عودته الى تونس بعد ثلاث سنوات من المنفى الاختياري كانت باستقبال كبير ذكرنا باستقبالين أو ثلاثة شهدتم الأيام الاولى لثورة تونس وخصت راشد الغنوشي زعيم النهضة الاسلامية ، الذي أصبح أحد أبرز الشخصيات السياسية وأكثرها تأثيرا في المشهد السياسي التونسي ، وأيضاً محمد منصف المرزوقي ، الحقوقي ورئيس الحزب الصغير وقتها الذي قال لحظة وصوله الى تونس انه يريد رئاسة تونس لتتحقق " نبوءته" ، وعبد الوهاب الهاني ، الذي دخل تونس كمثقف ومحلل فصيح ليؤسس حزبا ولد وظل صغيرا واختزله التونسيون في شخص رئيسه ٠

منذر الزنايدي عاد حالما بالرئاسة ، أو بأكثر دقة راغبا في خوض السباق نحو قرطاج ، تحفزه شعبيته الكبيرة لدى جزء مهم  من التونسيين من أطياف متعدّدة ، أحبوا فيه حبه لعمله ولوطنه وسعيه لتقديم المساعدة لمن يستحقها ، وفي المقابل عاد تلاحقه لعنة الانتماء للنظام السابق وحزبه المنحل ، وأستكثر عليه اخرون عودته لأرض الوطن وحصوله على تبرئة القضاء من الاتهامات الموجهة اليه بالاستفادة من منصبه عند تآجير عمارة تابعة لإحدى إدارات وزاراته بعقد لم يمض عليه ولم تدفع وزارته قيمته ٠

كثيرون استبشروا بعودته وباعتزامه الترشح للرئاسة لتوظيف كفاءته وخبرته الطويلة في إدارة الشأن العالمي وقدرته على معالجة الملفات التي تعرض عليه مهما بدت عصية على الحل ، في إنقاذ البلاد مما تردت فيه نتيجة أخطاء سياسيين و تكنوقراط كانت تعوزهم الخبرة ويفتقدون الكاريزما والقدرة على الإقناع وتجميع الناس ورائهم ٠

البعض أيضاً رفضه ورأوا في عودته وتجرأه على دخول السباق الرئاسي تبشيرا بعودة " الأزلام"للحكم ورجوع الديكتاتورية ، في حين رأى اخرون أن عودته وخاصة اعلان ترشحه سيؤدي الى تشتيت أصوات العائلة الدستورية والتجمعية التي ستقدم أربعة مرشحين بأحجام متقاربة وهم السبسي ومرجان والزواري والزنايدي ٠

وإذا أردنا الحديث عن حظوظ الزنايدي بين عائلته الفكرية والسياسية قبا الحديث عن حظوظه بين كل المترشحين نرى انه أصغرهم سنا فهو من مواليد أكتوبر 1954 وأكثرهم شعبية مع الباجي الذي استعاد شعبيته بعد الثورة لما ترأس الحكومة وأنجح الانتخابات قبل تأسيس نداء تونس ٠

وشعبية الزنايدي تأتى من أفعاله وأفضاله على الكثيرين وليس فقط لأبناء جهته القصرين ، وكذلك لنجاحاته في كل المناصب التي تقلدها من رئيس بلدية الى مدير عام ديوان التجارة الى رئيس أكبر نادٍ رياضي في تونس وهو الترجي التونسي ، الذي يعد أكثر من مليوني محب في تونس والخارج ، اضافة الى نجاحه في الوزارات التي تقلدها وأغلبها اقتصادية مثل السياحة والتجارة والصناعة والنقل والصحة ٠٠٠٠

ولم تكن للزنايدي أعداء في السياسة حتى مع معارضيه لا قبل الثورة ولا بعدها ، فهو محاور جيد قادر على الإقناع وخلق الوفاق ، وهو ما جعل عديد قيادات الترويكا تتصل به في منفاه الاختياري في باريس لما اشتد الضغط الشعبي على الحكومة في عهد الجبالي وخاصة في محافظات القصرين وسيدي بوزيد ، التي تعد خزانه الانتخابي الكبير ٠

بعض المراقبين قالوا أن الزنايدي يمكن أن يكون الرئيس التوافقي الذي قد تكون النهضة تفكر فيه والذي يمكن أن تقدمه كمنافس جدي لبعض المترشحين الذين بدأوا يلوحون بأنهم لا يحتاجون الى دعم الحركة الاسلامية ولا يرومون التحالف معها بعد الانتخابات ، وهو ما قد يجعل الزنايدي يتعرض الى الضرب " بنيران صديقة" دعته منذ دخوله الى البلاد الى العمل معها بما يعني الابتعاد عن تقديم الترشح وهو رسالة مضمونة الوصول لا يعرف كيف سيقرأها الزنايدي من حزب فكر في ترشيحه