تشهد الساحة السياسية في تونس تقلبات وتجاذبات كبيرة بعد أن أبدى رئيس الحكومة المكلف المهدي جمعة التزامه بأن تكون الانتخابات القادمة موفى السنة الحالية ، رغم التباين اللافت بين الفرقاء السياسيين حول تزامن الرئاسية والتشريعية من عدمه خلال الاستحقاقات القادمة.والشيء البادي الى حد الان هو حالة الاستقطاب الثنائي بين حزب النهضة،طرف الترويكا المتخلية الرئيس،وحزب نداء تونس الذي رشحته كل نتائج سبر الاراء ليكون في مقدمة نوايا التصويت.نداء تونس الذي يجمع في تركيبته السياسية شخصيات تنحدر من سياقات سياسية وايديولوجية مختلفة،بين اليساريين والنقابي‎.

بوابة افريقيا الاخبارية  التقت أحد أبرز الوجوه المثيرة للجدل في حزب نداء تونس،صاحب القناة التلفزية الحوار التونسي،والمعروف بانتمائه اليساري والسجين السياسي في عهد بن علي،التقته في حوار حول مايحدث في حزب النداء والرهانات المطروحة عليه،ومشكلات التجانس داخل عائلته،فضلا على قضيا أخرى نعرضها في هذا الحوار. مع السياسي التونسي الطاهر بن حسين .

-  حزب نداء تونس مبني على تيارات فكرية وسياسية مختلفة، وجاء ليلبي حاجة تاريخية مهمة في تونس بعد تغول حركة النهضة إثر محطة انتخابات 23 اكتوبر 2011.والأمر لايعني أنه حزب لقيط كما تقول حركة النهضة،بل له جذور تاريخية لها امتداد مع الحركة الوطنية التونسية التي تحملت أعباء النضال الوطني وبناء دولة الاستقلال.وما يجمع مختلف تيارات حزب نداء تونس هو انقاذ البلاد من مخاطر العودة الى الوراء والانصراف الى بناء دولة العدالة الاجتماعية والحريات.صحيح أن داخل النداء يوجد دستوريون ويساريون ونقابيون ومستقلون،والخيط الناظم بين هؤلاء هو مستقبل تونس المبني على رؤية حداثية لدى الجميع.من الطبيعي أن تحصل بعض الصراعات والتجاذبات التي تعبر في الواقع عن حالة صحية إذا وقعت ادارتها بشكل ديمقراطي.أما الذين يتصورون أن هذا التعدد داخل الحزب يهدد كيانه،فذلك يلبي في الواقع رغبات خاصة بالمترصدين.

*داخل الحزب يوجد تجمعيون أيضا بما يشير الى احتضان النداء لاعداء الثورة؟

-  الدولة التونسية مهددة اليوم،والمشروع المجتمعي الحداثي أصبح في خطر بعد أن اعتلت النهضة سدة الحكم.النهضة فصيل اخواني لايؤمن بالدولة ولا بالحريات،ووجب على الجميع التصدي لهذا الفكر الاخواني بما في ذلك التجمعيين.هؤلاء آمنوا كغيرهم بخطورة التيارات الظلامية.لقد كانت لي تجارب معهم داخل النداء،وعبروا عن حس وطني عال،وطلبوا مني المساهمة في انقاذ البلاد وعرضوا كل امكانياتهم من أجل ذلك .لقد اكتشفت في عدد كبير منهم حسا وطنيا وكفاءة عالية.الخطر الحقيقي اليوم هو الفكر الوهابي التكفيري،والفساد شأن قضائي بالاساس.

*لكن التحاق السيد محمد الغرياني بالنداء وهو آخر أمين عام للتجمع المنحل أحرج الحزب وأزعج بعض قياداته؟

-  محمد الغرياني ليس له نفوذ كما يتصور البعض،هو فقط مستشار لدى رئيس الحزب.والثابت أن السيد الباجي قايد السبسي أراد استثمار شبكة علاقاته داخل الاوساط الشبابية الناشطة سابقا.أنا لي علاقة طيبة مع الغرياني وجمعتني به لقاءات ووجدت فيه رجلا طيبا وذكيا.مع ذلك لقد تمت محاكمته وسجنه ولم تثبت عليه أية تهمة فلماذا يصر البعض على اتهامه...

*  طيب،وما حكاية نفوذ حافظ قايد السبسي ابن رئيس الحزب؟

أقول لك صراحة أن الأمر فيه تهويل.لقد كنت من الذين اقترحو ا على سي الباجي تكليف حافظ بمهمة داخل الحزب،وكان معي وقتها قياديين آخرين.هو شاب متحمس وجدي ويمكن أن يضيف للعمل داخل هياكل الحزب.اليوم وبعد تزايد الانتقادات أرى أن يتم التعامل بمنطق الشرعية حتى يتولى كل واحد مهامه وفق ارادة الناخبين من خلال تمثيلياتهم الجهوية والمحلية.

*لكن ثمة من يتهم رئيس الحزب بالتفرد بالرأي وعدم العودة الى القيادات في اتخاذ القرارات؟

-  لقد تحدثت مع سي الباجي في هذا الموضوع منذ أشهر، وأكد لي أن الحزب بلغ حجما يصعب فيه التسيير بالتوافق،واقترحت عليه اعتماد درجة من الشرعية الانتخابية في تسيير الهياكل وقد كان مقتنعا بذلك تماما.

*والآن بعد تحديد موعد 15 جوان القادم لانتخاب قيادة الحزب؟هل يلبي ذلك طموحاتكم؟
-  هي طموحات أغلب قيادات الحزب ومنتسبيه.الأمر إيجابيا الى أبعد الحدود،مع ضرورة أن تكون قواعد الحزب أو تمثيلياته الجهوية والمحلية حاسمة في اختيار الهياكل.بهذه الطريقة فقط سنبلغ الشرعية .وهنا أقول بكل أسف أن هناك أطراف ليس من مصلحتها الذهاب الى الشرعية من منطق المصالح الخاصة أو الافتقار الى قواعد ومناصرين.

* نأتي الآن الى مواقفك المساندة لحكومة جمعة وخاصة لوزيرة السياحة آمال كربول.هل ثمة سر في الأمر؟
-  أنا مع الحكومة الحالية ببساطة لأنها تتحمل أعباء تركة النهضة وحالة الافلاس التي سببتها الترويكا المخلوعة للبلاد.أتباع النهضة يريدون إفشال الحكومة الحالية لغايات انتخابية رخيصة،وهجومهم على وزيرة السياحة فيه شعبوية تعكس نقمتهم على كل صوت ينتصر لحداثة تونس ونهوضها.

* أعلنت أيضا مساندتك على قناتك الخاصة لما أقدم عليه حفتر في ليبيا؟ ألا يتعارض ذلك مع حماسك للتجارب الديمقراطية ؟
-نعم أنا مع حفتر في ما أقدم عليه ، تماما مثلما كنت مساندا للمشير عبد الفتاح السيسي في مصر.والأمر ببساطة مقترن بموقفي الرافض لكل الظلاميين والتيارات الدينية التي تتبنى العنف.وأنا واثق من قدرة حفتر وشرفاء ليبيا على القضاء على الارهابيين الذين يهددون البنية الاجتماعية في ليبيا كما في تونس،كما في باقي الاقطار التي حاول الاسلام السياسي اكتساحها وتفخيخها بفكر وهابي متخلف.