في أول جولة خارجية استغرقت أقل من 48 ساعة، التقى خلالها بـ 13 رئيسا ومسؤولا أفريقيا، حاول الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي رسم "خارطة طريق" للعلاقة مع أفريقيا، تجنبه أخطاء سابقيه (الرئيسان السابقان حسني مبارك ومحمد مرسي)، حسب حديث خبيران في الشأن الأفريقي للأناضول.

وفي الجزائر التقى السيسي الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، ثم التقى على هامش القمة الأفريقية في غينيا الاستوائية كل من رئيس موريتانيا، وهو الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي محمد ولد عبدالعزيز، ورئيس غينيا الاستوائية التي تستضيف القمة أوبيانج أنجينا، ورئيس جنوب السودان سيلفاكير ميارديت، ورئيس جامبيا يحي جامع.

التقى السيسي أيضا، خلال الجولة التي بدأت في ساعة متأخرة مساء الأربعاء الماضي، وانتهت بعودته للقاهرة مساء أمس الجمعة، رؤساء السنغال ماكي سال، وغانا جون ماهاما، وتنزانيا مريشيو كيكويتي، وأوغندا يوري موسيفيني، وتشاد إدريس ديبي، وفي الخرطوم التقى السيسي نظيره السوداني عمر البشير.

كما التقى على هامش القمة مسؤولين آخرين هما النائب الأول لرئيس السودان بكري حسن صالح، ورئيس الوزراء الاثيوبي هايلي ماريام دسالين.

وبحسب الخبيران، فإن السيسي سعى، من خلال جولته الأفريقية الخارجية، أن يرسم خارطة طريق، على غرار تلك التي رسمها عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، لشكل العلاقة مع أفريقيا، بطريقة تمكنه من تجاوز المنازعات والقضايا التي كانت على رأس أخطاء سابقيه.

وتقول أماني الطويل، الخبير في الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (مملوك للدولة) لوكالة الأناضول، إن "السيسي سعى لتجنب أخطاء سابقيه في اختيار الدول الثلاث كأول زيارة خارجية له، محاولاً رسم خارطة طريق على غرار تلك التي رسمها داخل البلاد، في التعامل مع أفريقيا وكذلك التفاعل مع مشكلات القارة من حيث الإرهاب العابر للحدود والسيطرة على المنازعات الداخلية التي من شأنها التأثير على العلاقات المصرية الأفريقية".

وضربت الطويل مثلاً بسد النهضة الذي اعتبرت حديث السيسي مع الجانب الإثيوبي بشأنه محاولة لمخاطبة الجانب الإثيوبي بلغة يفهمها تتعلق بالتنمية وليس بأسلوب التعالي.

وتابعت أماني: السيسي يحاول تحقيق إنجاز في العلاقات المصرية الأفريقية التي مرت بتراجع خلال الأعوام الماضي، من خلال إصلاح أخطاء الرئيسين السابقين، وتحديدا الرئيس المعزول الذي لم يتعامل وفق استراتيجية تراعي المصالح المصرية الأفريقية.

وظهرت مشكلة سد النهضة للعلن خلال حكم مبارك عندما أعلنت إثيوبيا في تسعينيات القرن الماضي نيتها إنشاء سد لتحزين المياه وتوليد الطاقة بسعة محدودة، ورفضت مصر المشروع، وسط تهديدات غير معلنة من جانب مصر، ثم تم تجديد مشروع السد ولكن بسعة تخزين، أكبر بعد سقوط نظام مبارك، وتم تحويل مجرى النهر في مايو/آيار 2013، والبدء في بناء السد، وهو ما اعتبرته مصر تهديدا لأمنها المائي.

وخلال حكمه حاول مرسي أن يقوم من جانبه، بعقد مناقشات مع القوى السياسية بشأن كيفية التعامل مع أزمة السد غير أنه وقتها أثيرت أزمة أخرى حول مقترحات شخصيات سياسية خلال هذا الاجتماع الذي أذيع على الهواء مباشرة دون علمهم، والتي كان من بينها تهديد أديس أبابا بتوجيه ضربة بالطائرات.

أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة (حكومي) ينظر لجولة السيسي بالقول إن "القيادة الحالية للبلاد ترى أن التحدي الأمني على رأس التحديات الخارجية للدولة المصرية، وبصفة خاصة سد النهضة، لذلك جاءت زيارة الجزائر ولقاءات ثنائية مع قادة أفارقة، وذلك بهدف إذابة الجليد فيما يخص العلاقات المصرية الأفريقية".

واعتبر شبانة، في حديث للأناضول أن "السيسي أراد بهذه الجولة الأفريقية أن يقوم بخطوات استباقية لمواجهة المشكلات المتفاقمة مع الجانب الأفريقي، ولتحسين العلاقات المصرية الأفريقية التي كان يغلب عليها التوتر".

بالنسبة لشبانة، زيارة الجزائر كانت بهدف التنسيق معها ضمن مواقف أفريقية والحفاظ على العلاقة معها في إطار ثقلها كمنتج أول للغاز في أفريقيا لمواجهة أزمة الطاقة، أما لقاء رئيس الوزراء الأثيوبي فهي بهدف وضع الخطوط العريضة التي يمكن الاستناد عليها في التفاوض بشأن سد النهضة، أما زيارة الخرطوم فهي محاولة لإشراك الجانب السوداني في التحديات التي تواجهها مصر، وسيما سد النهضة الإثيوبي.

الخبيران اعتبرا نتائج الزيارة ستتضح خلال الشهور القادمة، والتي، حسب رأييهما، قد تتطلب من السيسي القيام بجولة أفريقية أخرى "أكثر عمقا" من سابقتها، خلال الأشهر القادمة.