تشهد العلاقات الليبية الإيطالية حالات مد و جزر متواصل إذ لم تتسم أبدا بطول مدة الاستقرار. ورغم إنهاء الاحتلال الإيطالي لليبيا واعتذار رئيس الوزراء برلسكوني عن كل الفضاعات التي ارتكبتها بلاده بحق الليبيين في أثناء الحقبة الاستعمارية إلا أن الهاجس الاستعماري لم ينته لدى الإيطاليين.
يرى مراقبون أن العلاقة الإيطالية اللليبية مدفوعة بالعامل الاقتصادي بشكل رئيسي إذ ترتبط بعلاقات اقتصادية ومعاملات تجارية كبيرة، لعل أهمها وأكبرها مشاريع النفط والغاز، والتي تمثل شركة "إيني" أهم أذرعها حيث تمتلك أهم امتيازات النفط والغاز في ليبيا إلى جانب غيرها من الشركات العالمية الأخرى التي تتنافس مع الشركات الوطنية الليبية، وتستورد إيطاليا من ليبيا ما يتجاوز ربع وارداتها من الطاقة التي تمثل 80% من احتياجاتها من الطاقة، علاوة على اعتمادها على الغاز الليبي في تلبية 12% من احتياجاتها.
في هذا الصدد، صرح الباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية ماركو لاكوفينو في حوار أجراه معه، الصحفي فيرجيليو كارارا سوتور، بالصحيفة الإيطالية ليندرو:"أن أغلب الآبار التي تسيطر عليها إيني توجد بين برقة وفزان، أي في الجزء الشمالي الشرقي للبلاد، بالإضافة إلى استيراد النفط الخام (48٪ من المجموع) والغاز الطبيعي (41.1٪)، نصدر المنتجات النفطية والآلات والمواد الغذائية المحفوظة (الفواكه والخضروات)، ورغم أن الميزانية انهارت في سنة 2011، وانتعشت تدريجيا، نعاني من انتكاسة ( التبادل التجاري في سنة 2016، بلغت قيمته 2.8 مليار يورو، مقابل 15 مليار يورو سنة 2012 )، بالإضافة إلى ذلك، لدينا شركات لها مصالح في مجال البنى التحتية، خاصة في ما يتعلق بالمشاريع التي تم الاتفاق عليها في معاهدة الصداقة سنة 2008".
أمنيا،تستبعد الإدارة الإيطالية النزول بثقلها العسكري على الأراضي الليبية حيث قال كونتي في مقابلة مع صحيفة "إل سولي 24 أوري"، يجب استبعاد وجودنا العسكري في ليبيا بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الإيطالية "آكي".
وأضاف رئيس الحكومة، اليوم الثلاثاء، "لقد ساعدنا مؤتمر باليرمو على استعادة دورنا أكثر بكثير من مجرد كونه حضورا محتملا لوحدة عسكرية، والذي من شأنه أن يسهم بتغذية عدم الاستقرار في البلاد".
وأشار رئيس الوزراء الإيطالي إلى "أن المسار قد تم تحديده بالفعل".
وتابع "يجب علينا مواصلة دعم جهود الأمم المتحدة، ومتابعة الحوار مع مختلف الجهات الليبية، لكي يكون الجميع مقتنعين بأن تفضيل التأثير الشخصي على المنفعة الجماعية للشعب، هو البديل الوحيد لضمان السلام والازدهار لأبنائهم وأحفادهم".
في نفس الإطار،شدد وزير الخارجية الإيطالي، إينزو موافيرو ميلانيزي في أواخر الشهر الماضي، على أهمية إعادة الاستقرار إلى ليبيا من الناحية الأمنية، بمعناها الضيق، لبلاده وليس فقط للتحكم في تدفقات المهاجرين.
وقال موافيرو، في تصريحات صحفية نقلتها وكالة "آكي" الإيطالية، من بروكسل: "ينبغي علينا التوصل لإعادة الوضع الطبيعي إلى ليبيا. هذا أمر ضروري بالنسبة لنا. فليبيا تقع أمامنا (على الجانب الآخر من البحر المتوسط) والمسألة ليس فقط فيما يتعلق بالمهاجرين، بل أيضًا فيما يختص بقضية الأمن، بالمعنى الدقيق للكلمة".
وبشأن تدفقات الهجرة على وجه الخصوص، أضاف رئيس الدبلوماسية الإيطالية أن "منطقة البحث والإنقاذ الليبية، كغيرها من مناطق البحث والإنقاذ بمياه المتوسط تتطلب عناية خاصة. هذا الأمر ينطبق علينا وعلى مالطا وعلى ليبيا ومسألة قدرة الدول المختلفة على التدخل هي جزء من أهداف مختلف البعثات الأوروبية، التي تشهد تطورًا فسيولوجيًا".
منذ عام 2014 حتى عام 2016 كان هناك أكثر من 15 ألف حالة وفاة في عرض البحر المتوسط، في حين أنه في 2018، هناك 1100 حتى الآن ،هكذا صرح وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني،في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديلّا سيرا"؛ مضيفًا أنه "كلما انخفض عدد الأشخاص الذين ينطلقون على متن قوارب الهجرة، قل عدد المهددين بالموت" على حد زعمه.
وأكد "سالفيني"، سعي حكومة بلاده في العمل على تسريع إعادة المهاجرين غير القانونيين إلى أوطانهم عبر عقد اتفاقيات مع بلدان المنشأ، من بينها نيجيريا والسنغال وغامبيا ومالي وساحل العاج.
وكان حوالي 600 ألف مهاجرًا غير شرعيًا قد وصلوا إلى إيطاليا، فرارًا من الأوضاع الاقتصادية المتردية في بلادهم، عبر البحر من شمال إفريقيا منذ العام 2014، وهو ما جعل ملف المهاجرين إلى رأس قائمة الأولويات، في إيطاليا.