بالرغم من وجود مؤشرات ايجابية في المشهد الليبي كانت نتيجة اجتماعات ومفاوضات مكثفة خلال الاشهر القليلة الماضية والتي تسعى الى تشكيل حكومة موحدة تفتح الطريق أمام التمهيد لانتخابات اواخر العام الجاري والتي يأمل الليبيون أن تكون بوابة لانهاء الفوضى في البلاد،فان تطورات متسارعة على الأرض مازالت تثير المخاوف من امكانية عودة الازمة الى مربعها الاول.

وتعتبر التدخلات التركية احدى أبرز المعظلات التي تعاني منها ليبيا والتي تمثل خطرا كبيرا يتهدد جهود السلام في البلاد.حيث تسعى أنقرة لتأجيج الصراعات في ليبيا خدمة لأجنداتها الرامية لنهب ثروات البلاد ومد أذرعها عبر دعم حلفائها من تيار الاسلام السياسي وعلى راسه جماعة الاخوان وتمكينهم من مقاليد السلطة. 

وفي سبيل مخططاتها تواصل تركيا تحدي القرارات الدولية والتوافقات الليبية بانهاء التدخلات الخارجية في ليبيا،حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية،الإثنين، اختتام تدريبات عناصر من قوات حكومة الوفاق، على أنظمة أسلحة الدفاع الجوي في ولاية قونية وسط البلاد.وقالت الدفاع التركية، في بيان، إن القوات تلقت تدريبات على استعمال أنظمة مضادة للطائرات بدون طيار وأنظمة الرادار والمدافع الحديثة، مشيرة إلى عودة دفعة جديدة إلى ليبيا بعد أن أنهت تدريباتها.

وكانت وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق في العاصمة الليبية طرابلس، أعلنت الأسبوع الماضي، أن نحو 1300 من عناصرها أكملوا تدريباتهم مع القوات المسلحة التركية داخل ليبيا، على ثمانية عشر برنامجًا مختلفًا.،بالرغم من مخالفة هذه التدريبات لاتفاق جنيف الذي وقعته اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) فى 23 أكتوبر الماضي.

وأكد وزير دفاع الوفاق صلاح الدين النمروش استمرار البرامج التدريبية التي تنظمها وزارته مع من أسماه بـ"الحليف التركي"، والتي يشرف على تنفيذها الجيش التركي، في إطار ما وصفها بـ"مذكرة التعاون الأمنية العسكرية".وأكد النمروش أن البرامج التدريبية ستتواصل في الأكاديميات العسكرية التركية لجزء من الطلاب الذين انقطعوا عن دراستهم في الكلية العسكرية بطرابلس.

ويعتمد النظام التركي على حكومة الوفاق لمحاولة شرعنة غزو ليبيا من خلال اتفاقيات أبطلها القضاء الليبي مؤخرا.وأعلنت محكمة استئناف مدينة البيضاء، بشرق ليبيا،الأربعاء الماضي، حكماً يقضي بانعدام قراري المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، بالإضافة إلى اتفاقية التعاون الأمني والعسكري.

وقالت المحكمة في بيان، إن هذا الحكم صدر لصالح مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق، بخصوص انعدام اتفاقيات الغرض منها انتهاك السيادة الليبية.وأضافت أن الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة، جاء بناءً على الدعوة التي رفعت من قبل الإدارة القانونية بديوان البرلمان، بشأن إبطال القرارين في الشق المستعجل بإيقاف التنفيذ، إلى حين الفصل في الموضوع.

وكانت رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، وقع مع مسؤولين أتراك عدة اتفاقيات، تتضمن حماية مصالح تركيا في ليبيا، وتقاسم السيادة البحرية المشتركة بين البلدين.وأدى ذلك الأمر إلى ردود أفعال متصاعدة في كل من مصر واليونان، ومن خلفهما دول الاتحاد الأوروبي، بسبب تأثير هذا الأمر على مستقبل الاتفاقيات البحرية الدولية.

تحركات النظام التركي لعرقلة السلام في ليبيا تظهر ايضاع عبر استمرار جلب المرتزقة الى الاراضي الليبية،حيث كشفت الصحفية الأمريكية، ليندسي سنيل،عن تجهيز الحكومة التركية لعدد من عناصر ميليشيات "السلطان مراد" السورية التابعة لها، للسفر إلى ليبيا، وذلك على الرغم من الاتفاقيات الدولية على طرد المرتزقة الأجانب، خاصة مع تواصل جهود طرفي النزاع لإحلال السلام في ليبيا وتقاسم السلطة وفقًا لسبل الحوار.

ونشرت سنيل، مساء السبت عبر حسابها الرسمي على موقع "تويتر" صورة لعناصر ميليشيات "السلطان مراد" قبل ذهابهم إلى ليبيا، وعلقت قائلة إن مسلحي "السلطان مراد" موجودون اليوم في قرية حوار كلس قبل عبورهم إلى تركيا، ليتم نقلهم إلى ليبيا، مضيفة أنه على العكس مما تنص عليه اتفاقية وقف إطلاق النار في ليبيا على وجوب طرد جميع المرتزقة الأجانب، ولكن تجلب تركيا المزيد إلى هناك.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أشار في تقرير له إلى أنه على الرغم من مضى نحو أسبوع على انتهاء المهلة المحددة لانسحاب المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية، إلا أن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث، إذ لاتزال مرتزقة الفصائل السورية الموالية للحكومة التركية متواجدة في ليبيا، ولم تعود إلى سوريا حتى اللحظة، وما حدث خلال الأيام الفائتة من الشهر الجاري هو عبارة عن عمليات تبديل، يعود خلالها دفعات مقابل ذهاب دفعات مقابلها.

وانتهت السبت 23 يناير الجارى مهلة الـ90 يوما لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا والتي اتفق عليها أعضاء اللجنة العسكرية (5+5) فى جنيف.وفي المقابل مددت تركيا بقاء قواتها في ليبيا لمدة 18 شهراً اعتباراً من 2 يناير الماضي، وهي تسيطر حالياً على قاعدتي الوطية الجوية ومصراتة البحرية، وتدرب قوات برية وبحرية تابعة لحكومة الوفاق.

ومازالت أعين أردوغان على الحقول النفطية حيث أجهض اتفاق وقف اطلاق النار أحلامه في السيطرة مدينتي سرت والجفرة ومن ورائهما الهلال النفطي.وحذر  اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، الجمعة، من خروقات الطائرات بدون طيار قرب مدينة سرت، مؤكدا أنها تقود لإفشال وقف إطلاق النار.

ووصف المسماري انتهاك المجال الجوي الليبي بـ"العمل المعادي والاستفزازي من قبل الأطراف الساعية لإفشال التسوية السياسية التي تعمل عليها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والدول الصديقة والشقيقة، وكذلك مخرجات اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5".وأوضح أن "القيادة العامة للجيش الليببي تعرف تماما النوايا الخبيثة من خلف هذه الاستفزازات للقوات المسلحة من أجل دفعها لعمل مضاد، يعتبر بعد ذلك انتهاكا لوقف إطلاق النار".

ومثل الاعلان على قائمة المرشحين الذين يتطلعون لقيادة حكومة انتقالية في البلد،خطوة مهمة في المشهد الليبي خاصة وأنه يمثل بداية الطريق نحو الوصول الى تسوية شاملة في البلاد عبر انتخابات يزمع عقدها آخر العام الجاري.لكن هذه الانفراجة تبقى محاطة بحقل من الألغام مع استمرار مسلسل الخروقات التركية ومساعيها لاشعال الصراع في ليبيا.ويبقى نجاح جهود السلام رهين قدرة المجتمع الدولي على كبح جماح الاطماع التركية.