رغم الأغلبية المريحة التي تحوزها السلطة في البرلمان، باعتبار أن ثلاثة أرباع الغرفة الأولى تنضوي تحت لواء أحزاب الموالاة، إلا أن نزول الوزير الأول، عبدالمالك سلال، إلى البرلمان لعرض برنامج حكومته، لن يمر بسهولة، بالنظر للعزم الذي يبديه نواب المعارضة للجم الحكومة في توجهاتها المتعلقة بالإصلاحات الدستورية والذهاب نحو استثمار الغاز الصخري.

حذر العديد من نواب البرلمان الذين التقتهم “العرب” على هامش عرض الوزير الأول، لبرنامج حكومته، من مغبة التوجهات الاقتصادية الجديدة للحكومة، بعد الإقرار بالتوجه إلى استثمار الغاز الصخري. واعتبر هؤلاء أنّ هذه الخطوة تُعدّ “مجازفة” تنطوي على مخاطر كثيرة على البيئة والإنسان، بالنظر إلى عدم تحكم البلاد في التكنولوجيات الضرورية لمثل هذه الاستثمارات.

وشكك نائب من جبهة التحرير الوطني، طلب عدم الكشف عن هويته، في المعطيات التي قدمها الوزير الأول، الذي وعد بـ”بناء اقتصاد ناشئ ونسبة نمو تصل إلى 7 بالمئة في آفاق 2019، والوصول إلى دخل فردي يفوق السبعة آلاف دولار للفرد الواحد”، وكذلك خفض نسبة البطالة إلى مستويات قياسية.

وقال النائب: “ليس كل نواب حزب الأغلبية منبطحون للحكومة، لكن بشكل عام البرلمان تحول إلى مؤسسة تابعة للسلطة التنفيذية، ولا ينتظر أن يكون له دور في إعادة توجيه برنامج الحكومة”.

وقال النائب، مقران أجراد، من جبهة القوى الاشتراكية المعارضة، “برنامج الحكومة يكرس حالة الانسداد الذي تسير إليها البلاد بسبب ممارسات السلطة”، مضيفا “في ظل غياب النقاش حول الملفات الكبرى، تريد الحكومة تمرير قرار استثمار الغاز الصخري، ولو كانت السلطة تريد النجاة بالجزائر لفتحت النقاش حول المشروع، قبل أن تأتي به الحكومة للبرلمان”.

من جانبه، استغرب النائب المستقل، كمال جبالي، دفاع الوزير الأول عن الديمقراطية ووعده بترقية الحريات ودور المعارضة في المستقبل، قائلا: إنّ “السلطة تريد تمييع المشاورات السياسية والوثيقة الدستورية بلقاءات شكلية”.

وأبرز أنّ “السلطة في مأزق حقيقي، ولو لم تكن كذلك لما فتحت باب الحوار لرموز الإرهاب الذين كانوا بالأمس يقَتلون الأبرياء وينكلون بهم”، وذلك في إشارة إلى زعيم ما يعرف بتنظيم الجيش الإسلامي للإنقاذ المنحل، مدني مزراق، الذي دعي إلى المشاورات من طرف السلطة بوصفه شخصية وطنية.

وتابع المتحدث أنه “أمام دخول السلطة في عزلة سياسية بسبب توجهاتها المرفوضة من طرف المعارضة، لم تجد أي بد في التلويح برسائل الغزل، لمن كانت تسميهم بالأمس بالإرهابيين” في إشارة إلى قرار رفع حظر السفر عن بعض الممنوعين المحسوبين على الحزب المنحل.

وأضاف: “كان الأجدر بالسلطة، إذا كانت تريد مصالحة وطنية حقيقية، التوجه إلى قيادة الحزب السياسية مباشرة، بدل الذين يجاهرون بتقتيل الناس″.

وكان سلال قد كشف خلال عرض برنامج حكومته، عن قرار أصدره الرئيس بوتفليقة مؤخرا يقضي برفع المنع من السفر الذي كان مطبقا على بعض رموز جبهة الإنقاذ المحظورة، وقال إن مقتضيات ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، تتيح لرئيس الجمهورية ترقيته متى أتيحت الفرصة. كما اعتبر أن “يد الدولة تبقى ممدودة لكل أبنائها الراغبين في التوبة والعودة إلى جادة الصواب”.

وعلى صعيد متّصل انتقد، المترشح للانتخابات الرئاسية الأخيرة، علي بن فليس، برنامج الحكومة وطالبها بالحساب على الـ 15 سنة الأخيرة، قبل عرض أي برنامج، في إشارة إلى فترة حكم الرئيس بوتفليقة. وقال: إنها “تفتقد لتصور واضح يطرح للجزائريين خطة طريق الدولة وآفاقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية للخمس سنوات المقبلة”.

ويعدّد بن فليس، ثلاث معاينات للحكومة الحالية، تتلخص أولا في كونها “حكومة بلا لون”، لأنها ليست نابعة عن أغلبية برلمانية ولا حكومة انفتاح ولا حكومة كفاءات وطنية. وهي نتاج إرادة شخصية فاقدة للشرعية زكاها نظام سياسي، في إشارة لما يراه “اغتصابا” لإرادة الشعب في الانتخابات.

وثانيا أن “الحكومة الفاقدة للشرعية تقدم برنامج عملها لمؤسسة هي بدورها لا شرعية لها”. وثالثا “القيمة الأخلاقية والسياسية والقانونية لمخطط عمل يكتفي باحترام واجب شكلي ولا يسعى لإيجاد حل للمشاكل الحقيقية التي تعرفها الجزائر”.

 

*نقلا عن العرب اللندنية