تصاعد التوتر بين القوى المسلحة المتناحرة في ليبيا يهدد بمزيد من الانزلاق في البلد الواقع في شمال افريقيا، وذلك بعد أسابيع فقط من سقوط معقل تنظيم داعش سرت.
وتبدو هذه الأمة القائمة على الولاءات القبلية في أسوأ حالات الانقسام منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 ، مع تناحر الميليشيات المختلفة على النفوذ و على الموارد النفطية.

الصراع على السلطة أفرز إدارة مقرها في شرق ليبيا، مدعومة بالعسكري القوي خليفة حفتر، ضد حكومة وحدة في طرابلس توسطت فيها الأمم المتحدة وتحظى بدعم ميليشيات مدينة مصراتة في الغرب.

وقال المحلل محمد الجارح من "أتلانتك كاونسل": "من المرجح أن يتدهور الوضع نظرا لأن أصوات الحرب هي الآن الأعلى " بعد غارة جوية شنها الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر ضد ميليشيات مصراتة.

وتشكل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس محور آمال الدول الغربية التي تأمل في وقف تصاعد الحركة الجهادية في ليبيا، ولكن هذه الحكومة فشلت في فرض سلطتها في جميع أنحاء البلاد.

ورفضت الحكومة المنافِسة في الشرق التنازل عن السلطة، ولها قواتها المسلحة، التي تطلق على نفسها اسم الجيش الوطني الليبي ويقودها خليفة حفتر.

وقد تمكن مقاتلون موالون لحكومة الوفاق وهم أساسا من مصراتة من دحر داعش خارج سرت في ديسمبر، متوجين حملة استمرت شهورا في مسقط القذافي.

وتضم ميليشيات مصراتة متشددين عازمين على محاربة جيش حفتر.

وقد حارب الجيش الوطني الليبي الجهاديين في مدينة بنغازي لأكثر من عامين ويلقي باللوم على ميليشيات مصراتة في دعم المتطرفين المتعصبين.

في 7 ديسمبر، وبعد يومين من تحرير مدينة سرت، تصاعدت حدة التوتر عندما شاركت ميليشيات مصراتة المتشددة في هجوم ضد قوات حفتر أطلقته تحالف من الإسلاميين والمقاتلين القبليين.

 مخاوف من تجميع داعش لقواه

يوم الاثنين، قصف الجيش الوطني الليبي طائرة تحمل عسكريين كبار من مصراتة وشخصيات سياسية كانت تستعد لمغادرة الجفرة ، مما أسفر عن قتيل وعدة جرحى.

وقد قامت ميليشيات مصراتة بإرسال تعزيزات إلى الجفرة فضلا عن أخرى إلى منطقة سبها في الغرب.

وقال مارتن كوبلر، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، إنه "قلق من التوتر في جنوب ليبيا"، وحث جميع الأطراف على "ضبط النفس وتسوية القضايا من خلال الحوار السلمي".

فيما حذر جون كيربي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية من أن المزيد من القتال يمكن أن يشجع داعش والجهاديين الآخرين على إعادة تنظيم صفوفهم.

وأضاف "إننا نلاحظ بقلق ... تجدد القتال الشديد بين الليبيين ... القتال الذي نعتقد لن يستفيد منه سوى داعش وغيره من المتطرفين الذين يمارسون العنف هناك".

وتابع كيربي قائلا "الحقيقة هي أنه حتى الآن، حققت القوات الليبية تقدما ضد داعش في سرت وفي شرق ليبيا، وهذا ما يجعل تجدد القتال هذا مثير للقلق".

وعلى الرغم من استعادة سرت، التي كانت القاعدة الرئيسية لداعش في ليبيا، لازال التهديد الجهادي قائما في البلاد حيث يقول خبراء إن خلايا داعش موجودة في العديد من المناطق الأخرى بما في ذلك طرابلس.

المتشددون يحظون بالدعم

وقال الجارح إن  المواجهة بين قوات مصراتة وحفتر يمكن أن تجري في طرابلس و"الهلال النفطي" والمنطقة الجنوبية ، مشيرا إلى أنه سيكون من نتائج ذلك ، "ضربة قاضية لمنشآت النفط والمياه في ليبيا مما سيفاقم معاناة السكان وخاصة في غرب ليبيا والعاصمة".

وأضاف الجارح أن الهجوم على الطائرة التي كانت تقل شخصيات مصراتة قد أججت غضب حتى الفصائل الأكثر اعتدالا في المدينة الغربية.

وأضاف "المتشددون ... تمكنوا الآن من خطب ود الرأي العام داخل مصراتة بنجاح ، ويمكنهم الآن حشد الرأي العام ضد الجيش الوطني الليبي"

وقال ماتيا توالدو، المحلل السياسي البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن حفتر بصدد محاولة تشكيل تحالفات مع قبائل ليبيا القوية للسيطرة على جنوب البلاد.

وأضاف أن "الجنوب هو البؤرة الأكثر إلحاحا حيث يحاول حفتر تكرار استراتيجية التحالفات القبلية والعرض المحدود للقوة التي مكنته من السيطرة على الهلال النفطي في سبتمبر".
ويخلص إلى أن "سرت هي بؤرة أخرى في ظل مخاوف لمصراتة من أن يستخدم حفتر الولاءات القبلية لتجريدها (مصراتة) من مكاسبها على الأرض".

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة.