تنذر الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم بحرب تجارية بين أمريكا وأوروبا "قد تبدأ خلال أيام" بعد انتقاد مجموعة "السبع الكبار" للقرار الأمريكي.

وهدد الاتحاد الأوروبي وكندا، خلال اجتماع شهد نقاشا ساخنا في منتج ويسلر الكندي، بالرد على القرار الأمريكي.

وحذر وزير المالية الفرنسي برونو لو مير من اندلاع حرب قد تبدأ خلال "أيام قليلة"، وهو نفس التحذير الذي أقره لاري كودلو كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس دونالد ترامب.

ويرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة "نُهبت تجاريا لسنوات من قبل الدول الأخرى"، كما قال في تغريدة له على تويتر.

 وقال ترامب إن الرسوم ضرورية لحماية الأمن القومي للولايات المتحدة الذي يزعم أنه تدهور بسبب انخفاض صناعات الصلب والألمنيوم المحلية.

لكن العديد من الاقتصاديين يقولون إن التجارب السابقة لرؤساء أمريكيين تظهر أن مثل هذه الرسوم قد تفشل على الأرجح في إعادة الزخم للمنتجين المحليين بالنظر إلى التكاليف المرتفعة للنمو الاقتصادي.

ويخشى خبراء في التجارة من أن الرسوم يمكن أن تؤدي إلى نشوب حرب تجارية تقوّض نظام التجارة العالمي، وتلحق الضرر ببعض الحلفاء الأقوياء للولايات المتحدة مثل كندا.

وأعلن وزير التجارة الأمريكي ويلبر روس، الخميس الماضي، بدء فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على واردات الصلب، و 10 في المئة على واردات الألومنيوم.

وتفرض التعريفات على أنواع مثل الصلب المطلي والسبائك والألومنيوم والأنابيب، وهي مواد خام تستخدم بكثرة في مختلف الصناعات والتشييد وصناعة النفط في الولايات المتحدة.

وكانت كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي صدرت مجتمعين ما قيمته 23 مليار دولار من الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة عام 2017، أي قرابة نصف إجمالي واردات الصلب والألومنيوم، البالغة قيمتها 48 مليار دولار، العام الماضي.

كانت حماية الصناعة الأمريكية، وخاصة الصلب، حجر الزاوية في حملة ترامب الرئاسية لعام 2016، بعد أن تراجعت العمالة في قطاع الصلب من حوالي 650 ألف عامل في الخمسينيات إلى نحو 140 ألف عامل اليوم.

والرهان على نجاح خطة الصلب يمكن أن يرجح كفة ترامب في انتخابات التجديد النصفي، إذ تنتشر العديد من مصانع الصلب المغلقة في الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا.

ورحب معظم كبار منتجي الصلب والألمنيوم في الولايات المتحدة بهذه الرسوم، وشكر المعهد الأمريكي للحديد والصلب ترامب بسبب "معالجة أزمة الصلب"، وقال ثاني أكبر منتج للألومنيوم في الولايات المتحدة (سينتوريوم ألمنيوم) إن هذه الإجراءات ستحفزهم على زيادة الاستثمارات المحلية.

وأصدر الاتحاد الأوروبي قائمة من 10 صفحات بالسلع الأمريكية التي ستخضع لتعريفات جمركية ردا على قرار ترامب، بداية من الدراجات النارية من طراز هارلي ديڨيدسون إلى منتجات الويسكي.

وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إنه سيرفع قضية ضد الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية.

وقد تشعل أزمة الرسوم الجمركية الأمريكية غضبا واسعا للدول المستهدفة التي قد تتخذ إجراءات انتقامية أكثر من فرض تعريفات مماثلة أو مقاضاة أمريكا.

وما يثير غضب الدول المستهدفة في القرار الأمريكي هو تطبيقه على نطاق واسع، بدلا من استهدافه للدول المخالفة لقواعد التجارة العالمية مثل الصين، مما قد ينذر بحرب تجارية.

ويلقي الكثير من منتجي الصلب والألمنيوم في جميع أنحاء العالم باللائمة على الحكومة الصينية في دعم إنتاج هذين المعدنين، منتهكة بذلك قواعد التجارة العالمية، مما غمر السوق العالمية بمنتجات منخفضة التكلفة، أدت إلى انخفاض الأسعار، وفقا لما قاله محللون.

فرض عدد من الرؤساء السابقين رسوما جمركية وغيرها من العوائق التجارية لحماية الصناعة الأمريكية من الواردات الأجنبية الرخيصة.

فقد لجأ الرؤساء ليندون جونسون وريتشارد نيكسون وجيمي كارتر ورونالد ريغان إلى تطبيق حصص أو وضع حدود للاستيراد.

لكن الدراسات الاقتصادية خلصت إلى أن هذه الإجراءات لم تفعل الكثير لوقف تدهور صناعة الصلب والألمنيوم في الولايات المتحدة.

وفي هذا الإطار علق نائب رئيس المفوضية الأوروبية جيركي كاتاينن، قائلا: "عندما فرضت أمريكا رسوما على واردات الصلب من أوروبا سابقا كانت النتيجة أن الآلاف فقدوا الوظائف في الولايات المتحدة".

يحذر اقتصاديون من أن استخدام ترامب لذريعة الأمن القومي الأمريكي لإقرار الرسوم الجمركية يمكن أن يقوض إطار قواعد التجارة التي شيدت بشق الأنفس بعد الحرب العالمية الثانية.

وتتمثل الخطورة هنا في أن تتحدى الدول الأخرى رسوم ترامب في إطار قوانين منظمة التجارة العالمية، حيث تنص قواعد هذه الهيئة الدولية على "إعفاءات" لتدابير الأمن القومي، وهي ثغرة يبدو أن ترامب استغلها جيدا.

ويقول خبراء قانونيون إنه من غير المحتمل أن تخسر إدارة ترامب مثل هذه القضية.