وجه مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة إبراهيم عمر الدباشي، رسالة مفتوحة إلى الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة غسّان سلامة، أكد خلالها أن المؤتمر الوطني الجامع المقرر عقده خلال الآونة المقبلة، هو الفرصة الأخيرة لليبيين في إيجاد حل سلمي يضمن الخروج من المرحلة الانتقالية والوصول الي حكومة منتخبة.

وقال الدباشي في رسالته التي نشرها عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك:

أخاطبكم بوصفي دبلوماسي ليبي متقاعد، مستقل في آراءه ولا ينتمي الى اي حزب او تيار سياسي، اكتسب خبرة ومعرفة بجهود الامم المتحدة في اقامة السلام وبناء السلام من خلال العمل ببعثة ليبيا لدى الأمم المتحدة، وعضوية ليبيا في مجلس الامن عامي 2008 و 2009، وتشرف برئاسته في شهر مارس 2009، ويدرك مدى وحدة الشعب الليبي وتماسكه، ويؤلمه ما آل اليه حال الوطن والمواطن.

وأضاف الدباشي، تابعت باهتمام الحماس الذي بداتم به مهمتكم في ليبيا، وجهودكم المشكورة لجمع الفرقاء الليبيين للوصول الى توافق لحل الازمة الليبية، وفقاً لخريطة الطريق التي اعلنتموها في نيويورك في شهر سبتمبر 2017، وأُدرك الصعوبات التي واجهتكم بسبب غياب الشريك الوطني الفعال بين متصدري المشهد السياسي الليبي، الذين اتت بهم الصدفة والمحاصصة ليتبوأوا اعلى المناصب دون خبرة او كفاءة او شعور بالمسؤولية الوطنية.

لا شك ان مهمة الممثل الشخصي للامين العام للأمم المتحدة في ادارة وحل اي صراع ليست سهلة، وتزداد صعوبة كلما تعارضت مصالح الدول الكبرى في البلد المعني، واعرف ان هذه المصالح اكثر تعارضاً في ليبيا منها في اي بلد اخر بسبب الموقع الجيوسياسي لليبيا والموارد التي حباها الله بها، وغياب القيادة القادرة على رسم سياسة واضحة محورها المصلحة الوطنية، والسيادة الوطنية، ولكني على قناعة بان جهد الممثل الخاص في تحسس الحلول من الشخصيات الوطنية وخاصة المحايدة منها، والخبيرة بشؤون ادارة الدولة، والمدركة لطموحات السواد الاعظم من الليبيين، كفيلة بان تنير لكم الطريق الأقرب للوصول الى حل ترضاه الأغلبية يكفل العودة الي المسار الديمقراطي، وإنهاء المرحلة الانتقالية.

لا شك أنكم قمتم بمحاولات كثيرة جادة للمساعدة في الخروج من الأزمة ولكنها لم تنجح لانها تستند على قواعد هشة لا يدعمها القانون، ولا تحترم قواعد الديمقراطية، ولم تحظى بتعاون وشراكة سلطات الأمر الواقع التي تنقصها الشرعية القانونية والدستورية، ويسيطر عليها أنانيون تنقصهم الخبرة وحب الوطن، وحرّضت ضدها دول تقوم سياساتها على استدامة الفوضى وخلق الظروف لتقسيم ليبيا، ولذلك انا لا ألومكم على عدم النجاح بقدر ما ألومكم على الاستمرار في استخدام نفس الأدوات التي ثبت فشلها، وعدم التفكير في الحل خارج الصندوق، وتقديم مبادرات جديدة وخلّاقة تستلهم الحل من طموحات الغالبية الصامتة من الليبيين، الذين يمكن ان يعبر عنهم بأمانه الخبراء البيروقراطيون المستقلون، والمثقفون والنشطاء غير المنتمين لأي تيار سياسي، وحتى ممثلو البلديات.

أن احد أعمدة خطتكم التي أعلنتموها في نيويورك هو المؤتمر الوطني الجامع، الذي شعرنا أنكم كنتم تريدونه خطوة اخيرة فارقة وفعالة في حل الأزمة الليبية، ولكن يبدو ان أطرافاً ليبية وراءها دول فاعلة في مجلس الأمن شاءت ان تحوله الى مجرد ملتقى اخر لليبيين الموجودين على الساحة السياسية، لالهاء الشعب، وإضاعة الوقت للحفاظ على امتيازاتهم، دون ان يكون له أي مضمون أو نتيجة.

المؤتمر الوطني الجامع الذي أعلنتم عن عقدة في بداية هذا العام هو الفرصة الأخيرة لليبيين في ايجاد حل سلمي يضمن الخروج من المرحلة الانتقالية والوصول الي حكومة منتخبة، وهو الفرصة الأخيرة لكم للنجاح، وللأمم المتحدة لإثبات صدقيتها، ولذلك انصحكم بكل تواضع ان تتجاوزوا أولئك العاجزين الذين شرعنتموهم باتفاق لم يسري مفعوله، ولم تنفذ اغلب بنوده، ونسوا مسؤولياتهم، وأولئك الذين استولوا على صلاحيات غيرهم لعرقلة كل امل في الحل، فلم يعد أي منهم يمثل الشعب أو يهتم بطموحاته أو يسعى لإنهاء معاناته.. عليكم تجاوز المحاصصة الجهوية والقبلية، والمزاعم الحزبية، والتيارات النفعية المختلقة، والمجموعات المسلحة الفوضوية، والانقسامات السياسية الناتجة عن الأحداث التاريخية، وعودوا الى الشعب ليكون له ممثلا عن كل بلدية يختاره مجلسها وعقلاءها ليمثلها في المؤتمر الجامع، الذي يحتاج الى شرعية شعبية حقيقية ليتجاوز بقراراته المعرقلين والمفسدين الذين يمارسون السلطة دون أي سند قانوني أو دستوري. يجب ألّا تخدعكم مناورات متصدري المشهد السياسي وضجيجهم، فالبذور التي تطفو على الماء تكون دائماً فاسدة ولا تنبت زرعاً.

هذا التمثيل العريض للقاعدة الشعبية هو الوحيد الذي يجعل أي مؤتمر أو ملتقى وطني جامع لليبيين فعلاً، ويحقق نتائج لا يستطيع ان يقف ضدها أحد، ويستطيع المجتمع الدولي ان يعتمد عليها في ردع كل من يحاول عرقلة تنفيذها، وهو البديل الوحيد لخنجر التوافق المسموم الذي زرع في جسم الوطن للقضاء عليه.

واختتم الدباشي رسالته، بالقول "لقد حان الوقت لتحديد المهمة الأساسية للمؤتمر الجامع بكل وضوح، وهي في نظري ايجاد حكومة انتقالية شرعية، وقوة شرعية تحميها، للإعداد الدستوري والقانوني والأمني للانتخابات البرلمانية خلال ستة شهور تليها انتخابات رئاسية بعد ذلك بثلاثة شهور. ويجب تحديد موعد انعقاد المؤتمر الوطني الجامع، والمشاركين فيه، وجدول أعماله والمخرجات المنتظرة منه، وحبذا لو عقد في ليبيا وبعيداً عن ممثلي الدول الأجنبية والصحافة."

https://www.facebook.com/i.eddabbashi/posts/2023360177760939?notif_id=1546852152381891¬if_t=notify_me