اقتربت المعارك حول طرابلس من دخول شهرها الخامس دون أن تحسم،حيث يواصل الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر تضييق الخناق على المليشيات المسلحة التي تلقت العديد من الضربات فيما يتواصل التدخل التركي السافر لانقاذ هذه المليشيات كونها تمثل ذراع أنقرة التخريبي في ليبيا وفي المنطقة عموما.

وتصاعدت هجمات الجيش الوطني الليبي ضد المليشيات في طرابلس في محاولة لدك حصونها حيث شنت مقاتلات سلاح الجو التابعة للقوات المسلحة الليبية، عصر اليوم الأربعاء، غارة جوية استهدفت تمركزات للمجموعات المسلحة داخل معسكر السعداوي في عين زارة جنوب العاصمة طرابلس.

وأكد آمر غرفة عمليات اجدابيا وآمر محور عين زارة اللواء فوزي المنصوري، في تصريح خاص لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية"، أن سلاح الجو استهدف تجمعات لأفراد المليشيات داخل معسكر السعداوي في عين زارة، لافتة إلى أن هناك خسائر كبيرة في الأرواح للمليشيات.وكان المنصوري، قد أكد في وقت سابق أن جميع المحاور المؤدية لقلب العاصمة تشهد تقدماً بخطى ثابتة وأن المليشيات المسلحة في حالة انهيار ملحوظ.

وقصف الطيران الحربي التابع للجيش الليبي، صباح اليوم، مخازن للأسلحة والذخيرة تابعة للميليشيات الموالية لحكومة الوفاق في مدينة غريان.واستهدف القصف عدداً من المساكن التابعة للميليشيات المسلحة التي يستغلونها في تخزين الأسلحة بمنطقة أبو غيلان، وكذلك تجمّعات عسكرية بالقرب من منطقة القواسم، وهو ما أدى إلى انفجار كلّ الذخيرة الموجودة في تلك المواقع، بحسب ما أوردت "العربية".

وشنّ الجيش الليبي غارات جوية مكثفة على تجمّعات الميليشيات المسلحة بضواحي غريان، منذ سيطرة قوات الوفاق على المدينة، نهاية الشهر المنقضي، وقتلت عدداً من الإرهابيين والمرتزقة،المتحالفين مع حكومة الوفاق وذلك ضمن عملية عسكرية، تستهدف استعادة السيطرة على هذه المدينة.

وتقع مدينة غريان الجبلية على بعد 100 كلم جنوب غربي طرابلس،ويسعى الجيش الليبي لاستعادة السيطرة عليها بعد أن فقدها في وقت سابق نظراً لأهميتها الاسراتيجية، حيث تضمّ مهبطاً للطائرات العمودية يستخدم في توفير غطاء جوّي لتقدّم أي قوات نحو العاصمة طرابلس، كما تمثل مركزاً مهماً لقيادة العمليات العسكرية بالمنطقة الغربية.

وفي غضون ذلك،ساد التوتر بين حكومة الوفاق والمبعوث الأممي الى ليبيا غسان سلامة،حيث قام رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، اليوم الأربعاء، باستدعاء المبعوث الأممي، لتسليمه مذكرة تتضمن احتجاجا على ما ورد من مغالطات بإحاطته لمجلس الأمن حول الوضع في ليبيا يوم الاثنين الماضي.

وقبل ذلك،حملت رئاسة الأركان العامة لقوات الوفاق، المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، المسؤولية الكاملة على ما ورد في إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي.وقالت رئاسة الأركان إنها "تتخذ كافة الإجراءات لمنع التحاق أيّ إرهابي أو متطرف بتصنيف دولي لعناصرها"، مهددة بـ"ملاحقة المبعوث الأممي، غسان سلامة، قانونيا، إذا لم يقدم قوائم بالإرهابيين الذين قال إنهم يقاتلون في صفوفها".

وبدورها طالبت ما يعرف بـ "القوة المساندة طرابلس"، تابعة لرئاسة أركان حكومة الوفاق، بضرورة إخراج المبعوث الأممي غسان سلامة من ليبيا.وقالت القوة في بيان نشرته عبر صفحتها على "فيسبوك"،الثلاثاء: إن "المدعو غسان سلامة أصبح جزءًا رئيسيًا من أزمة ليبيا الحالية.. لو كان فيه خير لقام بحل الأزمة في بلاده لبنان".

وأضافت القوة أن المبعوث الأممي لم يفرق بين "الحق والباطل" وبين "المعتدي والمعتدى عليه" في إحاطته أمام مجلس الأمن حول الوضع في طرابلس.وأشار البيان إلى أن غسان سلامة ذكر بأن هناك متطرفين يحاربون مع قوات الوفاق، بينما حسب البيان فإن "عملية بركان الغضب" هي عملية "ضد المتطرفين وقطاع الطرق بجميع مسمياتهم". و أكدت في ختام أن بقاء غسان سلامة في العاصمة طرابلس "هو طعن في ظهور الرجال وخيانة لدماء قتلاهم"، مطالبة جهات الاختصاص بـ"التدخل فورًا قبل فوات الأوان".

ويعكس هذا الهجوم انزعاجا كبيرا لحكومة الوفاق جراء التطور الأخير في موقف المبعوث الأممي الذي وضع النقاط على الحروف، ما يجعل الحكومة المعترف بها دوليا في صورة الحكومة الراعية للإرهاب والتي تهدد أمن المدنيين باستعمال مطار مدني في مهامّ عسكرية.بحسب ما أكدت صحيفة "العرب" اللندنية.

وقالت الصحيفة أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج بات في وضع صعب بعد الإفادة التي قدمها المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أمام مجلس الأمن، والتي اتهم فيها "الوفاق" بالتحالف مع مقاتلين متطرفين، وكذلك استخدام مطار معيتيقة لأغراض عسكرية، وهي إفادة قالت أوساط سياسية ليبية إن سلامة من خلالها قد رفع الغطاء عن حكومة السراج وثبّت التهم التي توجهها لها بشكل مستمر مؤسسة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.

وتتهم قوى سياسية وليبية مختلفة حكومة الوفاق بأنها لا تكتفي بالتستر على متطرفين موضوعين على القوائم السوداء عربيا ودوليا، بل تعمل على إعادة تأهيلهم والاستفادة من تجاربهم القتالية وإنفاق أموال طائلة لتسليحهم وشراء ولائهم.كما تعول حكومة الوفاق على التدخل التركي لقصف الليبيين في أرضهم وهو ما بات واضحا. 

وكانرئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج،قد اعترف في تصريحات الثلاثاء، بتلقي قواته أسلحة من تركيا.ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن السراج قوله: "نحن في وضع دفاع عن النفس، نتعاون مع الدول الصديقة، وفق ما نراه مناسباً لحماية أهلنا، والدفاع عن "الشرعية" بحسب قوله.

وعلاوة على السلاح فان تركيا حاضرة على الأرض وتقود المعارك عبر طائراتها المسيرة التي تستهدف الليبيين.وكان الجيش الوطني الليبي قد أعلن، أول من أمس؛ أنّ دفاعاته الجوية تمكنت من إسقاط طائرة تركية مسيرة، في منطقة العزيزية بضواحي العاصمة طرابلس.وأوضح المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي، في بيان له؛ أنّه "تمّ إسقاط طائرة تركية مسيَّرة مخصصة للاستطلاع والتصوير، عندما كانت متجهة إلى منطقة العزيزية الواقعة جنوب طرابلس".

وأكد الناطق باسم القيادة العامة للجيش أحمد المسماري، أن سلاح الجو الليبي يفرض سيطرته بشكل كامل على المنطقة في محيط العاصمة طرابلس، ويقدم إسناد للعمليات البرية في كل المحاور.وأوضح المسماري خلال المؤتمر الصحفي اليوم الأربعاء، أن هناك تقدم كبير في عدد الغارات الجوية التي يشنها سلاح الجو ليلا ونهارا على تمركزات المجموعات الإرهابية والمسلحة، قائلا "تمكننا من إسقاط طائرة تركية مسيرة يوم أمس الثلاثاء، وأخرى صغير مخصصة للاستطلاع والتجسس اليوم الأربعاء، في جنوب العاصمة الليبية طرابلس".

ومنذ إطلاق العملية العسكرية لتحرير العاصمة من الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، في الرابع من نيسان(أبريل) الماضي، تمكّنت دفاعات الجيش الليبي من إسقاط ما يقارب من 10 طائرات تركية مسيرة، كانت تستخدم في توفير غطاء جوي لتقدم قوات الوفاق، كما نجحت قوات الجيش في تدمير غرفة التحكم الرئيسة بالطائرات المسيرة في مطار معيتيقة الدولي.

وبالرغم من هذا الدعم فان الجيش الليبي يصر على الاستمرار في تقدمه نحو تحرير العاصمة الليبية،وأكد الناطق باسم القيادة العامة للجيش أحمد المسماري،على أن معركة تحرير العاصمة طرابلس أوشكت على الانتهاء، مشددا على أن الجيش الليبي يقاتل بهدف الوصول إلى الدولة المدنية المبنية على الدستور، وأن الهدف الوحيد والأساسي من المعركة في طرابلس هو القضاء على الإرهاب.

ويقول الجيش الوطني إنه يضع على رأس أولوياته حماية المدنيين قبل أي خطوة، وهذا سبب رئيسي في تأخير هجوم طرابلس. وهو ما أشار إليه طلال الميهوب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي حين قال إن "حماية المدنيين هي السبب الرئيسي وراء تأخير تحرير العاصمة من قبضة الميليشيات الإرهابية التي سيطرت عليها طيلة السنوات الماضية.

وأوضح الميهوب في مقابلة هاتفية مع وكالة الأنباء الالمانية ( د.ب.أ) أن "الجيش الوطني لا يمكنه المجازفة بأرواح هؤلاء المدنيين أو تعريضهم لأخطار القتال كما يفعل الآخرون".وقال الميهوب إن أغلب أهالي طرابلس يؤيدون دخول الجيش و"لكنهم مغلوبون على أمرهم تحت سيطرة تلك العصابات الإجرامية".

ويجمع المتابعون للشأن الليبي بأن حكومة الوفاق التي لم تحضى بالشرعية المحلية باتت مهددة بفقدات الشرعية الدولية،حيث كشفت المعارك الدائرة في العاصمة الليبية طرابلس منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي مدى ارتهان حكومة السراج لمليشيات تيار الاسلام السياسي وللأجندات التركية-القطرية التي تسعى لتحويل ليبيا الى ملاذ جديد للمتطرفين بعد فشلها في سوريا والعراق.ويأمل الليبيون في انهاء نفوذ المليشيات وبناء دولة مستقرة وآمنة.