أكد رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج خلال كلمته في منتدى كونكورديا الدولي بنيويورك مساء أمس الاثنين، إن ليبيا تواجه تحديات جسام لبناء دولة ديمقراطية حديثة، أبرزها انعــدام الأمن وانتشار السلاح، كما وفرت هذه الفوضى المسلحة المناخ لتسلل التنظيمات الإرهابية حيث نجح تنظيم الدولة "داعش" في السيطرة على مدينة سرت.

وأضاف السراج خلال المنتدى السنوي الذي يضم العديد من القادة والشخصيات السياسية أنه وفي وضع كهذا "تعثر الاقتصاد إن لم يكن تجمد، وفشلت الجهود السياسية للحكومات المتعاقبة في تخطي الازمة، ولم تنجح في نزع السلاح، وتأرجح الوضع العام منذ 2011 ما بين المواجهات المسلحة، وفترات قصيرة من الهدوء المفخخ، ولذلك ما لم تحتكر الدولة السلاح ستبقى المشكلة مستمرة ولن تنتهي الأزمات".

وتحدث السراج عن الاتفاق السياسي الذي تولى بموجبه مسؤولياته وقال إنه كان بالإمكان في ظل هذا الاتفاق أن يكون للبلد وضع سياسي دائم، بمؤسساته الرئاسية والبرلمانية المنتخبة، ومؤسسة عسكرية موحدة، لكن عدم التزام بعض الأطراف باستحقاقات الاتفاق ادخل البلاد في دوامة، لا بوصلة لها سوى المصالح الشخصية، لينعكس هذا الانقسام على مؤسسات الدولة السيادية وبالتالي على معيشة المواطنين.

وقال السراج إن المجلس الرئاسي نأى بنفسه عن التجاذبات والمساومات السياسية وحملات الإساءة، حرصاً على لم الشمل، وتحدث عن جهوده التي لم تتوقف بحثاً عن القواسم المشتركة، من أجل بناء توافق يخرج البلاد من الازمة.

وأشار إلى الاجتماعات والمؤتمرات الدولية التي عقدت لبحث حلول للازمة الليبية، وكان أخرها مؤتمري باريس وباليرمو، حيث التزم السراج التزاماً كاملاً بمخرجات تلك اللقاءات، بينما تنصل المشاركين الآخرين، ولم يلتزموا بما اتفقوا عليه.

وأخذ السراج على الأمم المتحدة الممثل للمجتمع الدولي، عدم التعامل بحزم مع المعرقلين لتنفيذ الاتفاق، وبما شجع على استمرارهم في التعنت، والاستهتار بالقرارات الدولية.

وقال رئيس المجلس الرئاسي إنه رغم العراقيل والمزايدات لم تتوقف جهوده عن محاولة توسيع دائرة الوفاق، وقررت الحكومة اعتماد مسارات سياسية وأمنية واقتصادية متوازية ومتزامنة، وفي نفس الوقت تقرر حشد القوات العسكرية لمواجهة الإرهاب، الذي وصفه بأنه ضد القيم والمبادئ الإنسانية، وضد تعاليم الأديان جميعها، ويمثل تهديداً لكل ما يعمل على تحقيقه من أمن واستقرار وازدهار.

وتحدث عن الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية التي تم في اطارها تحرير مدينة سرت من تنظيم الدولة " داعش"، وقال : " قدمنا في تلك المعركة 800 شهيد من شبابنا، وآلاف الجرحى مضيفا مازلت المعركة ضد الإرهاب مستمرة بالتعاون مع القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا " أفر يكوم " حيث نرصد ونلاحق فلوله أينما وجدت، ولن تنتهي معركتنا مع الإرهاب إلا باقتلاعه من جذوره".

وتناول السراج في حديثه المسار الاقتصادي، وما تحقق من رفع معدلات انتاج النفط من حوالي 150 آلف برميل في اليوم عند وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس في مارس 2016 إلى مليون ومائتي برميل يومياً حالياً، وأشار إلى برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقه، ويعتمد على تكامل وتناغم السياسات النقدية والمالية والتجارية، وترشيد الانفاق، وتحفيز وتنمية إيرادات الدولة، ودعم المؤسسة الوطنية للنفط لتتمكن من التطوير المستمر لعملياتها.

وقال السراج إن انتعاش الاقتصاد يتطلب وجود الأمن، لذا حرص على أن يواكب الاصلاح الاقتصادي إصلاحاً للمنظومة الأمنية، حيث بدأت بالفعل ترتيبات أمنية لإرساء النظام العام، استناداً على قوات أمن وشرطة نظامية منضبطة، مضيفا "لقد نجحنا في إحلال ودمج أفراد التشكيلات المسلحة داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية، كما نجحنا إلى حد كبير في أن يستتب الأمن حتى شاهدنا عودة أكثر من أربعين سفارة وبعثة دبلوماسية للعمل من طرابلس على سبيل المثال.

وقال رئيس المجلس الرئاسي إن اشتباكات طرابلس تقترب من الشهر السادس، حيث فقد الليبيون حوالي ثلاثة آلاف مواطن، وجُرح الآلاف، وشُرد مئات الآلاف من النازحين، علاوةً على الأضرار التي أصابت البنى التحتية والمرافق العامة ومن ضمنها المطار الوحيد المتاح لسكان العاصمة، كما شملت المآسي بعض المهاجرين الذين تعرضوا لقصف أودى بحياة وجرح العشرات منهم مشيرا إلى تواصل معركة طرابلس.

وجدد السراج الطلب بتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق، حيث ان الانتهاكات المرتكبة ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حسب القانون الدولي.