تشهد معارك غرب ليبيا تصعيدا كبيرا في ظل تقدم الجيش الوطني على حساب مسلحي الوفاق، وبينما تنهي القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية عند منتصف ليل اليوم المهلة التي أعطتها لميلشيات مصراتة للانسحاب من طرابلس وسرت، تواصل قواتها في طوق طرابلس التغلغل في اتجاه الأحياء الجنوبية، تزامنا مع توسيع سلاح الجو نطاق عملياته التي شهدت تكثيفا واضحا خلال اليومين الماضيين، وخاصة في مناطق مثل سرت وزليتن ومسلاتة الى جانب محيط العاصمة.

وينتظر أن تشهد المعارك تصعيدا جديدا بداية من فجر الغد الإثنين، وخاصة في حال عدم امتثال ميلشيات مصراتة لأوامر الجيش بالانسحاب من طرابلس وسرت، حيث سيكثف سلاح الجو من ضرباته لمصراتة، كما ستتجه القوات البرية لغلق الطريق الساحلي بين مصراتة وطرابلس، والذي تعمدت القيادة تركه مفتوحا لمنح الميلشيات فرصة العودة الى أوكارها.

وقال المتحدث باسم غرفة عمليات الكرامة العميد خالد المحجوب أنه في حال استمرار ميلشيات مصراتة في عنادها سيتم غلق الطريق الساحلي واستهداف مواقعها الحيوية في المدينة بشكل مباشر، كما سيتم استهداف الافراد بعد أن كان سلح الجو يكتفي بقصف المخازن والاليات، مشيرا الى أنه لن يتم استثناء أي هدف معاد داخل المدينة.

وأوضح المحجوب، إن المهلة التي منحتها القيادة العامة للقوات المسلحة لانسحاب مليشيات مصراتة من طرابلس وسرت، جاءت حرصا على أهالي الشباب المغرر بهم والذين يقاتلون في صفوف مليشيات الوفاق، لما سيتعرضون له من الام في فقدان أبنائهم.

ويرى المراقبون أن ميلشيات مصراتة ستواجه حمم اللهب أرضا وجوا وكذلك بحرا بعد أن قرر الجيش إدخال قواته البحرية الموجودة في عرض البحر مجال العمل العسكري المباشر وإدماجها في المعارك، مشيرين الى أن إيطاليا قد رفعت يدها عن مسلحي مصراتة الذين كانوا يتلقون مساعدات منها، وذلك في ظل موقفها الرافض لمذكرتي تفاهم حكومة السراج مع نظام أردوغان.

وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة حذرت الخميس من أن «استهداف مصراتة سيتواصل يوميا دون انقطاع وبشكل مكثف لم يسبق له مثيل نهارا وليلا إذا لم تسحب مصراتة مليشياتها من طرابلس وسرت خلال ثلاثة أيام بحد أقصي تنتهي مدتها الساعة 12 مساء اليوم الأحد».

وأشارت تقارير محلية من داخل المدينة الى وجود صراع بين القيادات الاجتماعية المتمثلة في أعيان ووجهاء القبائل المنادين بالإنسحاب، وأمراء الحرب وقادة الميلشيات ورموز الإخوان الرافضين ذلك، والذين يصرون على الاستمرار في خوض معركتهم الخاسرة، واعدين المسلحين بقرب تدخل تركي ميداني لمساندتهم.

الى ذلك، حاولت ميلشيات من مصراتة أول أمس الجمعة التغلغل في منطقة الداوون، شرقي مدينة ترهونة الواقعة 88 كلم جنوب شرق طرابلس والتي تعتبر المركز الأساس لتجمعات الجيش في غرب البلاد، وعاصمة أكبر قبائل البلاد من حيث التعداد البشري، ووفق معطيات ميدانية فإن الهجوم قادته عناصر تابعة للجماعة المقاتلة المرتبطة بتنظيم القاعدة من أصيلي ترهونة الفارين الى مصراتة وفي مقدمتهم الإرهابي فرج الكشر، وبينما حاولت وسائل الإعلام الإخوانية الترويج لانتصار كبير لرفع معنويات ميلشيات الوفاق، تبين أن اللواء التاسع نصب كمينا للجماعات المتقدمة، ثم أطبق عليها ليقبض على 23 ميلشياويا، وقام سلاح الجو بملاحقة الجماعات الفارة ما أدى الى  مقتل 19 مسلحا وإصابة العشرات ، كما تقدمت قوات اللواء التاسع لاقتحام مدينة مسلاتة التي تربط بين مصراتة وترهونة، وتعتبر معقلا للميلشيات الإرهابية، بينما تولى الطيران الحربي قصف مخازن السلاح والذخيرة داخلها.

وأعلن مستشفى مسلاتة حالة الطوارئ ودعا كافة الإطار الطبي للالتحاق به لمتابعة الأوضاع الصحي لجرحى الميلشيات، في الوقت الذي أعلن فيه الجيش نجاح قواته الجوية في تدمير كافة مخازن السلاح في المنطقة، وقالت حكومة الوفاق أن ثلاثة من عناصرها قتلوا في القصف، بينما رجحت مصادر محلية أن يكون عدد القتلى أكثر بذلك بكثير، لافتة الى أن الميلشيات تتستر على الأعداد الحقيقية لقتلاها حتى لا تزيد من تقهقر معنوياتها مسلحيها في جبهات القتال.

وفي تطور آخر، نفذ سلاح الجو الليبي فجر أمس ضربات موجهة لمعسكر الدروع في مدينة زليتن الواقعة 50 كلم غرب مصراتة، والواقعة بدورها تحت سيطرة الميلشيات، بعد أن سبق له أن قام أول من أمس (الجمعة) بقصف معسكر ماجر في ذات المدينة وبتوجيه ضربات متتالية الى رتل مسلح كان متجها الى طرابلس بعد مغادرته زليتن التي يدعم سكانها المحليون القيادة العامة، بينما يوالي مجلسها العسكري سلطة الإخوان تحت مظلة حكومة السراج.

وكانت مصادر عسكرية أكدت مقتل آمر مليشيا "فرسان زليتن" المدعو مصباح شناق أثناء مواجهات ضد القوات المسلحة في محور صلاح الدين جنوب العاصمة طرابلس الخميس الماضي

وفي سرت الواقعة 450 كلم شرقي طرابلس، والخاضعة بدورها لميلشيات مصراتة منذ طرد تنظيم داعش الإرهابي منها في العام 2016، تواصل القصف الجوي على تمركزات المسلحين ومخازن أسلحتهم، وقال الجيش الوطني أن 19 من الميليشيات الإرهابية قتلوا إثر غارة جوية على مواقعهم في منطقة بوهادي بمحيط المدينة منهم 11 إرهابيا يحملون الجنسية السورية، وهم وفق المصادر العسكرية من الإرهابيين الذين تولى النظام التركي نقلهم من محافظة إدلب السورية الى الأراضي الليبية لدعم حكومة السراج.