يتجه الجيش الوطني الليبي نحو السيطرة بشكل تام على الأجواء في العاصمة الليبية طرابلس بعد اعلانه فرض حظر جوي فوق المدينة في الوقت الذي كثف فيه من عملياته العسكرية مع الدفع بتعزيزات كبيرة على تخوم المدينة في مؤشر على تحضيره لحسم المعارك ودخول طرابلس في أقرب وقت وهو ما يؤكده المسؤولون العسكرية منذ أيام.

وأعلنت القيادة العامة للجيش الليبي، يوم السبت 23 نوفمبر 2019، في بيان لها، تحديد مناطق حظر جوي في طرابلس الكبرى وعدة مواقع بمناطق ليبيا الغربية. وأوضح البيان، أن "الحظر لا يشمل المنطقة الممتدة من كلية البنات وسط العاصمة في شارع عمر المختار شرقًا وحتى القربولي مرورًا بأجواء مطار معيتيقة دخولًا وخروجًا.

وحذّر البيان، من أن "مناطق طرابلس خارج المنطقة المحددة تعد مناطق مغلقة تمامًا أمام حركة الطيران، تحظر فيها حركة الطيران إلا بإذن مسبق من غرف العمليات المختصة بالقوات المسلحة". وقال الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، اللواء أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي، مساء السبت، حول فرض منطقة حظر جوي في قاطع العمليات الغربي: "ننبه مصلحة الطيران المدني الليبي وجميع شركات النقل الجوي والمستعملين بفرض الحظر"، مشيرًا إلى أنه سبق إعلان المنطقة من سرت إلى الحدود التونسية منطقة حظر جوي.

وبين المسماري على الخريطة أن المنطقة التي تحظر فيها حركة الطيران منعا باتا، يشمل 7 مواقع هي: منطقة المايا ومصنع القماس والكلية العسكرية بنات ومزرعة النعام وغرب منطقة القربولي ومنحى الطريق ومفترق الطرق، وأوضح المسماري أنه تم استثناء مطار معيتيقة من منطقة الحظر الجوي نظرا للحاجات الإنسانية المحتملة.

وقال مصدر عسكري ليبي، إن منظومة الدفاع الجوي التابعة لعمليات الجيش الليبي، دخلت حيز التنفيذ منذ أيام في أغلب مناطق غرب ليبيا. ونقل موقع "إرم نيوز"، عن المصدر اشارته إلى أن القيادة العامة تبذل جهدًا في سبيل تطوير دفاعات الجيش الليبي، وخصوصًا الدفاع الجوي؛ لإحكام السيطرة التامة على أجواء المناطق العسكرية. موضحا بأن رصد الحركة الجوية في محيط عمليات طرابلس بدأ فعليًا، وأن منطقة الحظر الجوي التي أعلنها الجيش يتم مراقبتها بشكل فعَّال، وسيتم التعامل مع أي هدف جوي كهدف معادٍ في حالة عدم التنسيق المسبق مع عمليات الجيش الليبي.

ويأتي اعلان الحظر الجوي، في أعقاب اعلان القيادة العسكرية الأمريكية بأفريقيا" أفريكوم"، السبت فقدان طائرة مسيرة غير مسلحة تابعة للقيادة فوق العاصمة الليبية طرابلس. وفي بيان عبر موقعها، قالت القيادة إن طائرة أمريكية غير مسلحة تابعة لها فقدت فوق العاصمة الليبية طرابلس يوم الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني.

هذا وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، أعلنت يوم الخميس، إسقاط طائرة بدون طيار إيطالية في منطقة للعمليات العسكرية غربي البلاد، مطالبة إيطاليا بتقديم شرح رسمي بشأن دخول الطائرة الأجواء الليبية. وقال الناطق الرسمي باسم القائد العام للجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، في بيان صحفي، "القيادة العامة للجيش الليبي لا تزال تنتظر من إيطاليا تقديم شرح رسمي لماذا دخلت هذه الطائرة دون طيار المجال الجوي العسكري الليبي.

كما طالب مجلس النواب الليبي، السلطات الإيطالية بتوضيح رسمي حول تعدي إحدى الطائرات المسيرة التابعة لسلاح الجو الإيطالي على سيادة ليبيا، عادًّا ذلك مخالفا للأعراف والمواثيق والقوانين الدولية كافة. واستنكر المجلس في بيان، انتهاك سيادة الأجواء الليبية من إحدى الطائرات المسيرة التابعة لسلاح الجو الإيطالي، التي جرى إسقاطها من قبل القوات المسلحة، في منطقة سوق الأحد قرب مدينة ترهونة.

وسارعت إيطاليا للرد على الواقعة، وجاء ذلك عبر تعليق وزارة الدفاع الإيطالية حيث التي قالت في بيان رسمي صادر عنها ونشرته على حسابها الرسمي في موقع "تويتر"، الخميس، إن الطائرة المسيرة طراز "بريداتور"، التابعة لسلاح الجو الإيطالي التي أعلن اليوم عن إسقاطها فوق الجبال الشمالية لترهونة، كانت تعمل ضمن مهمة "البحر الآمن"، أو ما يعرف بالإيطالية بمهمة "ماري سيكورو".

لكن المبررات التي ساقتها ايطاليا لم تكن مقنعة بحسب مسؤولين ليبيين، وهو ما أكده المتحدث باسم مجلس النواب الليبي، عبدالله بليحق، الذي اعتبر أن التوضيح الذي أدلت به السلطات الإيطالية عن أن الطائرة كانت مكلفة  بعملية البحر الآمن ومكافحة الهجرة غير الشرعية "غير مقنع"، لأن المنطقة التي تواجدت بها الطائرة تبعد عن الساحل حوالي مئتي كيلومتر وهو ما كان مستغربا".

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن بليحق قوله، إن قرار الجيش الليبي بحظر الطيران فوق العاصمة طرابلس "يأتي نظرا لكثير من الإشكاليات التي حصلت في الفترة السابقة خاصة فيما يخص انتهاك حظر السلاح". موضحا أن عددا من الطائرات وصلت إلى مدينة مصراته لدعم "المليشيات المسلحة الخارجة على القانون، وهو ما يتطلب حظر الطيران على منطقة العمليات العسكرية"، مشيرا إلى أن القيادة العامة والجيش "هو من يقدر هذه الأمور وما تتطلبه هذه المرحلة".

وكان الجيش الليبي، أعلن الثلاثاء الماضي، تدمير آليات ومدرّعات عسكرية تركية كانت مخصصة لاستخدامها في أعمال عدوانية ضد أمن ليبيا. ويأتي ذلك، في خرق آخر من طرف أنقرة لقرار مجلس الأمن الدولي، حظر بيع ونقل الأسلحة إلى ليبيا، ودليل جديد على تورطها في تأجيج الصراع الدائر، بهذا البلد الغارق في الفوضى منذ 2011

وأوضحت قيادة الجيش الليبي، أنه بناء على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، تم رصد ومتابعة عملية نقل عدد "19مدرعة" بواسطة السفينة المدنية التركية "كوسافاك رست" من تركيا إلى ميناء الحديد والصلب بمنطقة مصراته، الاثنين، ليتمّ لاحقا نقلها من الميناء وتخزينها في منطقة صناعية في وسط المدينة بهدف استخدامها في أرض العمليات وفق خططهم المعروفة لأجهزتنا الاستخباراتية.

وأضاف البيان، أنّه بعد اكتمال المعلومات الاستخباراتية من خلال التتبع والمراقبة لهذه الشحنة العسكرية منذ بداية تنزيل المدرعات من السفينة حتى وصولها إلى المخازن، تدخلّ سلاح الجو التابع للجيش الليبي، وقام بتدمير هذه المدرعات بدقة عالية، في نفس يوم وصولها وقبل خروجها من مخازنها لمنع استخدامها في أعمال عدوانية تهدد أمن وسلامة البلاد والعباد، مشيرا إلى أنّ هذا الاستهداف نتج عنه انفجارات هائلة متتالية، نتيجة تخزين أسلحة وذخائر وصواريخ فيها.

ويتهم الجيش الليبي، دولة تركيا، بقيادة المعارك في المنطقة الغربية لصالح الميليشيات المسلّحة المدعومة من حكومة الوفاق، عن طريق دعمها بالأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك الطائرات المسيّرة. ويعد النظام التركي من أكبر الداعمين لتيار الاسلام السياسي وعلى رأسه "الاخوان"، إذ قدم لهم الدعم غير المحدود لبسط سيطرتهم على عدد من المناطق في ليبيا. وعلاوة على ذلك فقد اعتبرت تركيا بمثابة ملجأ لجهاديي ليبيا الذين ارتبطوا معها بعلاقات كبيرة.

وتعول حكومة الوفاق على الطائرات التركية المسيرة بعد أن نجح الجيش الليبي في تحييد طيرانها بالكامل، ومثلت الأراضي الليبية مسرحا لتجريب تركيا لطائراتها المسيرة على غرار طائرات مقاتلة جديدة من نوع "بيرقدار تي بي 2"، التي كشف موقع أفريكا أنتلجنس -الوكالة المتخصصة في الأخبار السرية – مطلع يوليو الماضي، عن أن تركيا تستعد لمنح حكومة السراج ثماني منها، رغم استمرار الحظر على توريد السلاح إلى ليبيا الذي فرضه مجلس الأمن منذ 2011.

وأثار قرار الجيش الوطني الليبي فرض حظر جوي فوق العاصمة طرابلس وحولها، ارتباكا داخل حكومة الوفاق التي تعول على الطائرات المسيرة التركية لحماية مواقعها وشن هجمات على مواقع الجيش. وقالت داخلية الوفاق، إن سلامة المجال الجوي للطيران المدني مكفولة بالقانون الوطني والقوانين الدولية، محذرة من أن أي وقائع جديدة تهدد سلامة الطيران المدني أو المطارات المدنية تعتبر جرائم يعاقب عليها القانونين الوطني والدولي، بحسب البيان.

ويسعى الجيش الليبي الى فرض السيطرة على الأجواء تمهيدا لعملية حسم المعارك خاصة في ظل تكثيفه مؤخرا لضرباته الجوية في عدة مناطق وتقدمه على الأرض والذي يتزامن مع تعزيزات كبيرة دفع بها الى تخوم العاصمة في مؤشر على توجهه لتغيير استراتيجيته التي اعتمدت خلال الأشهر الماضية على استنزاف المليشيات بهدف حماية المدنيين من تبعات الهجوم المباشر.

وقال مسؤول بارز بالجيش الوطني الليبي، بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، أمس السبت، إن قوات الجيش الليبي بصدد التحضير لهجوم واسع النطاق على الميليشيات المسلحة، مشيرا إلى أن إرسال المزيد من التعزيزات إلى محاور القتال يعكس ما وصفه بتصميم الجيش على إنهاء المعارك لصالحه.

ونجح الجيش الليبي في التقدم في عدة محاور حيث تمكنت قواته، مساء اليوم الأحد، من إحكام سيطرتها على محور الرملة جنوب العاصمة طرابلس. وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة في تدوينة نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "قواتنا تسحق الميليشيات وتدحرهم في محاولتهم التقدم نحو منطقة الرملة".

وكان المسؤول الإعلامي في اللواء 73 مشاة المنذر الخرطوش، كشف الجمعة، أن القوات المسلحة تتقدم بخطى ثابتة نحو أهدافها المحددة من غرفة عمليات المنطقة الغربية. وأوضح الخرطوش أن اللواء 106 مجحفل وكتيبة العاديات تنجح في التقدم باتجاه منطقة مفترق الرملة وكوبري السواني وتنجح في غنم مدرعة وآلية وقتل عدد من الأفراد.

ولفت المسؤول الإعلامي إلى أن كتيبة طارق بن زياد وكتيبة 115 مشاة تتقدمان باتجاه معسكر حمزة ونقاط جديدة معلومة لغرفة عمليات المنطقة الغربية. وأضاف الخرطوش أن المدفعية كانت لها الصوت الأعلى في محاور العاصمة، ونجحت في تدمير تمركزات ونقاط العدو جنوب غرب طرابلس. واشار الى أنه تم استهداف طائرة مسيرة تابعة لقوات الوفاق في محور اليرموك، موضحًا أنها الطائرة الثانية خلال 48 ساعة بعد استهداف طائرة في محيط مدينة ترهونة

ويصر الجيش الليبي على حسم معركة تحرير العاصمة التي يعتبرها السبيل لإعادة بناء الدولة. وأصدرت القيادة العامة للجيش الليبي، الأربعاء الماضي، بيانا حددت فيه موقفها من مؤتمر برلين، الذي ستستضيفه العاصمة الألمانية الفترة المقبلة، وسيجمع الأطراف الدولية المؤثرة في الملف الليبي، بهدف إيجاد حل سياسي ينهي الصراع القائم في البلاد.

وأكد المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، في تصريحات صحافية أنه "لا مجال لنجاح أي عملية سياسية في البلاد، ما لم يتم القضاء على المجموعات الإرهابية، وتفكيك الميليشيات ونزع سلاحها". وأضاف، بمناسبة الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر برلين، أن من الضروري أن يخرج مؤتمر برلين بـ "توصيف للمجموعات الإرهابية والأطراف الداعمة لها، فيما يراعي قرارات مجلس الأمن، خاصة ما يتعلق بالأطراف الداعمة للمجموعات الإرهابية".

وحذر بيان الجيش الليبي من أن الميليشيات الإجرامية تشكل عائقا أمام قيام الدولة والحل السياسي وإيجاد سلطة في طرابلس تمتلك إرادة سياسية لها أرضية دستورية. وذكر البيان أن "أي مسار سياسي أو اقتصادي لن يكتب له النجاح ما لم يسبقه حسم المسار الأمني والعسكري، وفقا لأسس وقواعد تمكن من استعادة الدولة وقرارها السيادي، بعيداً عن سلطة المجموعات الإرهابية والميليشيات الإجرامية التي تحكم طرابلس الآن.

واعتبر مراقبون إلى أن الجيش الليبي بعث رسائل جديدة إلى مؤتمر برلين، يؤكد من خلالها تمسكه بإنهاء سطوة المليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس وذلك ردا على دعوات وقف إطلاق النار. ويشير هؤلاء الى أن الجيش يريد قطع الطريق أمام محاولات بعض الدول الداعمة لتيار الاسلام السياسي والمليشيات الموالية له بإعادة التموضع في المشهد الليبي خدمة لمصالح هذه الدول وأجنداتها في البلاد والمنطقة عموما والتي يمثل هذا التيار ومليشياته الراعي الرسمي لها.