بدأت الطريق إلى القصر الرئاسي التونسي تزدحم بالمترشحين الراغبين والحالمين بالسكن في هذا القصر الواقع بضاحية قرطاج، وذلك في ظاهرة غير مسبوقة لم تعرف تونس مثيلا لها في تاريخها.

وبحسب البيانات الرسمية، فإن عدد الذين أعربوا عن عزمهم الترشح للانتخابات الرئاسية التونسية، بلغ خلال الأسبوع الماضي 43 مُترشحا، وهو رقم مُرشح للارتفاع أكثر فأكثر رغم ضخامته التي قابلها المواطن بنوع من السخرية السوداء التي تنم عن امتعاض من الوضع الذي بلغته تونس.

ومن المُقرر أن تنطلق الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية التونسية يوم 23 نوفمبر المُقبل، بينما حُدد تاريخ 26 ديسمبر المُقبل لإجراء الدورة الثانية لهذا الاستحقاق إن تقرر تنظيمها.

وكان لافتا دخول المرأة هذا التهافت على قصر قرطاج، حيث أعلنت أربع مترشحات عزمهن خوض هذا الاستحقاق هن القاضية كلثوم كنو، وليلى الهمامي الخبيرة في مجال التنمية البشرية، ثم آمنة منصور رئيسة حزب الحركة الديمقراطية للإصلاح والبناء، وبدرية قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية.

ولا يستبعد المراقبون أن يتجاوز عدد المُترشحين الـ60 مُترشحا بالنظر إلى حالة التشتت والانقسام التي تعيشها الأحزاب السياسية، وبسبب استسهال عملية الترشح التي أغرت الكثيرين لخوض غمار هذه التجربة لإشباع نزوة ذاتية، أو طمعا في المال والجاه، أو حبا في الظهور والشهرة.

ويشترط القانون الانتخابي حصول المرشحين للانتخابات الرئاسية على تزكية ضرورية لقبول ملف الترشح، تتمثل في موافقة عشرة نواب من المجلس التأسيسي أو عشرة آلاف ناخب، شريطة أن يكون توزيعهم على عشر دوائر انتخابية، وألا يقل عددهم عن 500 ناخب من كل دائرة انتخابية، أو الحصول على موافقة 40 من رؤساء المجالس البلدية.

وبالنظر إلى هذه الشروط، يُمكن القول إن العشرات من هؤلاء الذين سارعوا إلى الإعلان عن عزمهم الترشح للاستحقاق الرئاسي سينسحبون في منتصف الطريق إلى قصر قرطاج، دون أن يعني ذلك توقف الجدل الذي رافق هذا التدافع المثير للاهتمام، والذي تباينت القراءات في تفسيره.

وبحسب المُحلل السياسي الجيلاني بن محمد، فإن كثرة الترشحات للانتخابات الرئاسية هي امتداد للاختيارات التي سُنت لتونس بعد انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر 2011، التي اتسمت بدخول أرقام سياسية مُفرغة من محتواها الفكري والسياسي، ضمن إطار خطة لإرباك الأحزاب التاريخية في تونس.

واعتبر في تصريح لصحيفة العرب، أن كثرة الترشحات للانتخابات الرئاسية من شأنها إدخال الشك لدى المواطن في جدوى الخيار الديمقراطي، بالإضافة إلى ضرب استحقاق الشخصيات السياسية التي تتميز بماض نضالي سواء أكان في المجال السياسي أم في الميدان الحقوقي.