شكّل الصعود الصاروخي لحزب عبير موسي، الحزب الدستوري الحرّ، مفاجأة في البارومتر السياسي، لينازع  حركة النهضة على صدارة نوايا التصويت، ومتفوّقًا على أحزاب مهيكلة و مؤسّسة منذ سنوات عديدة كحركة الشعب وغيرها.
هذا الصّعود يعدّ مفاجأة حقيقية من من جهة قياسيّة المدة التي برز فيها هذا الحزب لما يمثّله من إمتداد للمنظومة القديمة التي تمثّلها رأسًا زعيمة الحزب عبير موسي التي كانت أمين عام مساعد لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل مباشرة قبل إندلاع ثورة 2011.
على الرّغم من أن الحزب الدستوري الحرّ لم يحصد أكثر من 16 مقعدًا في البرلمان التونسي إلّا أنّه أصبح رقمًا صعبًا في الساحة السياسية التونسية،إذ بدأت أطراف سياسية وإعلامية وجمعيات نسائية كثيرة تقترب من موسي معتبرةً إياها المشروع الوحيد القادر على إيقاف المشروع الإخواني في تونس خاصة بعد الفشل الذريع الذي حققته العائلة الديمقراطية في إنتخابات أكتوبر 2019.
إلّا أنه في الجانب المقابل،إعتبرت بعض الوجوه السياسية التونسية المعروفة أن عبير موسي ليست إلا ظاهرة صوتية حيث وجّه عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري المعارض  أخيراً في بيان رسمي باسم حزبه انتقادات حادة لموسي، وشكك في وطنيتها، وقلل من جدية الحديث عن دور سياسي وطني يمكن أن تلعبه على رأس المعارضة.
بينما،أكّدالنّاشط السياسي اليساري والمستشار السابق في الرئاسة التونسية ناجي جلول في تصريحات صحفية أن "نتائج الدستوري الحر في الانتخابات البلدية والرئاسية والبرلمانية الماضية تؤكد أن حجمها سيتراوح في أي انتخابات جديدة بين 4 و10 في المائة فقط؛ لأن الشباب والجيل الجديد من الجنسين لا يبالون كثيراً بالمعارك السياسية الآيديولوجية الموروثة بين بورقيبة وبن علي وقيادات الإخوان المسلمين واليسار الماركسي".
في سياق متصل،منذ بداية العهدة البرلمانية الجديدة توخّى الدستوري الحر سلوك سياسي قائم على أساس قاعدة فرز جديدة أنتجت شكلًا من الإستقطاب الثنائي منحسر بين المشروع الإسلامي ممثّلا في حركة النهضة و بعض الكتل المقربة منها أو المشروع الوطني حسب زعمهم ممثلا في الدستوري الحر و بعض الكتل القريبة منها فكريا.
هذا التوجّه تُرجم أساسا من خلال مجموعة من اللوائح البرلمانية التي تقدم بها الحزب ما جعله يأخذ زمام المبادرة على رأس المعارضة.
من ذلك،أسقط البرلمان التونسي لائحة تقدم بها الحزب الدستوري الحر المعارض تقضي بإلزام مجلس نواب الشعب برفض التدخل العسكري في ليبيا والتزام تونس بمبدأ الحياد بخصوص الصراع الليبي ورفض إقامة قواعد لوجستية وعسكرية في تونس هدفها التدخل في ليبيا.
وقد تم خلال الجلسة مساءلة رئيس البرلمان راشد الغنوشي على خلفية اتصاله برئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج وتهنئته بسيطرة قواته على قاعدة الوطية العسكرية في شهر مايو الماضي.
كما رفض مكتب البرلمان التونسي مساء الجمعة إحالة اللائحة، التي تقدم بها الحزب الدستوري الحر لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا، على أنظار جلسة عامة تخصص للتصويت عليها.
وعقب هذا الرّفض اتهمت موسي كتلا برلمانية وسطية على غرار قلب تونس  بالخيانة مؤكدة أن البرلمان تحت سيطرة "المرشد"في إشارة إلى رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي الذي يرأس أيضاً المجلس.
وكشفت عبير موسي أن حزبها بصدد التجهيز لتحركات جديدة في مواجهة إخوان تونس في إشارة واضحة لحركة النهضة.
في ذات الإطار،تشدّد ملاك محمّدي القيادية في الحزب الدستوري الحرّ على أن الحزب بصدد الظفر بموقع تزعّم المعارضة حيث قالت لبوابة إفريقيا الإخبارية:"ما لا يمكن انكاره هو تزعم الحزب الدستوري الحر المعارضه اليوم ونجح هذا الاخير في أن يخلق لدى الشعب صورة انه قائد المعركة ضد حركة الإخوان وفكرهم و تحديدا النهضة واذرعهم مثل ائتلاف الكرامه. حيث انه أصبح يطلق عليه اسم "المعارضه البناءة" وذلك بسبب مواقفه ومداخلات اعضائه على رأسهم رئيسة الحزب عبير موسي التي أصبحت مداخلاتها تتداول عالميا والتي تميزت بخطاب علمي يستند على أرقام و إحصائيات وحجج قويه مما خلق البديل لدي الشعب التونسي  واصبح يرى فيها المهرب من الوضعية الاجتماعية والاقتصادية المتردية".