يواصل الجيش الوطني الليبى، تقدماته الكبيرة التى يحققها على حساب الميليشيات المسلحة والمرتزقة الموالين للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وذلك في رد على الهجمات التي شتنها الأخيرة وخرقها المتواصل للهدنة الانسانية المعلنة من أجل مجابهة جائحة "كورونا" التي اجتاحت العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية.

إلى ذلك، تواصلت الاشتباكات بين الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق، منذ صباح اليوم الجمعة،وقالت غرفة عمليات سرت الكبرى، عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "إن قوات الجيش الليبي تقدمت صباح اليوم الباكر بعد أن صدرت الأوامر إليها في المحور الساحلي الهيشة،وأكد المكتب الإعلامي انسحاب من وصفهم بـ"الحشد المليشياوي" وتقهقره تحت وقع ضربات القوات المسلحة برا وجوا مخلفا وراءه العديد من القتلى والآليات في مناطق "القداحية و زمزم والسواليط".






وأشار المكتب الإعلامي لغرفة عمليات سرت الكبرى إلى تقدمات في المحور الجنوبي "زمزم والقداحية" ودخلت القوات إليها وباشرت التمشيط رغم تعرضها لضربات الطيران المسير التابع للمجموعات المسلحة.كما أكدت غرفة العمليات إلى أن قوات الجيش مازالت تسيطر على المواقع التي سيطرت عليها اليوم في المحور الشمالي مفندة بذلك الأخبار التي تتداول في الصفحات بأن الجيش منسحب إلى مواقعه السابقة.

ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن  مصدر في غرفة عمليات سرت الكبرى، إن وحدات من القوات المسلحة سيطرت في هجوم مباغت على مناطق القداحية، وزمزم، والسواليط (130 كم) جنوب مدينة مصراتة.وأشار إلى أن الهجوم جاء ردا على "استفزازات المليشيات التي تقهقرت تحت ضربات الوحدات الأرضية وسلاح الجو، مخلفة وراءها العديد من القتلى والجرحى والآليات المدمرة، وعددا من الأسرى".

وكان الجيش الليبي سيطر أمس على مدن وبلدات الجميل، ورقدالين، وزلتان، والعسة، في العملية العسكرية التي شنها ردا على خرق المليشيات للهدنة الإنسانية، ومهاجمتها قاعدة الوطية الجوية.وأعلن الناطق باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري في بيان نشره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الجمعة "نبشركم إن قوات الجيش الوطني الليبي الباسلة تمكنت بحمد الله من تطهير مناطق العسة الجميل ورقدالين وزلطن من سيطرة ميليشيات الوفاق ومرتزقتها السوريين الذين فروا هاربين أمام تقدم قواتنا الباسلة".

وأضاف "أن هذه المناطق تنعم اليوم بالحرية والأمن والأمان بعد طرد الميليشيات الإرهابية والإجرامية منها. ويأتي هذا التقدم الميداني بعد فشل الهجوم الذي شنته ميليشيات ما يسمى بالوفاق والمرتزقة الإرهابيين الأجانب على قاعدة عقبة بن نافع الجوية بمنطقة الوطية غرب البلاد ولا يسعنا إلا نوجه الشكر إلى أبناء المنطقة الذين ساهموا في هذا النصر إيماناً منهم بالحصول على حريتهم وبناء مستقبلهم".

وتابع اللواء أحمد المسماري"إن المجتمع الدولي يدرك الآن تجاهل المليشيات الإرهابية والإجرامية لوقف الأعمال العدائية وعدم احترامهم لوقف إطلاق النار والالتزام بمخرجات برلين والاستجابة لدعواتنا لتركيز الجهود لمكافحة وباء كورونا في ليبيا وفي الوقت الذي أكدنا فيه عدم احترام الطرف الآخر للهدنة وذلك بإيعاز من غرفة العمليات المشتركة التركية في طرابلس".

وجدد المسماري التزام الجيش بخيار المواجهة ضد الميليشيات الإرهابية المدعومة بعناصر من الجيش التركي ومرتزقة وإرهابيين سوريين ، واتخاذه لكافة الإجراءات المناسبة لحماية الشعب الليبي ومقدراته مع استمرار ميليشيات الوفاق في خرق خرق وقف إطلاق النار، ورفضها لإيقاف الأعمال القتالية لتركيز الجهود لمكافحة وباء كورونا في ليبيا.










ويأتي تقدم الجيش الوطني الليبي كرد على الهجوم الفاشل للقوات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة من النظام التركي على قاعدة الوطية العسكرية.واعترف رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، باختراق الهدنة الإنسانية ،حيث تبنى ما يسمى عملية "عاصفة السلام"، التي أطلقتها القوات الموالية له ضد قوات الجيش الوطني في قاعدة الوطية.وأشاد السراج،في بيان أصدره أمس بقواته، والقوة المساندة التي "نفذت مهامها بكفاءة واقتدار" في العملية، وقال إنها "رد اعتبار لضحايا عمليات الميليشيات الإرهابية المعتدية، ومن معها من مرتزقة إرهابيين، وإننا سنرد بقوة على مصادر أي عدوان يقع علينا. في إشارة إلى قوات الجيش الوطني.

وتابع السراج موضحا:"أكدنا أننا سنرد على الانتهاكات المستمرة للهدنة، وقلنا وما زلنا نقول إننا لن نقف مكتوفي الأيدي، وهذا تحديدا ما حدث، حيث أصدرت الأوامر بالرد بقوة على الاعتداءات الإرهابية المتكررة على المدنيين".وتابع مبررا الهجوم بكون حكومته "ملتزمة تجاه شعبها وعليها واجب حمايته، وذلك في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس، وفي حدود القانون الدولي"، معتبرا أن "القصف المبرمج للأحياء السكنية بطرابلس لم يتوقف خلال الهدنة، وتسبب في وقوع ضحايا من المدنيين، بينهم أطفال ونساء، في استخفاف بقرار مجلس الأمن، واستهانة بمقررات مؤتمر برلين، واستهتار بأرواح الليبيين وأمنهم"، على حد تعبيره.

وجاء الهجوم على قاعدة الوطية بالرغم من استجابة الجيش الوطني الليبي لدعوة بعثة الأمم المتحدة، ودول غربية وعربية الأسبوع الماضي بالوقف الفوري لاطلاق النار وانهاء العمليات العسكرية "لأغراض إنسانية"، قصد مواجهة فيروس (كورونا) المستجد،الذي ينشر الرعب والهلع في العالم منذ أسابيع.

وفشل الهجوم فشلا ذريعا وتمكن الجيش من تكبيد الميليشيات خسائر فادحة وأسر مقاتلين شاركوا في الهجوم على القاعدة الجوية الواقعة غرب طرابلس.وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش إن مقاتلات سلاح الجو أفشلت الهجوم الغادر على قاعدة الوطية العسكرية "ما كلف العدو خسائر كبيرة في العتاد والأرواح". كما أعلنت عن أن الجيش "أسر 7 مسلحين من المرتزقة وغنم عددا من الآليات العسكرية المحملة بالأسلحة والذخائر".





وتعد قاعدة الوطية استراتيجية نظرا لموقعها الجغرافي، حيث تقع في المنطقة الغربية، جنوب العجيلات، وهي قريبة من المراكز الحيوية في البلاد منها العديد من المرافق النفطية، إلى جانب قربها من الحدود التونسية (80 كلم). وتملك هذه القاعدة قدرة كبيرة على استيعاب الآلاف من العسكريين، نظرا لبنيتها القوية، مكنتها من لعب دور هام في المعارك التي يخوضها الجيش الليبي منذ بدء عملياته العسكرية في محيط العاصمة طرابلس في الرابع من أبريل الماضي.

واعتبر المحلل السياسي الليبي، فرج زيدان، أنّ تمكّن قوات الجيش الليبي من صد الهجوم المباغت الذي تعرّضت له قاعدة العسكرية الجوية "الوطية"، يُشكل "ضربة قاسمة للميليشيات وهزيمة معنوية مدوية بالنسبة إليهم".وأضاف في تصريحات له أن "ردع وصدّ هذه المحاولة الغادرة وإفشالها، يؤكد جاهزية الجيش الليبي، كما يؤشر إلى قرب انهيار الميليشيات في طرابلس التي سعت إلى تخفيف الضغط عليها عبر تشتيت جهود قوات الجيش، لكن السحر انقلب على الساحر".

وبعكسه للهجوم،استطاع الجيش الليبي فرض معادلة عسكرية جديدة قد تساهم في تغيير موازين القوى خاصة مع اقتراب الجيش الليبي من إحكام سيطرته على مُجمل الحدود البرية الليبية مع تونس التي تعد الشريان الرئيسي للعاصمة طرابلس التي تخضع للميليشيات والتنظيمات الإرهابية الموالية لحكومة الوفاق.

وأعلنت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي أن قواتها تقترب من السيطرة على منفذ رأس جدير الحدودي مع دولة تونس، مشيرة إلى أن عدة كليومترات تفصلها عن المعبر.وبدورها أكدت الكتيبة 82 مشاة التابعة للجيش الليبي، أن وحداتها وصلت إلى محيط المعبر الحدودي "رأس جدير" الذي انسحبت منه قوات حكومة الوفاق نحو الحدود التونسية في مشهد دفع الجيش التونسي إلى استنفار وحداته المُرابطة على الحدود تحسبا لأيّ طارئ.

ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن اللواء ادريس مادي، آمر المنطقة العسكرية الغربية،تأكيده أن الميليشيات انهارت على طول الخط الساحلي الذي يربط بين العاصمة طرابلس والمعبر الحدودي مع تونس "رأس جدير"، حيث أشار إلى أن وحدات الجيش الليبي وصلت إلى بلدة بوكماش، الواقعة على بعد نحو 20 كلم شرق معبر "رأس جدير"، التي تُسيطر عليها قوات تابعة لحكومة الوفاق.وأضاف أن قوات الجيش الليبي تتمركز حاليا قرب المعبر الحدودي، حيث انتشرت في محيطه دون أن تقتحمه، أو تدخله "لاعتبارات مُرتبطة بالترتيبات السياسية والدبلوماسية مع تونس"، على حد تعبيره.

وبحسب الصحيفة،يرى مراقبون أن هذه التطورات الميدانية المُتسارعة تعكس نجاح الجيش الليبي في تحقيق اختراقات عسكرية نوعية لصالحه، ذلك أن السيطرة على مدن وبلدات مثل زلطن ورقدالين والعسة وجميل وبوكماش، من شأنها إحكام الطوق على العاصمة طرابلس عبر قطع الطريق الساحلي طرابلس – رأس جدير، الذي يُعد أحد أبرز وأهم طرق الإمداد التي تعتمد عليها الميليشيات التي يقودها أسامة الجويلي الموالي لحكومة السراج.

وتمكن هذه التطورات الجيش الليبي من السيطرة على كامل الحدود الليبية البرية مع تونس،التي تعتبر الوحيدة خارج سيطرته منذ اعلانه مطلع مارس/آذار 2019،تأمينه الحدود مع السودان وتشاد، كما سيطر الجيش على الحدود مع النيجر، بعدما دخلت قواته إلى منطقة القطرون القريبة من الحدود، واستكمل السيطرة على الشريط الحدودي مع الجزائر.

ومثلت حدود ليبيا غير مضبوطة منذ العام 2011،خطرا كبيرا على البلاد حيث أتاح ضعف الامكانيات وغياب المراقبة الحدودية المجال لأسواق السلاح والبشر والمخدرات أن تزدهر، إلى جانب عمليات الاتجار غير المشروع اليومية بالوقود والبضائع،وهو ما ترتّب عنه عواقب وخيمة عاينتها ليبيا خلال السنوات الماضية.

ويكتسي ملف الحدود أهمية بالغة، بالنظر لما تواجهه ليبيا من تحديات خلال الفترة الراهنة تتمثل في خطر انتشار فيروس "كورونا" خاصة مع استمرار تدفق المرتزقة الى الأراضي الليبية.ويرى مراقبون أن تأمين القوات المسلحة الليبية للحدود،يمثل بداية لفرض سلطة الدولة وحماية أراضيها،كما يبعث الارتياح لدى دول الجوار التي تعاني منذ سنوات مخاوف من التهديدات الارهابية جراء تمركز المتطرفين في ليبيا.