لطالما كان ملف السكن في الجزائر من بين بؤر التوتر التي تشكل أزمة كبيرة بالنسبة للسلطات العمومية، ما يؤدي في العديد من المرات إلى اندلاع مواجهات عنيفة بين السكان ورجال الأمن. وتمثل الأحياء الشعبية في الجزائر البارومتر الاجتماعي الذي تقيس به السلطة حاجتها إلى السرعة في اتخاذ تدابير معينة أو إجراءات تهدئة. هذا الملف كان من بين الرهانات التي طرحها الرئيس الفائز في الانتخابات عبد العزيز بوتفلقية خلال حملته الانتخابية حيث توعد على لسان منشطو حملته بالقضاء على أزمة السكن في غضون سنتين ليتسنى لكل جزائري الحصول على مسكن خاص وهي الورقة الرابحة من بين الأوراق التي أشهرها بوتفليقة خلال برنامجه ليكون ملف السكن أكبر تحدي أمام الحكومة الجزائرية المقبلة فيما تعلق بالشق الإجتماعي.
تعهّد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بتخليص الجزائريين من أزمة السكن التي يعيشونها منذ عقود خلت مع نهاية 2016. وقد شكّل ملف السكن في الجزائر أحد التحديات الكبرى للبرامج التنموية التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة منذ توليه سدة الحكم بالجزائر سنة 99.
كما كان رقم مليون سكن الأكثر تداولا في برامج الرئيس الانتخابية وشكل رهانا كبيرا للوزراء المتعاقبين على القطاع. فضلا عن الصيغ المختلفة المعتمدة للحصول على السكن الحلم والذي استنجد في سبيل ذالك بالآلة الصينية والتركية والعربيةوكل هذا رصدت له أموال بأرقام فلكية، إلا أن السكن اللائق بقي الحاجة الأكثر تأريقا للجزائريين.
فرغم الإنجازات الكبيرة التي شهدتها الجزائر في هذا المجال، بقيت أزمة السكن تشكل أخطر بؤرة التوتر وأكبرها على الإطلاق، خاصة في الحواضر وكبريات المدن وعواصم الجزائر وهو الأمر الذي أجبر السلطات على وقف عملية توزيع السكنات، تفاديا لما قد ينجر عن ذلك من مخاطر•
ومن خلال تتبع مختلف جوانب الأزمة وأبعادها وحتى تجلياتها المختلفة، يتبين من خلال حديث الخبراء والمختصين أن استعصاء أزمة السكن على الحل ليس قدرا وأن ما آل إليه الملف من وتعقيد وتأزيم ليس إلا نتاج أخطاء ارتكبت ولا زالت ترتكب، رغم البحبوحة المالية من جهة والوفرة الكبيرة في الكوادر والإطارات المتخرجين من الجامعات الجزائرية من جهة أخرى، فضلا عن المؤسسات أو ما يمكن اختصاره في اجتماع كل ظروف القضاء على الأزمة.
ومن المنتظر أن يشكل ملف السكن التحدي الأكبر للحكومة المقبلة، خاصة وأن عدد من المشاريع انطلقت في القطاع وتنتظر التجسيد منها سكنات البيع بالإيجار للوكالة الوطنية لتطوير وترقية السكن عدل والتي فتحت باب الاكتتاب في أواخر 2013 .
كذلك تحدث العديد من المسؤولين في الجزائر عن أكبر عملية ترحيل منذ الإستقلال (سنة 1962) والتي ستمس السكان الذين يقطنون في البيوت القصديرية الموجودة بعدة أحياء بالعاصمة الجزائرية وولايات أخرى بالإضافة إلى السكان الذين يقطنون بيوتا هشة يرجع تاريخ بنائها إلى فترة الاستعمار في الجزائر. وهي العملية التي تأجلت إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
وقد أطلقت الحكومة الجزائرية مؤخرا عدة صيغ للسكن منها صيغة السكن الريفي والموجه للمناطق الريفية، ويتحصل بموجبه طالب السكن على إعانة من الدولة قصد بناء مسكن وكذا صيغة السكن الاجتماعي وهو موجه للفئات المحرومة أو ذات الدخل الضعيف، مدعم بالكامل من الخزينة العمومية زد على ذلك السكن الاجتماعي التساهمي الذي يعتمد على إعانة للحصول على ملكية السكن، حيث تقدم الدولة جزءا من الإعانة لذوي الدخل المتوسط، مقابل تسديد المعني للمبلغ المتبقي على مراحل، وهذا بالاتفاق مع مرقي عقاري إضافة إلى صيغة السكن البيع بالإيجار هو أحد أهم الصيغ السكنية التي لاقت رواجا كبيرا في الشارع الجزائري، وعقد عليها آمالا كبيرة للتخفيف من أزمة السكن في الجزائر، حيث يعتمد هذا النوع من الصيغ على شراء منزل سكني بالتقسيط ومن دون فوائد، شريطة أن يكون المستفيد من ذوي الدخل المتوسط فما فوق.
إضافة إلى برنامج سكني وصف بضخم، والذي ستنطلق الأشغال به قريبا عبر مختلف الولايات التي لا تتوفر على أي مخزون سكني. وهو ما كشف عنه وزير السكن والعمران، الجزائري عبد المجيد تبون الذي أكد أن نهاية 2016 ستكون آخر أجل للانتهاء من أزمة السكن التي عاشها الجزائريون منذ عقود وعقود خلت، لكن التخوف الأكبر هو أن تكون مشاريع السكن هذه مجرد وعود في أطار حملة انتخابية الأمر الذي قد يجعل الجبهة الاجتماعية في الجزائر على كف عفريت.