تشهد محاور القتال في العاصمة الليبية طرابلس اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر وقوات وكتائب تابعة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج. ومع دخول عملية تحرير طرابلس شهرها الثالث تراوح الأوضاع العسكرية مكانها فيما تتصاعد المؤشرات حول انتهاكات المليشيات المسلحة التي تستهدف المدنيين في العاصمة الليبية.
الى ذلك،كثف الجيش الليبي من عملياته العسكرية باستخدام سلاح الطيران،الذي استهدف ببضع غارات فجر اليوم، أهدافًا للمليشيات التابعة لحكومة الوفاق،في محيط بلدة العزيزية جنوب غرب طرابلس.بحسب ما أعلنت عنه غرفة عمليات الجيش الوطني الليبي بطرابلس على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وقال المسؤول الإعلامي للواء 37 مشاة مجحفل، المنذر الخرطوش إن فرق الاستطلاع التابعة لعمليات الجيش الليبي بالمنطقة الغربية رصدت تحركات مجموعات مسلحة قادمة عبر الطريق المعروف بـ"شليوني الزنتان" باتجاه وادي الحي إلى الكسارات.وأشار الخرطوش في تصريح لموقع "إرم نيوز" الاخباري إلى أن المجموعات المسلحة تتكون من عدة مسلحين أغلبهم من المعارضة التشادية التي تتبع القيادي التشادي المعارض حسن موسى.
وأعلنت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقوات الليبية،تدمير 3 عربات محملة بذخائر تابعة للمجموعات المسلحة في محور العزيزية جنوب العاصمة طرابلس.وقالت شعبة الإعلام الحربي عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "السلاح الجوي يدمر 3 عربات تابعة للحشد المليشياوي محملة بذخائر بعد رصدها من قبل قواتنا الجوية في محور العزيزية"، بحسب تعبيره.
من جهة أخرى،استهدف الجيش الليبي مطار معيتيقة الدولي في العاصمة الليبية طرابلس،حيث أفادت وكالة الأنباء الليبية بأن مقاتلات سلاح الجو الليبي لاحقت طائرة تركية مسيّرة قامت بالإغارة على قوات الجيش الليبي وأسقطتها أثناء هبوطها في المدرج الذي خرجت منه بقاعدة معيتيقة وتحديدًا بالقرب من الدشم العسكرية.
ولم يسفر القصف عن وقوع ضحايا أو التأثير على حركة الملاحة الجوية بحسب ما أعلنت عنه القوات المسلحة الليبية،وهو ما أكدته إدارة مطار معيتيقة استهداف المطار وتعرض مدرج الإقلاع للقصف، ثم أوضحت على صفحتها على فيسبوك أن "القصف بعيد عن المهبط والتشغيل يسير بشكل عادي.
وأثار تلقي ميليشيات طرابلس دعما من تركيا وقطر جدلا خاصة في ظل اختراقها من قبل مجموعات إسلامية متشددة. وفي مايو الماضي، أعلن تحالف للميليشيات الموالية للمجلس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق عن تسلمه شحنة من مركبات مدرعة وأسلحة من هذه الدول في إطار سعيه لصد عملية "طوفان الكرامة" ونشرت صور ومقاطع فيديو على الإنترنت تبين ذلك.
ولم تكتفي أنقرة بارسال سفن السلاح بل دفعت بعناصرها الى ساحة المعركة حيث نشرت "شعبة الإعلام الحربي" التابعة للجيش الوطني الليبي، على حسابها في موقع "فيسبوك"،منذ أيام، شريطًا مصورًا يظهر ضابطًا تركيًّا يدرب المسلحين على قيادة مدرعات تركية وصلت أخيرًا إلى العاصمة الليبية، مشيرة إلى أنّ الفيديو عثر عليه في هاتف أحد المقبوض عليهم.
ويأتي تكثيف القصف بالتزامن مع تأكيد الجيش الليبي الاقتراب من حسم معركة طرابلس وقرب تحرير المدينة من سطوة الميليشيات.وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي، على صفحتها على موقع فيسبوك، إن "القليل من الكيلومترات تفصلنا عن قلب العاصمة..". وأضافت "جاهزون لتلقي الأوامر الـعسكرية من القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية؛ بتحرير ما تبقى من الـعاصمة طرابلس".
وشدد الجيش الليبي،على أن القوات التابعة له "تخوض الآن معارك قوية". كما أكد أن هذه القوات "تتقدم في جميع المحاور".وأكد الجيش الليبي،على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنه "ينفذ عملية التفاف على الميليشيات في محور طريق المطار ويلحق بها خسائر فادحة في العتاد والأرواح".بحسب ما نقلت صحيفة "العرب" اللندنية.
وفي غضون ذلك،مازالت انتهاكات المليشيات تغلف المشهد الليبي وآخرها ما جاء على لسان مقرر اللجنة الليبية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، في تصريح "للعربية.نت"، إن "المنظمة تلقت في الأيام الأخيرة عدة شكاوي من قبل عدد من المواطنين تعرضوا للتعذيب وإساءة المعاملة عند الاعتقال أو أثناء احتجازهم على أيدى ميليشيات مسلحة"، مضيفاً أنهم "وثّقوا الكثير من الحالات".
وأظهرت صور متداولة، مشاهد صادمة لعلامات تعذيب وحشي تعرّض له مواطن أثناء اعتقاله من طرف ميليشيا مسلّحة، حيث أظهرت تعرضه للضرب المبرح والجلد بواسطة الأنابيب البلاستيكية على أنحاء مختلفة من جسده.
وأوضح في هذا السياق، أحمد حمزة، أن المواطن يدعى جمال السائح، تمّ اعتقاله في أواخر شهر رمضان من قبل "قوّة الدعم المركزي فرع سرت" التابعة لوزارة داخلية حكومة الوفاق بصفة عشوائية وبشكل غير قانوني، وتعرّض لأشد وأقسى أنواع التعذيب، حتى إصابته بالفشل الكلوي، مشيرا إلى أنّ هذه الواقعة تأتي بعد أيام فقط من وفاة مواطن سجين تحت التعذيب، على أيدي نفس هذه الميليشيا.
وطالب حمزة بتدخل عاجل من قبل مكتب النائب العام ووزير الداخلية وآمر المنطقة العسكرية الوسطى بمصراتة، من أجل توقيف آمر هذه الميليشيا، ومحاسبة الجناة الحقيقيين، داعيا إلى فتح تحقيق في وقائع الاعتقال التعسفي خارج إطار القانون وممارسات التعذيب الجسدي والنفسي بحق المواطنين، الذين يتم احتجازهم، من أجل وضع حدّ لهذه الميليشيات المسلّحة.
وفي وقت سابق، تحدثت عدّة تقارير حقوقية عن أنّ الجماعات المسلحة في ليبيا تقتل وتعذب المحتجزين في سجون تضم آلاف المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني وتخضع لسيطرة حكومة الوفاق الوطني.
وكانت شعبة الإعلام الحربي بالقيادة العامة للقوات المسلحة قالت منذ أيام، إن "قوات (الوفاق) تشن حملات خطف واعتقالات في صفوف النشطاء، والصحافيين والإعلاميين والمدونين، بعد دعواتهم للترحيب بالقوات المسلحة داخل العاصمة، ومطالبتهم بإنهاء زمن الفوضى بوجود الجيش والشرطة"، وطمأنت سكان بالعاصمة بأنها "ستردّ حق أبنائهم وستعيدهم لأهلهم سالمين".
وتواجه المظاهرات السلميّة في العاصمة الليبية طرابلس،بالرصاص الحيّ، لاسيّما إذا ما تجرّأت جموع المتظاهرين على المطالبة بإخراج جميع التشكيلات المسلحة غير الشرعية من العاصمة طرابلس.ويتعرض كل من يخالف المليشيات للإختطاف أو الإعتقال التعسفي أو القتل دون رادع في ظل غياب سلطة الدولة والقانون.
ولعل أهم تأكيد على هذه الانتهاكات ما جاء على لسانالقيادي السابق في الجماعة الليبية المقاتلة، سامي الساعدي،الذي توعد مؤيدي الجيش في العاصمة طرابلس، بالتهجير والطرد من المدينة.وعلى صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أطلق الساعدي الذي يقيم في تركيا منذ سنوات، حملة ممنهجة ضد الجيش الليبي، كما هاجم أهالي العاصمة طرابلس الداعمين لعملية الجيش الليبي التي تستهدف تحرير طرابلس من سطوة الميليشيات المسلحة والجماعات المتطرفة، وأعلن مساندته التامة لقوات حكومة الوفاق.
ومنذ سنوات،يتعرض الليبيون في ظل انتشار المليشيات المسلحة، لشتى أنواع الجرائم من اعتقال تعسفي، خطف، قتل، احتجاز بدون محاكمة وسط غياب حكومة قادرة على بسط سلطتها.ويرى مراقبون أن إنهاء سيطرة الميليشيات،التي لم تتوانى عن التحالف مع التنظيمات الارهابية ودول أجنبية لنهب ثروات ليبيا،بات ضروريا للخروج بالبلاد من أزمتها وتحقيق الأمن والاستقرار في ربوعها.