قالت مصادر جزائرية إن محيطين بالرئيس عبدالعزيز بوتفليقة نقلوا عنه أنه غاضب من مستشاره السابق عبدالعزيز بلخادم الذي يرفض تقبل قرار إقالته ويجري لقاءات سرية مع عناصر من الحزب الحاكم تتركز على اتهام مؤسسة الرئاسة.

وكشفت المصادر أن بلخادم يعمل على اكتساب المزيد من الداعمين لموقفه داخل جبهة التحرير الذي كان إلى وقت قريب أمينه العام، وأن هذا ما يقلق بوتفليقة والمحيطين به.

وذكرت أن مؤسسة الرئاسة اتصلت ببلخادم لتحذّره من الاستمرار في التحريض على بوتفليقة، وأن صبرها بدأ ينفد تجاهه.

وقال مقربون من قصر المرادية (قصر الرئاسة الجزائري) إن صراعا كبيرا يجري داخل السلطة خاصة بعد إقدام بوتفليقة على إحداث تغييرات كبرى مست أعمدة المؤسسة العسكرية، فضلا عن تغيير مستشاريه، وأن هذا الصراع خرج من طي الكتمان إلى العلن وأن الجزائريين أصبحوا يتحدثون عن تفاصيله في الأماكن العامة، ما يوحي بأن السلطات فقدت سيطرتها على الوضع.

ويبدو أن الصراع المحلي بدأ يتجه نحو التدويل، فقد اتهم تقرير إعلامي بلخادم بنشر الغسيل الجزائري في اتصالات أجراها مع دبلوماسيين أجانب حين كان يباشر مهام مستشار لبوتفليقة.

وكشف التقرير أن بوتفليقة، أقال مستشاره الخاص، بلخادم، بسبب “اتصالات أجراها الأخير بسفراء دول أجنبية تحدث خلالها عن إمكانية توليه منصب الرئيس في انتخابات رئاسية قد تكون مسبقة.

وذكرت صحيفة “النهار” الجزائرية نقلا عن مصدر مطلع على القضية، أن الملف الكامل لأخطاء بلخادم المعنونة بـ”الخطيرة والجسيمة” وصل إلى بوتفليقة مرفقا بجميع الأدلة.

وأوضح المصدر أن بلخادم، أجرى خلال شهر يونيو بصفته “مستشارا شخصيا” لبوتفليقة والأمين العام للحزب الحاكم، اتصالات مع سفراء أجانب بينهم سفراء الولايات المتحدة والمغرب وقطر.

وأضاف أن بلخادم تحدث مع السفراء عن سر تعيينه كمستشار شخصي لبوتفليقة والتي تتضمن إيحاءات بقرار وتزكية بوتفليقة له في منصب الرئيس القادم، وأن الانتخابات التي ستكون خلال السنتين المقبلتين سيدخلها كمرشح النظام.

وأشار إلى أن بلخادم لفت في حديثه إلى أن صناع القرار في الجزائر قد اتفقوا على إعادة أمانة الحزب له وذلك خلال اجتماع اللجنة المركزية.

كما أوضح أن بوتفليقة سيكشف عن جميع حيثيات القضية خلال الأيام المقبلة، وهو الأمر الذي وعد به خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، عندما أشار إلى أن عبدالعزيز بلخادم ارتكب أكبر الأخطاء التي لم تصدر عن مسؤول سام في الدولة قبله.

ونوهت الصحيفة إلى أن تصرف بلخادم أزعج كثيرا الرئيس بوتفليقة، خاصة وأنه تحدث على لسانه لدى السفارات المذكورة، حاملا صفة مستشار شخصي لرئيس جمهورية ومسؤول سام في الدولة، بالإضافة إلى إجراء اتصالات مع دول أجنبية دون أي تكليف من مؤسسة رئاسة الجمهورية.

وقلل المصدر المطلع من فرضية أن لجوء الرئيس بوتفليقة إلى إنهاء مهام بلخادم كان بسبب اتصالات ولقاءات جمعته بأطياف المعارضة في الجزائر.

لكن محللين جزائريين استبعدوا أن يصدر هذا الموقف عن الأمين العام السابق للحزب الحاكم خاصة أن له خبرة كبيرة في مؤسسات الدولة ويعرف حساسية العلاقات مع الخارج بالنسبة إلى المسؤولين الجزائريين.

ورجح المراقبون أن تكون الاتهامات الموجهة ضد بلخادم جزءا من أسلوب دأبت عليه بعض مراكز النفوذ في الجزائر، وهو اتهام من يخرج عن النسق العام بالولاء للخارج وبيع أسرار الدولة، مما يسهل على السلطة اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تدفعه إلى السكوت ووقف “حملات التشويه” ضدها.

وعزا هؤلاء المراقبون سبب الخلاف الرئيسي بين مؤسسة الرئاسة وبلخادم إلى أنه يمتلك شخصية قوية ويرفض أن تصدر إليه الأوامر دون مناقشتها، وأن هذا ما أغضب المحيطين ببوتفليقة الذين يعملون بكل قوة على إسكات عمليات الرفض التي رافقت إعادة ترشيح بوتفليقة لعهدة رابعة رغم وضعه الصحي.

وكانت الرئاسة الجزائرية أصدرت بيانا بإقالة بلخادم من كل مهامه سواء في رئاسة الجمهورية أو في الحزب الحاكم في صياغة اعتبرها المراقبون مهينة من السلطة لأحد أبرز رجالها ومهندسي سياساتها.

وتتهم السلطات بلخادم بأنه يحاول استعادة موقعه في الأمانة العامة للحزب الحاكم، فضلا عن إقامة علاقة ودّ بينه وبين رئيس جهاز الاستخبارات، الفريق محمد مدين، المعروف بصراعه مع محيط الرئاسة ورفــضه للولاية الرئاسية الرابعــة لبوتفليقة، حسب صحيفة العرب.