الشرائية للمواطنين وقدرتهم على توفير تعليم جيد لأطفالهم، كما يمس شريحة المعلمين الذين يعانون من تأخير الرواتب وضعفها ومن أوضاع معيشية صعبة لا تساهم في انتاج مردودية بيداغوجية وتعليمية جيدة .

هذا الوضع الصعب لواقع التعليم في البلاد، يطرح على النقابة الوليدة معارك كبيرة من أجل الدفع نحو تحسين الظروف الاقتصادية واللوجيستية والضغط على الحكومات في البلاد للعمل أكثر على دعم هذا القطاع الحيوي والأساسي.


** نقابة المعلمين عنصر جديد يدخل الساحة: 


بعد سنوات من منع العمل النقابي في البلاد، انتعشت الحركة النقابية في ليبيا بعد العام 2011، وسقوط نظام العقيد معمّر القذّافي، الذي رافقته فوضى سياسيّة وأمنية عارمة مازالت البلاد تدفع ضريبتها الى اليوم وبعد سبع سنوات. وفي هذا الإطار تأسست في ليبيا، العام الماضي تأسيس نقابة عامة للمعلمين، قالت أنها "تجمع كل شرائح المعلمين في كل المدن الليبية".  مؤكّدة أنها "ستسعى لضمان حقوق المعلم وحل المشاكل التي تواجهه، والمطالبة بحقوقه في ظل الدولة الحديثة، منها رفع سقف مرتبات المعلمين".

وبدأت النقابة نشاطاتها بالمطالب بتحسين أجور المنضوين تحت القطاع، ودخلت في معارك سياسية وإضرابات وتهديدات بالإضراب، من أجل مطالب نقابية طالت جميع النواحي في قطاع تعليم.

ورغم صغر سنها وضعف التجربة والتراكم التاريخي للممارسة وضعف التقاليد، تبدو نقابة التعليم عاملا جديدا ومؤثرا يتداخل في القطاع، وينتظر منه الفاعلون في البلاد أن يكون قوة تأثير ودفع الى الأمام من أجل تحسين القطاع وتجويد الخدمات التعليمية في البلاد.