لا شك، بأن الملف الليبي والصراع القائم يقود في بواطن ممارساته الى الهيمنة على السلطة و/ أو البحث عن أنسب وأفضل السبل للمحافظة عليها من خلال الانخراط في سلسلة من التوافقات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية. إن التنازع بين الشرعيات أصبح المهيمن بصفة قوية على كافة الصراعات السياسية والاقتصادية بداخل وخارج ليبيا وبين دول أعضاء بالأمم المتحدة، ولم يستقر بعد أو يتقدم او يطرح بدائل أنسب ومعالجات أشفي. 

تجربة أخري من تجارب الأمم المتحدة بــــ "برلين - المانيا ، قد نختلف من منطلق تأسيسها وبعض مخرجاتها والي الكيفية والطريقة التي رسمت بها، لما تمثله من مخرجات غير واقعية أو غير دقيقة أو غير حيادية أحياناً وبالأخص بعد فقدان ثقة المجتمع الليبي للمراهنة مجدداً علي حلول دولية، بعد إضمحلال وعدم صمود الإتفاق السياسي في ديسمبر عام 2015 الموقع بالصخيرات المغربية.   

تفتقر المبادرة أو مخرجات المؤتمرات الأممية بصفة عامة  للقاعدة العريضة الافقية وفق الإنتقائية وعدم تفهم أو الرغبة في عدم تفهم  الاليات الحقيقية للمجتمع الليبي، ولكن الأهم دائما  هو... كيف لنا أن نقرأ المؤتمر "برلين وما بعده"؟ وما هي أهم محاوره وأهدافه؟ 

وقبل دخولنا لتفاصيل المؤتمر (موضوع البحث) ودراسة الأبعاد والمنهجيات وما بين السطور، وإعمال التدقيق أو التشكيك أو التفاؤل، نضع جملة تقليدية يكررها كل الخبراء والمتابعين والعامة والخاصة، الا وهي: هل وضع مؤتمر برلين ( 19 يناير 2020) القطار على سكته، وهل سيجمع الفرقاء لكلمة سواء، وهل سنشهد تحسناً وتوحداً لمؤسسات الدولة، واعادة المسارات العسكرية والامنية والاقتصادية؟ أو سيكون كباقي المؤتمرات التقليدية التي سبقت وستلحق؟،  ابتداء من غدامس الي جينيف الي باليرمو الي ابوظبي الي موسكو، والي برلين، حيث جميع ما سبق قد إنتهي ببيان  غير مقنع، ولم يحقق تقدماً في معظم بنود الخلاف، بل عمقها في بعض جوانبهاً وأضاع في أحيان أخري البوصلة دعماً لطرف لصالح طرف اخر. 


المنافسات الأوروبية بشأن ليبيا

وفي ظل المنافسات الأوروبية، هل سيكون هذا المؤتمر موجها لتحديات أوروبية (متضادة) وبالتحديد تحديات إيطالية فرنسية للهيمنة وبسط النفوذ تجاه ليبيا وما ورائها؟ أم هي نقلة أخرى تحاول السياسات الدولية والألمانية تحديداً من خلالها توجيه رسائل مزدوجة لكل من، الولايات المتحدة الأمريكية (الغائب الحاضر)، وروسيا-المتعافية (البوتنية)، وتركيا (أردوغان) وتؤكد "ميركل"أحقية تسلم الملف الليبي وكسب التأييد وسحب البساط من أطراف أخري؟ كل هذه التساؤلات والتطلعات والتحديات القت  بظلالها على مخرجات  مؤتمر برلين وتوجهات ما بعده.

محفزات التدخل الأوروبي

في  المقابل، يجب أن لا نغفل الجانب الإيجابي لكل المبادرات السياسية  الدولية والأوروبية وغيرها، فهي تمثل مرتكزات ومن أهمها اولاً: تحريك المياه الراكدة، ثانياً: تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، ثالثاً: استمالة الحلول والتوصل لتوافقات وطنية واقليمية ودولية، فأوروبا لها مصالحها المباشرة ومنافعها الحيوية للجار بجنوب المتوسط، فالاستقرار المتوسطي الأمني، والهجرة غير القانونية ومنع التدفقات البشرية وحماية الاراضي الأوربية من الهجرات المتدفقة تجاه شمال أوروبا، وشراكات الطاقة وبالأخص النفط والغاز بليبيا وشرق المتوسط، كلها تشكل دوافع مصيرية وتوجب إيجاد الحلول ومنع الفوضي، وتوجه مستقبل العلاقات الاورومتوسطية، وتعزز مواقف التفاوض المستقبلي للشريك الأوروبي مع ليبيا.

عراقيل الإتحاد الأوروبي

غير أن الإتحاد الأوروبي يواجه سلسلة تغيير غير مسبوقة منذ انشائه، وهو ما يعبر عن  عمق الخلافات الأوروبية وتفتت قرارها وهو ا أنعكس عملياً علي التوجه الكتلي بشأن الملف الليبي، وبالأخص بعد خروج المملكة المتحدة «بريكست» من الإتحاد الأوروبي، وما نشهده حاليا من خلال الصراع الفرنسي الإيطالي تجاه القضية الليبية، وكان سبباً رئيسا في التدخل العسكري-الأمني المباشر لتركيا وتفعيل الإتفاقيات غير الشرعية والأخري المتممة لها في ترسيم الحدود البحرية مع الوفاق الليبي. 

واقع الأحداث

أيضاً، وفي نفس الإطار، تمثل المخرجات الواقعية وبالأخص الأحداث علي الأرض اليوم واقعاً يختلف تماماً عما كان عليه الوضع عند برلين وما سبقها، حيث أعاد الجيش الليبي تمركزاته واستراتيجيته، فبعد أن طرق أبواب طرابلس يغادرها شرقاً لمدينة سرت، تطويقاً وحفاظاً علي المقدرات النفطية ومنح فرصة للمجتمع الدولي لإتخاذ إجراءات بإنهاء التدخل المباشر التركي والذي لن ينتهي بتهديد الوحدة الوطنية، بل سيشكل التفافا علي أوروبا شمال وشرق المتوسط، ويعمق أهم ملفات شائكة للهجرة غير القانونية، وينقل كافة أشكال الإرهاب، بالإضافة الي الإستحواذ علي المقدرات النفطية والغازية.  


 

انعقاد مؤتمر برلين

جاء المؤتمر الألماني بـــ "برلين"  في 19 من يناير عام 2020برعاية منظمة الأمم المتحدة وبحضور الخمس الكبار أصحاب الفيتو، وبالاضافة لألمانيا كونها المستضيف فقد شارك بمستوي رفيع كلاً من  ايطاليا وفرنسا وتركيا، ومن الدول العربية مصر والجزائر والإمارات العربية المتحدة، ومن افريقيا جمورية الكونغو، كما أتت المشاركة من  منظمات إقليمية كبري اضافة للراعي كــ الإتحاد الأوروبي, الإتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، وقد تم اقصاء المملكة المغربية صاحب المكانة والفضل العربي والمستضيفة  للحوارات السياسية الليبية والمتصدر  للإتفاق السياسي بالصخيرات، كما تأخرت الدعوة لجمهورية تونس وكان سبباً في اعتذار مشاركتها. 

مسارات برلين

إن الأهمية لمؤتمر برلين تأتي كمنافسة للدعوة الروسية للأطراف الليبية بـ موسكو والتي لم تشهد الكثير من الزخم أو الحضور الدولي والعربي المتوازن، وقد يكون المؤتمر ايضا إستكمالاً واستمالة للأطراف الليبية والدولية للتعريف بالأهمية والحرص علي عدم ترك الملف بعيداً عن أوروبا، أو في ظل التوافقات مع المؤتمرين الفرنسيين  بقيادة "ماكرون" خلال عامي 2017 و 2018. 

أهم مخرجات برلين

يتطلب أن نضع للقارئ الكريم نص البيان كاملاً لمؤتمر برلين، تسهيلا للإطلاع واثراء للمعرفة والتوثيق، ولذا وضعنا الرابط الاليكتروني الخاص بالبيان ضمن سلسلة المراجع. 

وبالرغم من المواد الطويلة للبيان والمخرجات   (المعلنة) التي تم الإتفاق عليها والبالغ عددها (55) بنداً، تبدأ بسبع مواد تمهيدية وديباجية وأهمها السيادة الليبية والوحدة الوطنية كمبدء اساس للإتفاق، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الليبية ودعم المساعي الحميدة والتوفيقية توافقاً مع مواثيق منظمة الأمم المتحدة، وتضم الإتحاد الإفريقي لعمليات المصالحة كطرف ومراقب قادم اقليمي استكمالا لجهود جامعة الدول العربية أو رفض بعض الأطراف لدورها غير المستقل حسب رؤيتهم، الا أنني أجد بأننا أمام سلال ثلاث رئيسية تمثل جوهر العمليات كلها، وتضع الإطار العام للمؤتمر وفق ما يلي:- 


السلال الثلاث الرئيسية لـــ برلين

السلة الأولي:-

العسكرية والأمنية

لقد غطت المواد (8ّّ – 24) و (35 – 36) الجزء الأكبر والأهم لمخرجات المؤتمر الا وهو الشأن العسكري والأمني كونه العنصر المؤسس للعمليات الأخري، وتحت بندي " وقف إطلاق النار و حظر الأسلحة" ودعم الدعوات لإيقاف إطلاق النار وكان أهمها الدعوة في موسكو 13 يناير 2020، وذلك  للتمهيد واعادة بناء الثقة بين (الطرفين المحليين) و (أطراف أخري خارجية)، وكان من أهم ماجاء تحت بنود ونصوص عملية وقف إطلاق النار (8 - 18)، ما جاء بالمادة (9) بشأن "تفكيك الجماعات المسلحة والميليشيات"، والمادة (14) لمكافحة الإرهاب والجماعات الراديكالية، غير أن اليات التفكيك  والمكافحة والتعريف بتلك الجماعات لم توضحها تلك المخرجات بعد، أيضاً مطاطية العبارات، والإستخدامات لعبارات غير المباشرة قد تفهم  في غالب أحوالها بأشكال مقلوبة ومغلوطة وقد تضع كلا الطرفين في مواجهة بعضهما البعض. 

حظر الأسلحة

تلت مواد ومخرجات البند الأول بالسلة الأولي، وتم اقرار مواد (19-24) بشأن حظر توريد الأسلحة وفق قرار ات مجلس الأمن الدولي   1970 /  2011 وما تلاه، ونوهت المادة (20) بدعوة الأطراف الفاعلة (بمعني) المانحة او الداعمة والمغذية للكيانات الليبية للإمتناع عن كل نشاطات قد تؤدي لتفاقم الأزمة، والمادة (21) بمنع دعم الأفراد والجماعات المصنفة ارهابية وضرورة المحاسبة،  لنأتي لحقيقة أخري بالمادة (22) حيث تشهد بحدود قدرات المجتمع الدولي للإلتزام بالمراقبة البحرية والبرية والجوية، الأمر الذي دفع كثيراً من الدول الداعمة في استمرار إستقدام المقاتلين والمرتزقة بالاضافة الي المعدات والأسلحة، وأصبح الوفاق الليبي هشاً وقابلاً للكسر والخرق. 




السلة الثانية:-

العملية السياسية

تمثل المواد (25 – 34) الجانب الموازي للسلة الأولي، وتظلل مواده الإتفاق السياسي كإطار عام للإصلاح السياسي، ومن ضمن منهجها ضمنياً، كما تنص المادة (25) بترميم  المجلس الرئاسي وتفعيل حكومة شاملة، وهو ما يضعنا أمام قراءة الحدث من زوايا عديدة، هل بات المجلس الرئاسي بشكله الحالي معرقلاً؟، أم أن هناك إصلاحات (أي استحداث شخوص) للدخول كبدلاء لأعضاء المجلس الرئاسي المستقيلين، أيضاً، فإن تشكيل حكومة شاملة (حسب ما ورد بالنص) تؤكد بأن المجتمع الدولي يعرف تماماً بأن حكومة الوفاق (برغم شرعنتها دولياً) الا أنها أتت بشكل واطار غير دستوري، وتخالف بنود الإتفاق السياسي وهو الإطار العام لمخرجات برلين. 

نود أن نحذر من كل عبارة او فقرة تأتي بوثائق دولية، حيث أنها تسمو بطبيعة الحال عن تلك الوثائق الثنائية أو المحلية، لقد نصت المادة (26) باستئناف العملية السياسة الشاملة،  ولكنها تأتي تحت رعاية الأمم المتحدة دون وضع اليات، ومن ثم فإن المخرجات تحتاج اليوم لمزيد من اللوائح التنفيذية أو الشروحات الواضحة والشفافة، فالأمر يتعلق بالسيادة والإستقلال. 



السلة الثالثة

العمليات الإقتصادية والمالية

تذهب الإصلاحات وفق نصوص مواد برلين (37 – 43) لإستعادة مكانة الدولة اقتصاديا وماليا  والحوكمة والنزاهة، والتركيز علي شريانها الحيوي وهو النفط والإستثمار، وتفعيل قواعد المراقبة والتمحيص والتدقيق المالي. غير أن الإنحياز الواضح لقراري مجلس الأمن (2259 /2015)، و (2441/2018) القاضيان بشرعنة دور المؤسسة الليبية للنفط عبر حكومة الوفاق دون غيرها وفق ما نصت به المادة (39)، بالرغم من كونها غير مستوفية الإجراء الدستوري (لم يعتمدها مجلس النواب الليبي)، وبالرغم من اطلاق دعوة بنفس المخرجات الألمانية لحكومة شاملة. 

 نتجه صوب المادة (40) للدعوة الي بناء أو تأسيس صندوق التنمية (الإصلاح الإقتصادي والمالي) تحت غطاء خبراء ليبيين وبتنوع جغرافي، أي ستصبح كافة الموارد والإيرادات السيادية خاضعة بشكل او اخر لاليات مختلفة ومنها الدخل السيادي الرئيس للنفط ومصرف ليبيا المركزي.  كما يضيف الإتفاق ضمنياً إعادة النظر في تجميد الأصول الليبية وفق ما نصت به المادة (43)، ما يفتح الباب  واسعا والشهية للفساد في ظل غياب اليات الرقابة الموحدة وسيطرة الجماعات المسلحة علي ريادة القرار.

وبجانب السلال الثلاث، وتحديدا (44 – 55) تتجه المخرجات الي الملفات  الحقوقية والمتابعة، وتدفع الي إحترام المعايير الإنسانية ودعم المؤسسات القضائية وتفعيلها، وتجريم كل حالات الإحتجاز القسري والتعسفي، وترشح ايضا مندوبي الطرفين لإستكمال حوار بناء عسكري أمني مكملاً لمخرجات القاهرة "5+5، وتأسيس لجان متابعة وفرق تقنية. 

وبعيداً عن الجزم، ولمنح مجال التدقيق والفحص والتحليل والتأمل والإستشراف، نستطيع أن نصف السلال الثلاث وفق ما يلي:-

  • الإصلاح، السياسي والعسكري والأمني. 
  • التنمية، صناعة صندوق سيادي. 
  • مكافحة الفساد. 

لا نستطيع أن نتحقق من حسن النوايا في نظريات ومجالات العلاقات الدولية، بل يستوجب الأمر تفعيل اليات واجراءات دستورية وتشريعية، توافقا مع تلك الإجراءات التنفيذية وفق منظومة وهوية وطنية،  فقد تحملنا وتقودنا أحيانا دراسة السلال الثلاث بشكل مغاير تماما، ولنا في ذلك ايضا ان نتحقق من تجارب الغير تحت رعاية ومنظومات متشابهة، فالقادم قد ينذر  بالمراقبة الدولية "القبعات الزرقاء" والرقابة "المناطق الخضراء"،  وبحزمات ثلاث تمثل الحزمة الأولي صناديق التنمية: مساراً لخضوع الموارد السيادية كـ النفط والإستثمار تحت حزمة المراقبة والتنفيذ والتقسيم والإسترزاق " النفط مقابل الغذاء"، وحزمة أخري لمكافحة الفساد: الأمر الذي يذكرنا بملفات العراق واطلاق ايدي الشركات الكبرى وما افصحت عنه تلك الجرائم الاقتصادية والأخلاقية، كما تذهب الحزمة الثالثة لوضع خبراء عسكريين بالمشاركة مع العنصر الوطني: لوضع خطوات نزع السلاح واستراتيجيات العمل الأمني والعسكري.  وكل تلك الإجراءات والسلال تأتي تحت مسميات لطيفة وكلمات جاذبة "الإصلاح والتنمية ومكافحة الفساد". 

التفاؤل الحذر  

بالرغم من عدم ضمان تحقق الكثير من النتائج والمخرجات لقمة برلين، الا أن هناك نقاطاً تدعو الي تفاؤل  (في حالة اجتماع الإرادة وتوافقها دولياً ومحلياً )ولو بشكل جزئي، ومنها:-

  • إرساء قواعد العودة للمسار السياسي.
  • تحريك المياه الراكدة للتقدم في مسير التحول والإنتقال.
  • الرعاية الأممية توافقاً بين الأطراف الكبري، فهناك لجان تم تشكيلها للمتابعة الدولية لتنفيذ بعض الإصلاحات علي الصعيد الإقتصادي والمالي، والإستمرار في لقاءات عسكرية لمراقبة الهدنة وفق ممثلين ليبيين من الطرفين.   
  • الحضور والقبول الدولي والإقليمي، ومشاركة الإتحاد الأفريقي، خطوة للتحول لمناهج أكثر دقة ومعرفة وموائمة.  
  • تغليب الحل السياسي ليكون بديلاً عن حلول عسكرية مما يجنب البلاد ويلات الحروب، ويمنع التدخلات الهدامة بكل أشكالها. 
  • الدعوة لتشكيل حكومة شاملة، وإعادة القرار الصائب وفق هيكلية جديدة للمجلس الرئاسي ما قد يدفع لتوحيد المؤسسات بكل أنماطها، محافظة علي الدخل القومي وتوزيع الثروة بشكل منصف وعادل وتصحيح للقاعدة التشريعية.
  • الدعوة الي المراقبة الدولية لمنع كافة انواع الخروقات وتدفقات السلاح والمرتزقة. 



التحديات الراهنة

نستطيع أن نحدد ملامح "برلين" بأنها لن تكون فاعلة ومؤثرة وسط تلك المعارك الصامتة، فالصراع اليوم أصبح يتجه لأطراف أساسية رباعية "الجيش الليبي، تركيا، روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية"، لتصبح دول الإتحاد الأوربي خارج تلك الدوائر بل ستسير وفق الإتفاقات التي تقودها المحاور الأربع.

حيث تكمن  أهم التحديات التي قد تعيق التقدم أو تحجبه او تغير منهجه او تعطل مساراته، ما يلي:- 

  • التدخل العسكري المباشر لتركيا ضد الجيش الليبي.
  •  الإتفاقيات الموقعة (العسكرية والأمنية)  - غير المصادق عليها من قبل مجلس النوب الليبي - بين كل من تركيا وحكومة الوفاق الليبي. 
  • خطة ترسيم الحدود البحرية بين كل من تركيا والوفاق الليبي ستعمق الخلافات المحلية والإقليمية والدولية. 
  • خرق حظر الأسلحة وتواصل الدعم العسكري والسلاح والمرتزقة عبر تركيا للموانئ الغربية بــ ليبيا. 
  • مواصلة إنتهاكات الهدنة. 
  • تعارض المصالح والتوجهات الدولية والإقليمية.

ختاماً

برغم الجهود الدولية المبذولة لإنجاح المؤتمر ببرلين، وعلي ضوء ما تقدم من مخرجات قد نصف بعضها بــ "الإيجابية النسبية"، وبالأخص في جلوس الكبار علي مائدة مستديرة لإيجاد المخرج المثالي للملف الليبي، الا أن التحديات الراهنة لا تزال أعمق وتظل تلك المخرجات خطوة في الطريق ضمن سلسة من خطوات مكملة، كما اشارت الي ذلك المستشارة الألمانية "ميركل"، كما ذهبت النائبة والمتحدث الرسمي بإسم الحكومة الإتحادية الألمانية " اولريكا ديمر" بالقول " إنه مؤتمر مهم لكنه يشكل مجرد بداية او لبنة أولي علي طريق الحل السياسي لأزمة البلد، الذي تمزقه الحرب الأهلية، كما أضافت بأن برلين يسعي للوصول لتفاهم الفاعلين الدوليين في الشأن الليبي وخلق ارضية تمهد لعملية ليبية داخلية صوب التفاهم. 

يظل مؤتمر برلين فرصة واعدة ومحورية أمام التحديات الليبية للعودة لمسار سلمي، وهو ما يتطلب اليات تفعيل محلية بشكل محوري رئيسي، وتفعيل اليات اقليمية ودولية لتوحيد الوجهة ودعم الجهود، وبالأخص تلك التابعة للمراقبة ومنظومة القانون الدولي العام، غير أن المبعوث الأممي الأسبق غسان سلامة ينظر بشكل مغاير بعد ترك مهامه واستقالته، فقد ذهب بعيداً عن كل تفاؤل بإنتقاده المباشر لمنظمة الأمم المتحدة، واصفاً  بأنها أصبحت في واقع سيئ وفقدت دورها الحقيقي في صنع السلام والأمن. وتظل ليبيا مرتهنة بظروف خارجية وداخلية وفي انتظار البدائل لإيجاد الطريق.


التوصيات

المحور الأول، تفعيل اليات الإختيار من ذوي الكفاءات والخبرات الوطنية لتشكيل حكومة شاملة، واعادة هيكلة المجلس الرئاسي وفق مخرجات برلين والتأسيس عليه، وما نصت عليه المادة (25).

المحور الثاني، دعم التوافقات المحلية والإقليمية، والتنسيق مع دول الطوق والجوار بالمحيط العربي والإفريقي، وتفعيل دور الإتحاد الإفريقي، وفق ما نصت عليه المادة (6).

المحور الثالث، الرصد والتتبع للإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وما في شاكلتها، ومن ثم إحالتها الي المحاكم ذات الصلة بالتنسيق مع لجان المتابعة وفق ما نصت عليه المادة (47).

المحور الرابع، إحالة الإتفاقيات غير القانونية (العسكرية والأمنية) والمتممة بترسيم الحدود البحرية بين كل من تركيا والوفاق الليبي لمحكم العدل الدولية  عبر لجان المتابعة. 

المحور الخامس، في حالة فشل المحاور السالفة، تفرض مجريات الأحداث، على الأطراف الليبية المتنازعة، وضع خطط بديلة ورسم استراتيجية توافقية، في ظل مجتمع دولي مترقب ولن ينتظر طويلاً، وذلك لعرقلة توغل أممي قادم، او تفويض مزعوم، او صراع اوروبي محموم، قد ينتهي أحيانا بإعادة التدخل العسكري ومنح الفرصة الناعمة للتدخل الخشن أو الإنحراف و الإنعطاف نحو حرب أهلية طويلة المدي، أو البقاء في مرحلة الجمود والمراوحة. 




المراجع:

  • بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، خلاصات مؤتمر برلين، ملحق ببيان برلين. الرابط: unsmil.unmissions.org
  • مخرجات مؤتمر برلين..فرص النجاح والتحديات المستقبلية، مصطفي صلاح، المركز العربي للبحوث والدراسات، 26/1/2020، الرابط: http://www.acrseg.org/41475
  • مؤتمر برلين حول ليبيا، خلاصات المؤتمر. 
  • الصراع في ليبيا، أهم مخرجات مؤتمر برلين بشأن ليبيا، مركز الجزيرة للدراسات. الرابط: http://mubasher.aljazeera.net/news
  • 3 مسارات و 6 بنود و 12 دولة مشاركة، ماذا نعرف عن مؤتمر برلين، رنا أسامة. الرابط: https://bit.ly/38uEvzb
  • مقال تحت عنوان "هل يكون مؤتمر برلين بداية لتسوية النزاع الليبي"، الرابط: https://www.bbc.com/arabic/interactivity-51169032
  • التنازع حول اولويات وقف النار أو نزع سلاح المليشيات يعيق التقدم، تشاؤم ليبي حول مخرجات برلين، القبس،19/1/2020. الرابط: https://bit.ly/2RdvuVo
  • ار تي (RT) بيان مؤتمر برلين الختامي حول ليبيا، جيش موحد، ووقف إطلاق النار، ودعم حظر السلاح. 
  • البعثة الأممية، إنطلاق إجتماع اللجنة العسكرية 5+5 في جينيف، 3/2/2020. 
  • مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا وامكانية تنفيذها على الارض ...مكافحة الإرهاب والإستخبارات، المركز الأوروبي للدراسات  ECC، الرابط: https://natourcenters.com
  • مقال تحت عنوان "الطريق الي باليرمو...تفاؤل وترقب"، منبر ليبيا، جريدة المغرب الأولي  د.محسن ونيس القذافي، 9/11/ 2018. الرابط: https://www.minbarlibya.org/?p=12447
  • الجيش الليبي علي أسوار طرابلس والصراخ علي أسوار برلين، د.محسن ونيس القذافي، بوابة أفريقيا الإخبارية، 10/12/2019. الرابط  https://www.afrigatenews.net/o/2023
  • 55 بندا يرسمون مستقبل ليبيا.. نص البيان الختامي لمؤتمر برلين، www.aa.com.tr