بالتزامن مع مساعيها إلى التعجيل بالحصول على تفويض من البرلمان بإرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج وحلفائه من تيار الاسلام السياسي، سرعت تركيا من عمليات نقل المرتزقة السوريين الى طرابلس، في الوقت الذي كثف فيه الجيش الوطني الليبي من تحركاته في اتجاه حسم المعارك وقطع الطريق أمام التدخل التركي الذي يمثل خطرا على ليبيا والمنطقة عموما.

وصعد الجيش الوطني الليبي من عملياته العسكرية في محاور القتال في العاصمة الليبية طرابلس، حيث شن سلاح الجو التابع للجيش الليبي، اليوم الاحد 29 ديسمبر 2019، سبع غارات جوية استهدفت مواقع تابعة للجماعات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق في العاصمة، وفق ما أكدت "العربية.نت".

وتجددت الاشتباكات ليل الجمعة السبت بين قوات الجيش الوطني الليبي وكتائب الزاوية في منطقة أبوعيسي غرب مدينة الزاوية، التي تبعد 48 كلم غرب العاصمة طرابلس، بالتزامن مع تأكيدات عسكرية على دخول المواجهات في مرحلة جديدة في لتقدم الجيش الليبي المتواصل واصراره على حسم المعارك.

 ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مسؤول عسكري رفيع المستوى بالجيش الوطني إن العمليات العسكرية التي تشنها قوات الجيش دخلت ما وصفه بـ "مرحلة الضرب في العمق"، موضحاً أن "ما يحدث الآن هو ضرب العدو في العمق والسيطرة على أجزاء مهمة في العاصمة على طريق إنهاء المهام المكلفة بها قوات الجيش لتحرير العاصمة".

وأوضح المسؤول، الذي اشترط عدم تعريفه، أن "هذه التقدمات المطردة للجيش ستستمر وتتصاعد خلال الساعات والأيام المقبلة"، مؤكداً أن "الجيش في سباق مع الزمن لتحرير العاصمة واستباق أي تواجد محتمل أو مستقبلي للقوات التركية على الأرض هناك، وهي القوات التي تخطط حكومة السراج لجلبها". وكشف المسؤول النقاب عن أن مقرات حكومة الوفاق وجميع أجهزتها ستصبح هدفاً لقوات الجيش في هذا الإطار، لكنه امتنع عن كشف مزيد من التفاصيل.

وكان أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي، الجمعة، إن تطورات الساعات المقبلة ستكون مفاجئة لكل الليبيين، لافتا إلى أن قوات النخبة تستعد لدخول معركة الأحياء الرئيسية في طرابلس. وأضاف في تصريحات إعلامية "سيطرنا على مناطق استراتيجية في طريق المطار بطرابلس، ونخوض معارك شرسة في المرحلة الأخيرة لتحريرها".

وكشف المسماري أن الميليشيات تتمركز وسط المناطق السكنية في طرابلس، مشيرا إلى وجود العشرات من الجثث للميليشيات على طول طريق المطار في طرابلس. وقال إن عدد قتلى الميليشيات بلغ نحو 940 قتيلا خلال المعارك منذ 4 أبريل الماضي. وأكد المسماري أن الجيش الليبي لم يخسر مترا واحدا، ولم يتراجع إلى الخلف في أي منطقة اشتباك، مؤكدا "أن سيطرة قوات الجيش الليبي تبدأ من مفترق صلاح الدين حتى مقسم النعاجي".

ولفت المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابع للجيش الوطني، في بيان له مساء أول من أمس، إلى حدوث ما سماه بـ "انهيارات للميليشيات"، مشيراً إلى "عثور عناصر الجيش على جثث تركت على قارعة الطريق في طريق المطار"، وتحدث المركز عن "تقهقر ميداني وهروب وشيك واشتباكات عنيفة في طرق تؤدي لقلب العاصمة

وبدورها، أكدت شعبة الإعلام الحربي بالجيش أن معسكر النقلية، الذي كان موقعاً هاماً للميليشيات الموالية لحكومة الوفاق، أصبح ضمن النقاط الأمامية للوحدات العسكرية لقوات الجيش، بالإضافة إلى مواقع أخرى تم إحكام السيطرة عليها. ولفتت الشعبة إلى أن قوات الجيش بسطت سيطرتها، بعد معارك عنيفة، على مواقع ونقاط عدة لـ "المجموعات الإرهابية والعصابات الإجرامية".

ونشرت الشعبة لقطات مصورة لوحدات الجيش وهي تتجول في منطقة صلاح الدين بدءاً من "مفترق صلاح الدين مروراً بمقر مصلحة الجوازات والجنسية وطريق مقر الأمن العام وعمارات حي الزهور وصولاً لمقسم النعاجي". وفي وقت سابق، أعلنت قوات الجيش سيطرتها على المنطقة التي تبدأ من مطار طرابلس العالمي إلى خزانات النفط، مروراً بكوبري الفروسية ومعسكر النقلية.

وأكد اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه بالجيش الليبي، أن قوات الجيش تقترب من قلب العاصمة طرابلس، ولا يفصلها سوى أقل من 4 كيلومترات. وقال لـ "العربية. نت" إن قوات الجيش تحاصر المدينة من عدة محاور، وسيطرت على طريق مطار طرابلس، وتمكنت من قتل مجموعة من ميليشيات حكومة الوفاق، يقودها محمد الشريف، مضيفاً أن القوات دمرت غرفة عمليات تابعة لميليشيا الفاروق المتطرفة.

وتأتي تحركات الجيش الليبي في الوقت الذي سرعت فيه تركيا من تحركاتها للحصول على تفويض برلماني لإرسال قوات إلى ليبيا، حيث قالت مصادر في حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن مذكرة طلب تفويض لإرسال قوات إلى ليبيا، قد تتم مناقشتها في البرلمان، الخميس القادم (الثاني من يناير)، بحسب ما أوردت وكالة الأناضول.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن في وقت سابق أن البرلمان سيصوت في الثامن من يناير المقبل، على مسألة إرسال قوات عسكرية لدعم حكومة الوفاق برئاسة، فايز السراج، في وجه الجيش الليبي. ويعكس التسريع في الحصول على التفويض مخاوف نظام أردوغان من سقوط حلفائه في طرابلس في ظل التطورات الميدانية التي تسير في صالح الجيش الليبي.

وسارع أردوغان لتكثيف عمليات نقل المرتزقة السوريين نحو الاراضي الليبية لدعم المليشيات المسلحة في طرابلس، ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الأحد، معلومات جديدة بشأن هذه العمليات، وقال المرصد في تقرير، عبر موقعه الإلكتروني، إنه حصل من مصادر موثوقة، تفيد بأن عدد المقاتلين الذين وصلوا إلى العاصمة الليبية طرابلس حتى الآن بلغ 300 شخص، في حين أن هناك 1000 مقاتل وصل للمعسكرات التركية لتلقي التدريب قبل الانتقال إلى ليبيا.

وأضاف أن "الراتب المطروح من جانب تركيا يتراوح ما بين 2000 و2500 دولار للشخص الواحد لعقد مدته 3 أو 6 أشهر مقابل التوجه إلى طرابلس في ليبيا، وكلما طالت المدة زاد الراتب الذي يتلقاه المقاتل، وعدد كبير من المجندين والمقاتلين الذين انتقلوا إلى ليبيا هم من فصيل حركة حزم التي تم حلها قبل عدة سنوات".

وقال المرصد السوري إنه حصل على تسجيلات صوتية لأحد الأشخاص يظهر فيه صوت أحد المقاتلين الموالين لتركيا يتحدث مع مجموعة من المجندين عما إذا كانوا على استعداد للرحيل غدا إلى طرابلس انطلاقا من عفرين، مضيفا: "سنتحرك في الساعة العاشرة صباحا من عفرين. ونحن لسنا عبدة الدولار ولكن الظروف والديون التي مررنا بها تدفعنا إلى فعل هذا".

وتداول ناشطون مساء أمس مقاطع مصورة لمسلحين أتراك يقاتلون الجيش الليبي جنوب العاصمة طرابلس، وهو ما نفته حكومة الوفاق وقالت إن المقاطع جرى تصويرها في إدلب السورية. لكن المرصد تحدث في بيانه اليوم عن شواهد تؤكد أن المقاطع المصورة في منطقة صلاح الدين جنوبي العاصمة طرابلس، وأن المقاتلين سوريون موالون لتركيا وصلوا ليبيا قبل أيام.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان كشف، قبل يومين، أن الفصائل الموالية لتركيا افتتحت مراكز لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالذهاب للقتال في ليبيا، حيث أفاد بافتتاح 4 مراكز لاستقطاب المقاتلين ضمن مقرات تتبع للفصائل الموالية لتركيا في منطقة عفرين شمال حلب. ورصد المرصد السوري عشرات الأشخاص يقصدون تلك المراكز للالتحاق بالمعارك في ليبيا للعمل تحت الحماية التركية هناك، مؤكدا أن "الفصائل الموالية لتركيا تشجع الشباب على الالتحاق بالحرب الليبية وتقدم مغريات ورواتب مجزية تتراوح من 1800 إلى 2000 دولار أمريكي لكل مسلح شهريا، علاوة على تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة".

وتثير التصرفات التركية التي وصفتها أطراف دولية "بالاستفزازية" مخاوف من تحويل البلاد الى ساحة للعناصر المتطرفة القادمة من سوريا والتي ستكون مخاطرها كبيرة ليس فقط على ليبيا وانما على دول الجوار كذلك والتي سارعت الى تشديد الرقابة الأمنية على حدودها على غرار تونس والجزائر وأيضا مصر. ويؤكد مراقبون أن مساعي أردوغان لمد نفوذه في ليبيا ستقابل بمقاومة كبيرة من الليبيين الذين لن يرضوا باحتلال جديد يهدد أرضهم تقوده أطماع وأحلام استعمارية بغيضة.