على وقع أوتار القيثارة، وأشعار ابن زيدون وابن الخطيب الأندلسيين، قدمت الفنانة الجزائرية، سعاد ماسي، مساء أمس الخميس، ليلة سمر شبيهة بأمسيات ليالي مدينة قرطبة، على خشبة مسرح مهرجان موازين، غنت خلالها بنَفس أندلسي قديم وبلحن مٌحدث عصري، في أداء ثنائي مع عازف القيثارة الفرنسي "إيريك فيرنانديز".

العرض الذي قدمته الفنانة الجزائرية على مسرح الدورة الـ 13 لمهرجان "موازين إيقاعات العالم"، حمل عنوان "أصوات قرطبة"، حيث يستعيد العرض أشهر الأشعار الأندلسية التي نظمها شعراء أمثال ابن زيدون وابن الخطيب، في عصر شهد أوج الحضارة الإسلامية في بلاد الأندلس، ومثلت خلاله مدينة قرطبة، ملتقى ثقافي وفني.

راقصة الفلامينكو "صابرينا روميرو" التي أتحفت الجمهور بعروضها الراقصة، على إيقاعات دقات الطبول ونقر القيتارة، رحلت بالحاضرين إلى عوالم السهرات الغجرية، وعناد نسوة هذه القبائل (الغجر) وتمردهن، فيما أتحفت الفرقة الموسيقية الجمهور الذي توافد إلى صالة العرض بالمئات بمقطوعات موسقية تمزج بين اللحن العربي والتراث الفلامنكي الإسباني.

وفي مؤتمر صحفي عقدته، مساء يوم أمس الخميس، قبيل بداية الحفل، قالت سعاد ماسي، إن "أصوات قرطبة، هو بالأساس تكريم لهذه المدينة ولتاريخها العريقة، باعتبارها عاصمة عالمية للثقافة  في العصر الوسيط، وكحاضرة تعايشت بين أسوارها ديانات وأعراق مختلفة".

وأضافت ماسي أن فكرة هذا العمل الموسيقي المشترك مع عازف القيتارة الفرنسي "إيريك فيرنانديز" تعود لحوالي 10 سنوات، قبل أن يبدأ الفنانان في تنزيلها على أرض الواقع منذ 6 سنوات، وذلك عبر تلحين قصائد لرواد الشعر الأندلسي كابن زيدون وابن الخطيب وآخرين، إلى جانب تقديمها أغنية تتضمن مقاطع من أشهر قصائد الشاعر العربي "المتنبي" على إيقاع الفلامنكو، تقديرا لهذا الشاعر العربي الكبير.

واعتبرت ماسي، التي اشتهرت بأدائها لبعض الألوان الموسيقية الغربية، كالروك والسول والفانك، باللغة العربية، أن غناء هذه الأصناف الموسيقية باللهجات العربية  "هو أمر طبيعي" وانسجام مع روح العصر والموسيقى السائدة فيه.

من جانب آخر، دعت سعاد ماسي الفنانين العرب، إلى إيصال الإحساس بـ"الأمل والتفاؤل" للشعوب العربية، عبر أعمالهم الفنية، وذلك عوضا "عن قبولهم تسخير أنفسهم لخدمة أهداف سياسية، تحيد بهم عن الرسالة الفنية السامية التي يتوجب عليهم أدائها".

وكان جمهور العاصمة المغربية الرباط، استمتع خلال افتتاح فعاليات الدورة الـ13 للمهرجان الجمعة الماضية، بحفل فني يجسد تاريخ الأندلس منذ تأسيسها وحتى سقوطها، من خلال عرض موسيقي من تقديم فنانين من المغرب وإسبانيا وفرنسا والجزائر، حمل عنوان "أوقدوا النجوم: كان يا ما كان".

وتميزت الدورة الـ13 لمهرجان موازين، بحضور كوكبة من أشهر الفنانين العالميين و العرب في مقدمتهم المغني العالمي "جيستين تامبرليك"، والأمريكي "ني -يو" بالإضافة للفنان السعودي محمد عبدو، الذي من المرتقب أن يحي حفل اختام المهرجان السبت المقبل، والعراقي "كاظم الساهر"وآخرون.

ويحظى مهرجان "موازين إيقاعات العالم" بشهرة عربية وعالمية، مكنته من استقطاب اهتمام أبرز الفنانين العرب والعالميين، للمشاركة في إحياء حفلاته، كالمغنية الأمريكية الراحلة "ويتني هيوستن"، ونجم موسيقى الجاز الأمريكية "بي بي كينغ" وآخرين، كما يحظى بآلاف المعجبين من داخل المغرب وخارجه.

ويقول المشرفون على المهرجان، الذي تقيمه جمعية "مغرب الثقافات" برعاية من العاهل المغربي الملك محمد السادس، إنهم "يعمدون إلى تنويع العروض الفنية التي تقدمها الفرق الموسيقية القادمة من مختلف قارات العالم، لتمزج بين التراث الأفريقي والعربي الآسيوي، بالإضافة إلى الموسيقى الحديثة بمختلف ألوانها وجنسياتها وأصنافها تلبية لأذواق الجمهور المختلفة".