يواجه العالم مخاطر الإرهاب العابر للدول والقارات ،حيث ارتفع عدد القتلى من ضحايا الاعتداءات الارهابية في العالم بنسبة 61 في المئة العام الماضي نتيجة صعود جماعات مثل  الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش ) وبوكو حرام الاسلامية المتطرفة في نيجيريا ،و قال مؤشر الارهاب العالمي لعام 2014 ان العام الماضي شهد نحو عشرة آلاف هجوم ارهابي أي بزيادة 44 في المئة على عددها في عام 2012 مما أسفر عن سقوط نحو  18 الف قتيل ، 80 بالمائة منهم كانوا في خمسة بلدان فقط هي العراق وافغانستان وباكستان ونيجيريا وسوريا. 

وبحسب الحقائق والأرقام المستخلصة بين عامي 2000 و2013 فإن عدد الوفيات نتيجة العمليات والهجمات الإرهابية ارتفع  بنحو خمسة أضعاف أو ما يعادل نسبة 61 بالمئة ، وتم تسجيل  نسبة 5 بالمئة من الهجمات الإرهابية في الدول الصناعية و25 بالمئة من هذه الهجمات تم تنفيذها من قبل ما يعرف باسم “الذئاب المستوحدين” وهم عبارة عن أشخاص متطرفين ينفذون هجمات إرهابية دون وجود صلة واضحة تربطهم بتنظيمات إرهابية.

ومنذ أحداث سبتمبر 2011، سجلت أعداد الضحايا من جراء الهجمات الإرهابية زيادة بنسبة 195% وبلغت نسبة الحوادث 460% ومصابين بنسبة 224% ، وكانت  المناطق الأكثر تضررًا من وطأة الهجمات الإرهابية هي دول الشرق الأوسط، الهند، وباكستان، وروسيا. حيث كانت أعداد الضحايا 7473 في عام 2011، وهي أقل بنسبة 25% مما كانت عليه في عام 2007.

وتشمل لائحة الدول العشر الأوائل الأكثر عرضة للأعمال الإرهابية  كلا من العراق وأفغانستان وباكستان ونيجيريا وسوريا والهند والصومال واليمن والفليبين وتايلند، كما إلتحقت بقائمة الدول التي شهدت عمليات إرهابية  في العام الماضي كل من الجزائر وأفريقيا الوسطى والصين ومصر ولبنان وليبيا ومالي والسودان وجنوب السودان، 

إرتفاع نسبة الضحايا

ونتيجة الحرب في سوريا وظهور تنظيم داعش، ارتفعت نسبة الوفيات في العراق بنسبة 162 بالمائة ،بينما تصل نسبة الوفيات الناجمة عن الإرهاب  في سوريا اليوم لأكثر من خمس إجمالي الوفيات، 

ويبدو تنظيم داعش إشارة واضحة لمرحلة جديدة  في صراع العالم مع ظاهرة الإرهاب الدولي ، حيث إستغل التنظيم الوضع الأمني والسياسي الهش في العراق والحرب في سوريا للإعلان عن نفسه كتحدّ حقيقي للدول الإقليمية بخاصة ،وفي يوليو 2014،  أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما  أنه بعد العنف المتواصل في العراق بسبب صعود الدولة الإسلامية في العراق والشام للساحة، كثفت الولايات المتحدة من قواتها المسلحة في المنطقة. قرابة 800 جندي أمريكي يستقرون في مقر سفارة الولايات المتحدة في العراق وكذلك في القنصلية العامة في أربيل ، وفي 7 أغسطس 2014 أعلن أوباما البدء في حرب ضد داعش ،وفي اليوم الموالي بدأت القوات الأمريكية أول ضرباتها في العراق لحماية مسؤوليها في أربيل ، ثم سرعان ما إتسعت دائرة القصف الذي ينفذه التحالف الدولي ضد مسلحي داعش في العراق وسوريا 

غير أن الوضع الميداني أكد الحاجة الى قوات برية مقتدرة على الأرض نظرا لعجز القصف الجوي عن حسم المعارك على الأرض ، وهو ما إستدعى الإعلان  الأسبوع الماضي عن إرسال  دول التحالف نحو 1500 جندي إلى العراق للمساعدة في تدريب القوات العراقية والكردية  حتى تنجح في مواجهة "داعش ».

داعش تتمدّد 

ومما يزيد في خطورة الوضع أن تنظيم داعش الذي كان مرتبطا بحيز جغرافي في العراق وسوريا ، تحوّل الى مشروع عقائدي يجذب الآلاف من الشباب من الدول العربية والأجنبية وخاصة من دول ما يسمى بالربيع العربي كتونس وليبيا ومصر ، وتم الإعلان في الشرق الليبي عن تأسيس ولاية برقة التابعة للتنظيم إنطلاقا من مدينة درنة الخاضعة كليا لسيطرة الجماعات الإرهابية ، وخاصة لتنظيم أنصار الشريعة الذي أعلن بشقيه التونسي والليبي عن مبايعته لأبي بكر البغدادي ، كما تم الترويج لإعلان طرابلس ولاية تابعة للدولة الإسلامية ، 

وفي الجزائر ، انشقت جماعة متشددة تطلق على نفسها اسم جند الخلافة عن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وبايعت تنظيم داعش ،وأعلن أمير منطقة الوسط في تنظيم القاعدة خالد أبو سليمان- واسمه الحقيقي قوري عبد المالك - قيادته للفصيل الإسلامي الجديد وانضم اليه قائد منطقة في شرق الجزائر يتخذها جناح القاعدة في شمال افريقيا مقرا له.

وقال أبو سليمان مخاطبا أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية في البيان "إن لكم في مغرب الإسلام رجالا لو أمرتهم لأتمروا ولو ناديتهم للبوا ولو طلبتهم لخفوا"، مشيرا إلى أن تنظيم القاعدة الأم وفرعها في المغرب "حادا عن جادة الصواب ».

وتعيش تونس حالة من القلق إزاء حوالي 2500 من شبابها ، يقاتلون في صفوف داعش ، لتكون تونس على رأس الدول المصدّرة للإرهاب نتيجة حالة الإنفلات التي عرفتها بعد الأطاحة بالنظام السابق وتحول البلاد الى معسكر تعتمده قوى إقليمية ودولية في تجنيد الشريعة إعتمادا على الخطاب الديني المتشنج والتمويل المجزي والوعود البراقة بإقتراب ساعة النصر وبناء دولة الإسلام ، حسب ما يؤكده المحلل السياسي الجمعي القاسمي 

كما اعلنت جماعة "أنصار بيت المقدس » الإرهابية والتي تنشط شمال سيناء في مصر، انضمامها إلى تنظيم داعش ومبايعة زعيمها أبو بكر البغدادي ،و نشرت تسجيلا صوتيا يفيد أن "القسم الإعلامي لجماعة أنصار بيت المقدس يقدم كلمة صوتية بمبايعة "خليفة المسلمين" أبي بكر البغدادي وانضمامها إلى داعش".

الإخوان ومشروع الهيمنة 

ومنذ  بدايات حركة التغيير التي عرفها عدد من الدول العربية إثر إندلاع الإنتفاضة الشعبية في تونس التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي في يناير 2011 ،حاولت قوى الإسلام السياسي  تجيير الحراك الشعبي لفائدتها والسيطرة على الحكم في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن ، وبحسب المحلل السياسي التونسي والمتخصص في الجماعات الإسلامية ناجي جلول فإن جماعة الإخوان المسلمين بتفرعاتها المختلفة في المنطقة سعت الى أن تكون البديل عن الإنظمة السابقة ،مدعومة بخيارات إقليمية ودولية كانت تعمل على إيصال ما تسميه بالإسلام السياسي المعتدل الى السلطة لضرب الجماعات المتطرفة ،وهو ما تبيّن في ما بعد أنه خطأ فادح ،حيث أن الجماعات الإخوانية مرتبطة إرتباطا عضويا وعقائديا بالجماعات المتطرفة التي سرعان ما تحولت الى أجنحة مسلحة للأحزاب الإخوانية ، وهو ما يتجلى في ردود الفعل الإرهابية التي عرفتها مصر بعد الإطاحة شعبيا بنظام محمد مرسي ،وفي ليبيا بعد خسارة الإخوان في الإنتخابات البرلمانية ، كما حاول المتشددون ضرب الإستقرار في تونس من خلال إغتيال شخصيات معروفة بموقفها الرافض لحكم الإخوان وخاصة شكري بلعيد ومحمد البراهمي ،إضافة الى قتل الأمنيين والجنود ،حيث لقي  40 من أعوان الأمن والجيش حتفهم إلى جانب 25 إرهابيا خلال السنوات الثلاث الأخيرة. كما تم توقيف أزيد من 2000 شخص من المتهمين بالإرهاب 

ليبيا في قلب  العاصفة

 وعرف العام 2014 إتساعا لدائرة الإرهاب في ليبيا التي يقود جيشها النظامي حربا ضد العناصر المتشددة من تنظيم أنصار الشريعة وميلشيات فجر ليبيا ، وأكد اللواء المتقاعد خليفة حفتر قائد عملية « الكرامة » أن بلاده تحارب الإرهاب نيابة عن العالم ، وقال « ما يحدث في ليبيا قد يكون أخطر مما يدور في أي بلد آخر ، فنحن أمام مساحة شاسعة من الأرض وتضاريس صعبة وشاطيء يمتد على مسافة ألفي كيلومتر وكميات مهولة من السلاح غير المراقب تحاول الجماعات الإرهابية إستغلالها في السيطرة على المنطقة ككل وليس ليبيا فقط » ويرى رئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية العجيلي عبد السلام البريني في تصريحات ل« بوابة افريقيا الاخبارية » أن « الإرهاب داخل ليبيا إتخذ أبعادا جديدة تجعل منه خطرا على العالم بأسره ، وما حدث خلال العام 2014 أثبت أن هناك أطرافا إقليمية ودولية تحاول أن تجعل من ليبيا ملجأ للإرهاب العالمي الذي لا تقف طموحاته عند حدّ » مضيفا أن « ليبيا على مرمى حجر من أوروبا ، والإرهاب لا وطن له ، ولكنه قد يستغل الأوطان في التمدّد نحو آفاق أبعد ، معتمدا على هشاشة الدول وخاصة الفاشلة منها أو القريبة من الفشل ، وما الإعلان عن ولايات داعش في برقة وطرابلس غير صفارات إنذار لم يلتقطها ذكاء العالم  ولم يتفاعل معها بسرعة » 

ويؤكد المحلل السياسي التونسي المتخصص في الجماعات الإسلامية باسل ترجمان إن تقرير مؤشر الإرهاب العالمي الصادر في 16 نوفمبر  الماضي يشير إلى أنه مثلما تتسع دائرة الإرهاب بين الجارتين سوريا والعراق "هناك نفس الحال بين ليبيا وتونس، وهو وضع قابل للتطور » مبرزا أن  "ليبيا أصبحت اليوم حاضنة كبيرة للإرهاب، والجماعات الإرهابية في تونس مرتبطة عضويا وعقائديا مع الجماعات الإرهابية في ليبيا وخاصة أنصار الشريعة أو القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وأخيرا الدولة الإسلامية (داعش) ».

العرب في مواجهة التحدي 

العرب في عين العاصفة 

ويجمع جلّ المراقبين على أن أغلب الدول العربية باتت تعاني من خطر الإرهاب ، وأن العرب يجدون إنفسهم في عين العاصفة ، وأن الحل لا يمكن أن يكون إلا في إطار شامل وجامع وعلى مستويات وأصعدة عدة منها ما هو أمني وسياسي وإقتصادي واجتماعي وثقافي ، وفي إطار مواجهة قد تستمر طويلا حسب تعبير  ولي عهد مملكة البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة  الذي المجتمع الدولي إلى التخلي عن عبارة "الحرب على الإرهاب" وتعويضها بمحاربة "ثيوقراطية الشر" في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

ولدى افتتاحه مؤخرا الدورة العاشرة من "حوار المنامة"  طالب الأمير سلمان بالتركيز على التهديد الحقيقي المتمثل في صعود ثيوقراطية الشر هذه ، وأضاف "نحن نحارب ثيوقراطيين" (مستبدين باسم الدين)، والأمر سيستمر "لفترة طويلة ».،وأشار إلى أن جهود محاربة الإرهاب استمرت منذ ما يزيد على العقد وحان الوقت للمراجعة الصريحة ولإعادة النظر في ماهية هذه المفردة وإدراك من يقف خلف هذه الجماعات التي تجب محاربتها، معتبرا أن من يقفون وراءها أصحاب أيديولوجيات يعزلون أنفسهم عن العالم ولا يؤمنون بالنظم والعقود الاجتماعية.

وفي تصريحات ل« بوابة افريقيا الاخبارية » قال وزير الخارجية التونسي منجي الحامدي أن « الإرهاب بما يمثله من ظاهرة دولية عابرة للحدود ، يحتاج الى التكاتف بين جميع الدول و خصوصا الدول العربية التي تجد نفسها مهددة في وجودها وكياناتها وسيادتها ،وأن التضامن في هذا المجال يكون بتوحيد الجهود لقطع الطريق أمام الجماعات الإرهابية التي تحاول فرض إرادتها على الشعوب والمجتمعات قبل الحكومات من خلال الفهم الخاطيء للدين والمتاجرة الرخيصة بمشاكل الشباب بهدف تحويلهم الى قنابل موقوتة ضد بلدانهم » 

وصل الى ذروته 

وتحاول مصر أن تواجه الإرهاب الذي يمارسه تنظيم الإخوان المتحالف مع الجماعات السلفية الجهادية بالكثير من الحنكة والصبر ،في حين أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي  أن الإرهاب وصل إلى ذروته في المنطقة، وإن بلدانا كالعراق ومصر واليمن وسوريا وليبيا تمر بأخطر مرحلة في تاريخها ، معتبرا أن مواجهة التطرف والإرهاب لا تكون بالأمن فقط، وإنما بالجهد الثقافي والإعلامي.

كما تمر اليمن بفترة صعبة من تاريخها نتيجة عاصفة الإرهاب التي تواجهها من قبل الحوثيين وتنظيم القاعدة ،وقد أكد مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة خالد اليماني أن الإرهاب "خطراً وجودياً يهدد كيانات المجتمعات"، و"خطراً كونياً يضاهي تفشي الأوبئة والأمراض الفتاكة » لافتا  الى "المعوقات وجوانب القصور والهشاشة في الاستراتيجيات المتبعة لمكافحة هذه الآفة ».

وحول التحديات التي تواجهها الجمهورية اليمنية جراء تنامي مخاطر الإرهاب والجهود المبذولة لمواجهته، قال اليماني "لقد واجهت بلادنا منذ وقت مبكر ومازالت خطر الإرهاب، وتواصلت محاولات تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية المستميتة للنيل من سيادة الدولة وهيبتها، مستغلاً الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها"، موضحاً أنه "وعلى الرغم من الجهود القانونية والتشريعية، إلا أننا واجهنا ومازلنا نواجه أثناء التنفيذ مشكلة التمويل وقلة الموارد، فمختلف الوزارات والادارات المعنية بتنفيذ جوانب الاستراتيجية تعاني من شح مواردها وميزانياتها التي لا تسمح بتحمل المزيد من النفقات، فضلاً عن كون اليمن كما يعرف الجميع يعيش مرحلة انتقالية معقدة مع ما يصاحب ذلك من اوضاع انسانية واقتصادية واجتماعية صعبة ».

كما تشهد لبنان تهديدا إرهابيا مباشرا من قبل عدد من المنظمات المتشددة مثل داعش وجبهة النصرة ، وقد أوضح  رئيس الوزراء اللبنانى السابق، سعد الحريرى، إن بلاده  تواجه هجمة إرهابية غير مسبوقة، مشيراً إلى أن الإرهاب سرطان يهدد وجود لبنان، بل يهدد المنطقة كلها بانتشار الفوضى والفتن. مضيفا أن استئصال الإرهاب مسئولية الدولة ومؤسساتها،

الإرهاب في افريقيا 

يمثّل الإرهاب هاجسا مرعبا للأفارقة ، منذ العشرية الدامية في الجزائر التي مهدت لإنتشار الفكر الجهادي المتشدد في شمال القارة ، ومثّل تفجير السفارتين الأمريكيتين  بنيروبي ودار السلام عام 1998 ، مرحلة مهمة في إعلان تنظيم القاعدة عن وجوده شرقي إفريقيا إنطلاقا من الصومال التي عرفت العام 1993 تدخلا عسكريا أمريكيا ساهم فشله في تحويل البلاد الى ساحة متقدمة للإرهاب العالمي ،  كما صعّدت جماعة بوكو حرام فى نيجيريا من عملياتها رغم القبض على زعيمها محمد يوسف  في العام 2009 وإعدامه فى مركز الشرطة دون محاكمة ، وقد إعتقدت السلطات الحكومية أنها قضت على الجماعة بالقصاء على رئيسها ،إلا أنها أخطأت في إستنتاجها ، وتحولت بوكو حرام الى حالة إفريقية توسعت رقعة تأثيرها في المناطق والدول المجاورة مع بروز عدد من الجماعات والمنظمات في غرب القارة ،أعلنت أنها تسير على نهج تنظيم القاعدة من بينها  جماعة أنصار الدين وجماعة الجهاد والتوحيد فى مالي  

 ويشير أحمد إبراهيم محمود رئيس تحرير كراسات استراتيجية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، في العدد الخاص الصادر عن المركز  تحت عنوان «الإرهاب الدولي في أفريقيا» 

الى  أن نقطة الانطلاق الرئيسية في علاقة أفريقيا بالإرهاب تتمثل في أن هناك شكلين رئيسيين يتخذهما التهديد الإرهابي في القارة، أولهما الإرهاب المحلي، إذ إن الإرهاب يعتبر أحد أشكال العنف المتوطن في أفريقيا، ويستخدم بكثافة شديدة في الحروب الأهلية والصراعات الداخلية المسلحة التي تعاني منها الكثير من دول القارة، أما الشكل الثاني، فهو الإرهاب الدولي أو الإرهاب العابر للحدود، وهو الإرهاب الذي تنطبق عليه عناصر الجريمة المنظمة الدولية أو العابرة للحدود،وأبرز نماذج هذا الشكل هو ذلك الذي يقف وراءه القاعدة والجماعات التي تستهلم نموذجه ، مضيفا  أن ظاهرة الإرهاب تتأثر إلي حد كبير بطبيعة الدولة في إفريقيا، لاسيما أن الضعف التقليدي العام للدولة في إفريقيا يتيح فرصا ملائمة للجماعات الإرهابية للعمل بحرية في دول القارة، ولكن من الضروري التمييز هنا ما بين الأشكال المختلفة من ضعف الدولة، إذ يمكن القول بأن هناك أربعة أشكال مختلفة لقوة أو ضعف الدولة في إفريقيا، ولكل منها انعكاسات مختلفة بشكل أو بآخر على عمل الجماعات الإرهابية، وهي: الدول الضعيفة، الدول الفاشلة، الدول القوية والمستقرة نسبيا، الدول المنهارة.

آسيا تتكتّل لمواجهة الإرهاب 

تحاول دول آسيا مواجهة تحديات الإرهاب المتمدد إليها من بؤره التقليدية وخاصة في أفغانستان وباكستان ، حيث رفعت الهند حالة التأهب فى عدد من ولاياتها عقب إعلان أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة إنشاء فرع جديد للحركة الإسلامية المتطرفة فى جنوب القارة الآسيوية ، وبحسب  آجى ساهانى المحلل الهندى البارز فى الشئون الأمنية فى معهد «إدارة الأزمات» فى نيودلهى فأن القاعدة تسعى إلى تأكيد شرعيتها فى عيون العالم الإسلامى الراديكالي، وأن إعلان الظواهرى يفتقر إلى أى معنى أو مغزى خاصة فى ضوء التطورات المتلاحقة 

من جهته ، حث الرئيس الصيني شي جينبينغ قادة دول آسيا الوسطى على مضاعفة جهودهم لمحاربة التطرف الديني، في اشارة الى الهجمات التي تشنها عناصر تنتمي الى اقلية الويغور المسلمة في اقليم شينجيانغ غربي البلاد ، حيث تقول بكين إن جماعات انفصالية في شينجيانغ تسعى الى تأسيس دولة خاصة بالويغور يطلقون عليها اسم "تركستان الشرقية"، وان هؤلاء لديهم ارتباطات بجماعات متطرفة في آسيا الوسطى وباكستان.

وتقف الصين مع روسيا في حلف واحد لمواجهة خطر الإرهاب العالمي ،وهو الأمر الذي  شدد عليه  وزير الخارجية الصيني وانغ يي  في رسالة تعزية وجهها الى نظيره الروسي سيرجي لافروف بشأن الهجوم الإرهابي الذى وقع  في جمهورية الشيشان في جنوب غرب روسيا  في الرابع من ديسمبر الجاري حيث قال  "إن الصين تدعم جهود روسيا بحزم في مكافحة الإرهاب وترغب في تعزيز التعاون معها في مجال مكافحة الإرهاب من أجل حماية السلام الوطني لبعضهما بعضا الى جانب تحقيق الهدوء والاستقرار وضمان سلامة الأرواح والممتلكات لكلا الشعبين".

وقال رئيس الوزراء النيبالي سوشيل كويرالا  أن مكافحة الإرهاب والأصولية الدينية هي "أولوية قصوى" لحكومات جنوب آسيا، التي هي معا ضد "العدو المشترك" الذي يهدد كل "الطرق الحضارية للحياة » مردفا أن "الإرهاب هو عدونا المشترك ويهدد بشكل متزايد طرق الحياة الحضارية، لقد كانت جنوب آسيا أكبر ضحية للإرهاب والجرائم العابرة للحدود بأنواعها المختلفة، بما في فيها من التطرف والأصولية الدينية ولذا ينبغي مكافحتها بشكل جماعي".

وأشار الرئيس الأفغاني أشرف غاني الى أن  " الإرهاب والأصولية الدينية هما أكبر معوق للتنمية في هذه المنطقة ولذا ينبغي لنا أن نتحد جميعا للقضاء على الأنشطة غير الإنسانية في هذه المنطقة »وفق تعبيره 

إمكانيات متطورة 

يجد العالم نفسه أمام تحديات الإرهاب في ظل إتساع أدوات التحريض والتجييش والتمويل نتيجة تطوّر التقنيات وفتح الفضاءات ، وهو ما أشار إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، نائب رئيس الدولة ، رئيس مجلس الوزراء ، حاكم دبي  عندما قال  «أكثر ما يقلقني، أن هذا الفكر الخبيث الذي قامت عليه القاعدة بأدواتها البدائية من كهوف أفغانستان، واستطاعت أن تزعزع به أمن العالم وتقلق راحته، هو الفكر نفسه الذي تقوم عليه داعش اليوم، وتستند في تنفيذه على أدوات تكنولوجية متقدمة، وموارد مالية ضخمة، ومساحة جغرافية هائلة، تعادل حجم المملكة الأردنية، ومشاركة جهادية واسعة من مختلف مناطق العالم، ما يؤشر أن العالم فشل في مواجهة الفكر الخبيث، وأن التحدي أكبر بكثير مما نتوقع، لأن هذا الفكر أصبح أكثر تشدداً وأكثر وحشية وأوسع انتشاراً من النسخة السابقة له» ، وفي هذا الإطار يلاحظ العميد المتقاعد مختار بن نصر نائب رئيس مركز تونس لدراسات الأمن الشامل أن « الإرهاب العالمي إستفاد من التقنيات الحديثة ووسائط الإتصال وخاصة شبكة الإنترنيت في تحويل الفكرة الى مشروع ،وفي جلب الداعمين لها بالمال والإمكانيات الضخمة ، وفي تجنيد الشباب ، الى درجة يبدو فيها الإرهاب أكثر إستغلالا لتلك الأدوات ممن يحاربونه » ، من جهته ، قال الدكتور هشام بشير مدير مركز الدرسات الإستراتيجية والاقتصادية بجامعة بني سويف المصرية  إن الإرهاب الإلكتروني بات أداة الجماعات الإرهابية الجديدة لترويع الآمنين، مضيفا أن المنظمات الإرهابية أصبحت تستخدم التقنيات التكنولوجية الحديثة من أجل ابتزاز الحكومات أو الشعوب أو المجتمع ولتحقيق أهداف سياسية ، مضيفا أن الإرهاب الإلكتروني يعتمد على استخدام الإمكانيات العلمية والتقنية الحديثة واستغلال وسائل الاتصال والشبكات المعلوماتية من أجل تخويف الآخرين وترويعهم وإلحاق الضرر بهم أو تهديديهم،