تشكل الغارات التي يصطلح على وصفها بالمجهولة عنصرا يميز المشهد الميداني في ليبيا الذي تختلط فيه الأوراق، لكنها تصب في صالح جهود الجيش في حربه الأساسية ضد كافة الجماعات المتطرفة.

وشنت طائرات، مجهولة الهوية، الاثنين، غارات على سرت التي أضحت في قبضة التنظيم المتطرف بالكامل. وتلك ليست المرة الأولى التي تشن فيها طائرات غير محددة الهوية غارات على التنظيم.

وقبل الغارة الأميركية التي وقعت الأسبوع الماضي على جماعة مختار بلمختار، شنت طائرات مجهولة أيضا في الليلة السابقة لذلك غارات استهدفت مخازن السلاح لجماعة أنصار الشريعة الإرهابية في اجدابيا.

ويقول الخبير الاستراتيجي المصري محمد مجاهد الزيات لسكاي نيوز عربية، إنه في غياب معلومات موثقة، فإنه لا يمكن تحديد مصدر الغارات أو التكهن بذلك"، مشيرا إلى وجود أطراف عدة مهتمة بإضعاف قبضة الجماعات المتطرفة ووقف اتساع نفوذها. 

وكانت طائرات مصرية قد شنت في منتصف فبراير الماضي غارات على تنظيم داعش في درنة عقب قيام التنظيم بذبح 31 عاملا مصريا. كما أفادت مصادر متطابقة بتنفيذ مجموعة من القوات الخاصة المصرية، بالتنسيق مع الجيش الوطني الليبي، في ذات الشهر، عملية نوعية قتل فيها أكثر من 100 عنصر من داعش في معسكر بجنوب مدينة درنة الليبية، وأسر العشرات، من بينهم مصريون وعرب وأجانب. ولم تعلق القاهرة على هذه العملية.

وتحدثت فرنسا في أكثر من مناسبة عن ضرورة التدخل الدولي في ليبيا للقضاء على البؤر الإرهابية في هذا البلد. ولفرنسا قوات في شمال مالي.

وتدعم العمليات غير معلنة المصدر من جهود الجيش الليبي الذي يركز حاليا على مناطق وسط الساحل التي أصبحت ملاذا لتنظيم الدولة وجماعات متطرفة أخرى.

وشن الجيش عمليات مكثفة في محيط مدينة درنة التي تعد معقلا أساسيا لتنظيم الدولة، وبدأ يحقق تقدما بالسيطرة على بعض القرى، كما شن هجمات في أجدابيا مستخدما الطيران الحربي.

وتقاتل جماعة تطلق على نفسها مجلس شورى المجاهدين وهي قريبة من القاعدة، ضد تنظيم داعش، فيما يعتبره مراقبون صراعا على النفوذ بين الجماعتين المتطرفتين.

ومن جهة أخرى، تخلي جماعة فجر ليبيا، وهي أكبر الجماعات المسلحة تنظيما وتعد الذراع العسكري للحكومة غير الشرعية، مواقع مهمة لصالح داعش، حيث سلمت التنظيم مدينة سرت الاستراتيجية.

ويعمل الجيش وفق هدف أساسي هو تطهير المدن الليبية من المتطرفين على كافة انتماءاتهم الفصائلية دون النظر إلى الاقتتال الذي يقع فيما بينهم، وهو ما ظهر جليا في استهدافه لتجمعات تنتمي لكل من داعش ومجلس شورى المجاهدين في أجدابيا. 

ويقول الزيات إن الجيش الليبي يرسخ رسالة مفادها أن الحكومة الليبية لن تقبل وجود جماعات متطرفة على التراب الليبي وأن مهمتها هي بسط سيطرة الدولة.

ويعتبر الزيات أن "ضرب الفصائل المتناحرة يدعم الجيش كقوة رئيسية ويبرز جهوده أمام العالم كمحارب للإرهاب على اختلاف أنواعه"، لكن قدرات الجيش مازالت غير حاسمة حتى الآن، على حد قوله.