يسجّل المركز الحدودي البرّي، أم الطّبول، الواقع  بمدينة الطّارف (650 كلم شرقي العاصمة الجزائر)، خلال الأيام الأخيرة، توافد ما لا يقل عن الألفين إلى ثلاثة آلاف تونسي يوميا على الأراضي الجزائرية.

وكشف  مسؤول من مصلحة شرطة الحدود، للأناضول قائلا " تزايدت أعداد التونسييّن الوافدين على محافظات شرق البلاد مع حلول شهر رمضان الفضيل بنحو 70% تقريبا".

وأشار إلى أن أعدادهم لم تكن تتجاوز في الأيام العادية  حدود الألف  إلى 1200 كأقصى تقدّير، لكنّها قفزت إلى ما يفوق الـ 2000 زائر، بصفة يومية خلال الأسبوعين الأخيرين، وتجاوزت حدود الـ 3 آلاف زائر خلال الفترة التي سبقت رمضان".

وقال نور الدين عابد، وهو صحفي بمحافظة الطّارف الواقعة على الحدود مع مدينتي عيد الدراهم وطبرقة التونسيتين، لوكالة الأناضول "بأنّه منذ نحو ثلاث سنوات تقريبا، (أي منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي)، وبعدها انهيار نظام العقيد الليبي معمّر القذافي تزايدت أعداد التونسيين الذين يترددون على الجزائر، مرجعا ذلك إلى دخول ليبيا في فوضى أمنية وسياسيّة واقتصاديّة رهيبة، ولأنها كانت السوق الأولى للآلاف من التونسيين، الذين كانوا يجدون ضالتهم في السوق اللّيبية التّي كانت تحظى بدعم من خزينة سلطات معمّر القذافي، ما يجعل من أسعار مختلف المواد الغذائية والواسعة الاستهلاك أقل بكثير مما كانت عليه في تونس".

ويضيف "بعد انهيار ليبيا، وجه التونسيون بوصلتهم غربا باتجاه الجزائر، التي تتراجع فيها أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية مقارنة بما هو عليه الحال في تونس، خاصة وأن الحكومة الجزائرية تدعم مختلف المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك على غرار الزيت والسكر، والحليب والأجبان بمختلف أنواعها ومشتقاتها، فضلا على دعم الدولة الجزائرية للقمح والشعير ومادتي السّميد والفرينة اللّتين تدخلان في تشكيل وصناعة الخبز والرغيف، ويتمثل دعم الحكومة الجزائرية لهذه المواد من خلال رفع الرسومات الجمركية على عمليات استيراد هذه المواد الغذائية، وتمكين أصحاب المؤسسات والوحدات الإنتاجية من امتيازات ضريبية وتسهيلات تتعلّق برفع الأعباء الجبائية"

وأضاف قائلا "لهذه الأسباب يلجأ الكثير من التونسيين للسوق الجزائرية، خاصة عشية شهر رمضان الذي يتطلب احتياجات غذائية كبيرة، قد لا تتوفر في السوق المحلية التونسية على غرار جارتها الجزائرية".

وتعرف مختلف محافظات شرق البلاد بالجزائر، على غرار عنابة، سكيكدة، قسنطينة، سطيف، أم البواقي، وميلة، خلال الأيام الأخيرة، التّي سبقت الشّهر الفضيل، إقبالا كبيرا للتونسيين سواء كعائلات، أو كتّجار، ويقصد غالبيتهم مدن شلغوم العيد وتاجنانت بمحافظة ميلة، وكذا عين فكرون وعين البيضاء بمحافظة أم البواقي، فضلا على مدينة العلمة بسطيف والخروب وعين أسمارة بقسنطينة، وهي مدن تنشط في مجال الصناعات التحويلية والتجارة الكبرى الخاصة بالمواد الغذائية، وتطبق أسعارا بالجملة منخفضة للغاية وفي متناول الآلاف من الجزائريين والتونسيين.

وبمدينة عنابة، الغير بعيدة عن الحدود الجزائرية التونسية إلا بنحو 140 كيلومترا، دخلنا عشية رمضان، فضاء تجاريا وبالصدفة، التقينا بأفراد عائلة "سالم فتحي" القادمة من مدينة طبرقة التونسية، وقد أقتنت مجموعة من الأغراض والمواد الغذائية، في شكل السكر والزيت، والحليب والألبان والأجبان، وأخرى متعلقة بالعجائن والطماطم الصناعية، ولم تغفل حتى المياه المعدنية، وقال لنا المعني خلال حديث معنا: كل هذه المشتريات لم تتجاوز سقف الـ 8500 دينار جزائري، أي ما يعادل 60 يورو، ونحو 110  دينارا بالعملة التونسية".

وأضاف لقد أقتنيت احتياجاتي لنحو 20 يوما كاملة من شهر رمضان، هنا من الجزائر وبسعر خيالي، ولو أشتريت نفس الأغراض هذه من تونس لن أجد كل هذه الأنواع والماركات العالمية الرفيعة أولا، كما أنه من غير المعقول أن يتوقف السعر الإجمالي عند هذا الحد، بل سيتجاوز  حدود الـ 200 دينار تونسية"، مشيرا إلى أن الأسعار هنا في الجزائر مريحة للغاية، وفي متناول الجميع، فضلا عن سياسة الدعم التي تنتهجها الحكومة الجزائرية فيما يخص المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك والبقوليات الجافة والعجائن، انهيار قيمة الدينار الجزائري أمام الدينار التونسي يجعل من الأسعار مناسبة للغاية بالنسبة ألينا نحن كتونسيين".