يتحدث الهاشمي سحنوني، أحد مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ " الفيس " المحظور من النشاط منذ وقف المسار الإنتخابي في الجزائر سنة 1991، في هذه المقابلة الحصرية مع " بوابة إفريقيا الإخبارية " عن موقفه من رئيس الجبهة عباسي مدني المقيم في قطر، وعن قيادات الفيس ومواقفهم من المشهد السياسي في الجزائر ، وعن المصالحة الوطنية وشروط عودة الحزب إلى النشاط. كما يؤكد بأن المشاركة في الانتخابات أولى من خطاب المقاطعة الذي دعا إليه عباسي من قطر. بينما يرى سحنوني أن الجزائر تتعرض لمؤامرة من قطر وفرنسا وأمريكا وأن تحريك الشعب نحو الفوضى مرفوض ولا يخدم مستقبل البلد. 

بوابة افريقيا الاخبارية: غدا الخميس موعد الانتخابات في الجزائر. أي هو محل الجبهة الإسلامية للإنقاذ " الفيس " من هذا الاستحقاق الهام؟

الهاشمي سحنوني: في الحقيقة إن الجبهة الاسلامية للانقاذ بكل شعبيتها طبعا هي موجودة في كل الاستحقاقات التي عرفتها الجزائر، وفي هذه الاستحقاقات موجودة أيضا.  ولما تسئلني عن محلها، فأنا أقول بأنه مادام الجبهة الآن ليس لها تنظيم معترف به قانونيا وشرعيا، فكل واحد حر في اختيار الوجهة التي يراها وفي الأخير هذا الذي حدث، فبعض القيادات ساندت المرشح بن فليس، وبعضها الآخر ينادي بالمقاطعة، وبعضهم أحجم عن أي موقف. في الحقيقة هذا هو وضعها الآن.

بوابة افريقيا الاخبارية: هناك من المترشحين للرئاسيات من أغفل مسألة الفيس، لكن حسب ما رأينا فإن بن فليس وبوتفليقة حاولا استمالة قواعد الفيس النضالية لصالحهما، هل أقنعكم أحدهما؟ وهل ستدعمون بن فليس؟

 الهاشمي سحنوني: والله في الحقيقة ليس فقط مرشحين اثنين من فتح ملف الفيس بل حتى مرشحة حزب العمال لوزيرة حنون ايضا تحدثت عن موضوع المأساة الوطنية، ولكل مرشح وجهة نظره بخصوص ذلك. فبن فليس طرح فكرته عن المصالحة، ونحن لا يخفي عليكم أننا ساندنا بوتفليقة منذ 1999 من أجل قانون الوئام المدني، ثم قانون المصالحة الوطنية في 2004 وكذلك في 2009، لكن نحن نعتقد بأن المصالحة لم تصل للغاية المنشودة التي نرجوها ويرجوها الشعب الجزائري. وما زال فيها نقائص إلى جانب أهداف لم تحقق.  

وبن فليس كذلك طرح هذه الفكرة وقال " لو وصلت إلى السلطة سأعيد حق الجبهة الاسلامية للانقاذ وسأسمح لهم بالنشاط ولكن عبر استفتاء لهذا الشعب."،  وإذا رضي الشعب فأنا لا مانع عندي. لكن كل هذا كلام يبقى تجسيده في الواقع شيء آخر. نحن لحد الآن، وانا أتكلم بإسمي الشخصي وأعطي وجهة نظري التي لم تتغير مطلقا منذ بداية الأزمة. اقول أنه غذا كان بوتفليقة مستعد لأن يمضي إلى العفو الشامل واطلاق سراح المساجين السياسيين ويمضي إلى تعويض المظلومين في المأساة الوطنية، نحن لا مانع عندنا وسنستمر في مساندته.

بوابة افريقيا الاخبارية: أظهرت موقفا عدائيا لرئيس الجبهة عباسي مدني لما قال في بيان بإسم " الفيس " إن الحزب يقاطع الانتخابات، فهل هو موقفكم الشخصي أم يشاطرك فيه قياديون آخرون؟ خاصة وأنكم قلتكم أنكم ترفضون أن يأتيكم أوامر من الخارج خاصة قطر؟

 الهاشمي سحنوني: هو موقف شخصي، أنا قرأت البيان وقلت لو أن الشيخ عباسي مدني تحدث باسمه لما كان له عندي أي رد، فهو حر في ذلك. لكن لما تكلم باسم الجبهة الاسلامية للانقاذ ككل، فأنا صراحة لا أعتبر أن هذا البيان يمثلني ولا أجد نفسي فيه أبدا كما أرفضه جملة وتفصيلا. ثم إن الرجل يعيش في قطر . حتى أنه يملك الجنسية القطرية هو وعائلته. فصراحة أنا أرفض أن يأت إنسان يعيش ويتنعم في الخارج ثم يملي علينا مواقف هنا داخل الوطن. هذا أمر مرفوض عندي سواء من عباسي أو من غيره. ولذلك فإن فكرة المقاطعة هي فكرة عباسي وليست فكرتنا أبدا. ونحن " أنا شخصيا " ارفضها، وأرى أن المشاركة أفضل من المقاطعة. وإذا كان الناس عندهم اختيار لأي من المرشحين، فأنا لا أقول أنهم لابد أن يختاروا فلان أو علان، فأي مرشح يقتنعوا ببرنامجه فلهم أن يختاروه، ولكن أن يقاطعوا فهذا لا يخدم أي شخص.

بوابة افريقيا الاخبارية: القيادي في الجبهة لمح  في شهادته لإحدى الجرائد الجزائرية، أن قيادات الفيس أخطئت لما اساءت تقدير نتائج الخروج للشارع مما جعل الأمر ينقلب عليها، وقال أنه يرى المشهد السياسي الحالي مشابها لما وقع في 1991، ما تعليقك؟

  الهاشمي سحنوني: والله إني أوافق هذا الطرح من طرف الشيخ الزاوي. ففي 1991 كانت أخطاء والدليل أنني أنا واحد من أولئك الذين رفضوا مواقف القيادة وانسحبت منها، فأنا رفضت أن يصطدم الجزائري بالجزائري وأن يسيل دم الجزائري على يد أخيه الجزائري. والأحداث التي نعيشها الآن تشبه إلى حد كبير الأحداث التي وقعت في تلك السنة "  1991 ". أعتقد أن جر الشعب إلى الشارع هو في الحقيقة مغامرة غير محسوبة العواقب. فالبداية معروفة لكن النهاية يعلمها الله.. تماما مثلما وقع لنا نحن " الفيس " لما أخرجنا الشعب لكن بعد ذلك انفلتت الأمور من بين أيدينا ووقع ما وقع. إذتن فأنا أرى أن الفكرة التي قالها أحمد الزاوي صائبة جدا ونرجوا من الله أن يجنب بلادنا فتنة أخرى كالتي وقعت في 1991.

بوابة افريقيا الاخبارية: هل هناك محاولات لإقحام الفيس في اللعبة لقلب الطاولة على بن فليس؟

  الهاشمي سحنوني: المحاولة لإقحام الفيس واقعة وموجودة فعلا. لكن أرى أن المقصود ليس بن فليس ولا بوتفليقة بل المستهدف هو الجزائر ككل. هذه مؤامرة كبرى. وصراحة... أنا ارى أن بعض الدول الكبرى مثل فرنسا وأمريكا وحتى قطر، عندهم دور في هذه المؤامرة. لذلك فهذه الاخيرة ليست ضد شخص معين وإنما ضد الجزائر وشعبها . لأن في الأخير وحده الشعب من يدفع الثمن وليس أطرافا أخرى.

بوابة افريقيا الاخبارية: فرضا لو سارت الأمور بشكل سليم وكانت النتائج لصالح مرشح ما دون وقوع فوضى، ما الذي ينتظره الفيس وأنصاره من الرئيس المقبل للجزائر؟

  الهاشمي سحنوني: ننتظر من الرئيس المقبل العدل، وأن يعيد الحقوق إلى أصحابها. نريده أن يعدل في حكمه بين كافة أفراد الشعب، وأن يتيح الفرص بالسوية مع الأخذ بعين الإعتبار المشاكل الحقيقية التي يعيشها الشعب. أنا أريد من الرئيس القادم أن يكون أولا رئيسا لكل الجزائريين سواء للذين صوتوا عليه أو الذين عارضوه. ثانيا، أنتظر منه أن يقضي على آثار المأساة الوطنية لأن هذه الآثار إن بقيت، فهي مثل قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت. كما يمكن أن يشعلها أي طرف يريد أن يؤجج الفتنة في الجزائر. لذلك نحن نطالب الرئيس القادم سواء أكان بوتفليقة أو غيره، أن يمضي في طريق المصالحة إلى نهايتها ويصلح ما أفسدته السنوات الماضية ويعيد الحقوق لأصحابها ويطمئن الشعب بشأن مستقبله.

بوابة افريقيا الاخبارية: هل قيادات الفيس متماسكة ومستعدة لبعث الحزب للنشاط من جديد؟ وكذا المساهمة في حل الأزمة السياسية في البلاد، علما أن الجبهة كانت طرفا في إشعالها وفقا لما تقوله السلطة؟

الهاشمي سحنوني: قادة الفيس الآن ليسوا مجتمعين وموافهم السياسية باتت واضحة. فواحد مع المقاطعة والآخر مع بن فليس، وذاك مع بوتفليقة. الواقع هو أن القيادات متفرقة وكل له رأي وموقف. وإن كان الرئيس القادم أراد أن يعيد الفيس للنشاط ففي ذلك الوقت سنرى ما نقوله. وإن كان منهم من يريد العودة للنشاط في إطار الجبهة الإسلامية للإنقاذ سيظهرون حتما. وهذا بالرغم من أن بعض القيادات في الجبهة قد أعلنوا تخليهم عن العمل السياسي بشكل نهائي.  والذي أعرفه هو  أن قادة الفيس حاليا ليسوا متفقين على رأي واحد.

بوابة افريقيا الاخبارية: هل أنت من مؤيدي مرحلة انتقالية في الجزائر للخروج من الأزمة؟

الهاشمي سحنوني: أنا لست من دعاة المرحلة الانتقالية. فحل كل المؤسسات الحالية ثم العودة إلى نقطة الصفر  أمر لا يخدم البلد. ثم من قال إننا سنتفق بالعقليات الموجودة الآن، والخلفيات التي لدى بعض السياسيين.

 الحقيقة، أنا لا أرى أننا سنخرج بنتيجة إذا ذهبنا إلى مجلس تأسيسي. وأقول نحن نطالب هذا النظام أن يحترم إرادة الشعب ويعمل في اطار الشفافية ويحل المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الشعب الجزائري. ونطالبه أيضا أن يقضي على الفساد وآفات أخرى منها البطالة.