مازالت الأوضاع تراوح مكانها في العاصمة الليبية في ظل تواصل العمليات العسكرية منذ أكثر من الشهر بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق،وذلك في إطار معركة "طوفان الكرامة"، التي أطلقها الجيش بهدف فرض تحرير العاصمة وطرد الميليشيات.
وتشهد مختلف محاور جبهات القتال في تخوم العاصمة طرابلس اشتباكات عنيفة بالاسلحة الثقيلة والمتوسطة مع استمرار تقدم للجيش الليبي،حيث أكدت مصادر من شعبة الإعلام الحربي التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية، أن قوات الجيش تمكنت من فرض السيطرة التامة على منطقة السبيعة، وتأمينها إلى جانب مطار طرابلس العالمي.
وقال الإعلام الحربي، إن طلائع القوات المسلحة، تقوم بعمليات نوعيه وتتقدم في شارع الخلاطات، في ظل تراجع وتقهقر المجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، مؤكدا تكبدها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
وكثف الجيش الليبي خلال اليومين الماضيين من عملياته لدك معاقل المليشيات المسلحة.وقال إعلام القيادة العامة للجيش الوطني أمس، إن قوات المدفعية التابعة لقوات (اللواء التاسع) تستعد للتحرك من مدينة ترهونة، القريبة من العاصمة، إلى محاور القتال، مضيفا أنه "يتم مسح شامل للعدو، ونطالب المواطنين بالابتعاد عن مواقع الاشتباكات". لافتا إلى أن الطيران العمودي التابع لسلاح الجو استهدف مواقع ما سماها بـ"الحشد الميليشياوي في محور العزيزية".
وفي المقابل،تعرضت مدينتا قصر بن غشير وتاجوراء، لقصف عشوائي من قبل قوات الوفاق، أوقع عددا من القتلى والمصابين.وبثت "شعبة الإعلام الحربي" التابعة للـ "جيش الوطني الليبي"،مقطع فيديو وثق دمارا خلفه الطيران التابع لحكومة الوفاق في منطقة قصر بن غشير.وأوضحت أن "طيران الوفاق ارتكب أفظع الجرائم دون أي مراعاة للإنسانية ولقوانين حقوق الإنسان، حيث هدمت البيوت على رؤوس ساكنيها".
وحملت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا في بيان "جميع أطراف النزاع المسلح بمناطق غرب وجنوب غربي طرابلس المسؤولية القانونية الكاملة إزاء هذه الجريمة البشعة، التي استهدفت الأبرياء والمدنيين بمدينتين"، مؤكدة أن "هذه الجريمة ترقى إلى مصاف جرائم الحرب، وتعد انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، واستهدافا مباشرا للمدنيين".
وأرجع عز الدين عقيل، رئيس حزب الائتلاف الجمهوري الليبي،أسباب قصف المناطق المدنية إلى أنه "يعكس حقيقة حالة اليأس التي بلغتها الميليشيات المسلحة، وخاصة التابعة منها لمدينة مصراتة"، مبرزا "أنها تدرك أن العمليات العسكرية ستنقل إلى مدينتهم عندما تنتهي في طرابلس.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط"عن عقيل قوله، أن "تجفيف جانب استراتيجي مهم من ذخائر الميليشيات، وتدمير معسكراتهم وآلياتهم الحربية، وتصفية كثير من قياداتهم الرئيسيين، وموت وفرار أعداد كبيرة من الشبان، كل ذلك خلق أجواء صعبة عليهم".
ورأى عقيل أنه "أمام كل هذه الهزائم،التي مُنيت بها قوات السراج، لم تجد الميليشيات أمامها غير إراقة دماء المدنيين، كورقة ضغط على المجتمع الدولي لدفعه لاتخاذ موقف أكثر شدة تجاه إيقاف الحرب في العاصمة".
واتهم المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، حكومة الوفاق بالتورط في نقل إرهابيين إلى البلاد، مشيراً إلى أن ظهور تنظيمي "داعش" و"القاعدة" على تخوم العاصمة طرابلس دليل على ذلك.وقال المسماري، الأربعاء، إن "الجيش الوطني يواصل معاركه في طرابلس بمساعدة القوات الجوية التي تدك معاقل الجماعات الإرهابية".
وبدورها أدانت غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش في بيان لها:"الدعم الإخواني التركي للجماعات الإرهابية في طرابلس"، مشيرة إلى وجود عدد من الإرهابيين المنتمين لتنظيم "داعش" على الأراضي الليبية للقتال إلى جانب القوات التابعة للوفاق، في ظل فتح المنافذ الخاضعة لسيطرة الإخوان والمجاميع التابعة لها، مع احتمال وجود زعيم هذا التنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي في ليبيا أيضاً.
وقال العقيد محمد عثمان، الضابط بالغرفة في المنطقة الغربية،إن قتال قوات الجيش الوطني هو للقضاء على المجاميع الإرهابية التي تمثل صنيعة تنظيم الإخوان التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وهو الأمر الذي يجعل هذه العملية مقدسة وواجب أصيل لكي تنعم ليبيا بسيادتها ويعيش شعبها في أمن وأمان، في ظل دولة القانون والمؤسسات الحقيقية التي يرغب بوجودها كل مواطن شريف.
وكانت غرفة عمليات صبراتة التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي،أعلنت الثلاثاء، مقتل الإرهابي صفوان عبد الحميد جابر، أحد أبرز عناصر "داعش" المطلوبين في ليبيا، خلال قصف جوي استهدف مقر كتيبة الفاروق، بمدينة الزاوية غرب طرابلس.
ويعد جابر (26 سنة)، أحد أهم وأخطر عناصر "داعش" المدربة على القتال وواحدا من أبرز المطلوبين لدى النائب العام، بتهمة انضمامه للتنظيم وارتكاب جرائم قتل، وذلك منذ فراره عام 2016، بعد مشاركته في ذبح 11 شرطياً وقتل 6 آخرين داخل مديرية أمن صبراتة.وجاءت تصفية هذا الإرهابي الخطير لتكشف عن وجود علاقة مباشرة بين "داعش" والميليشيات المسلحة، وتعاون واضح بينهما.
على صعيد آخر،تتواصل الجهود الدولية في محاولة لايقاف الحرب الدائرة في العاصمة الليبية،حيث التقى رئيس الوزراء الايطالي، جوزيبي كونتي،الخميس، مع القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر في العاصمة الإيطالية روما.وأكد كونتي، قلقه تجاه تطورات الأوضاع الذي تعيشها ليبيا في الوقت الراهن.
وكان كونتي قد أعلن الأسبوع الماضي أنه يرغب في لقاء حفتر بعد استقباله رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، في 7 مايو (أيار) في روما.وقال كونتي بعد المحادثات مع المشير حفتر:"كان لقاء مطولا وتبادلا مطولا للمعلومات، وعبّرت له عن موقف الحكومة. نريد وقفا لإطلاق النار ونعتبر أن الحل السياسي هو الحل الوحيد".
من جهة أخرى،أعلنت الرئاسة الفرنسية، الخميس، أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيجتمع مع قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، في باريس، الأسبوع المقبل،حسث سيناقش الطرفان الوضع في ليبيا وشروط العودة للحوار السياسي عقب زيارة السراج، وبالتنسيق مع الأمم المتحدة والشركاء. وفق ما نقلت "رويترز".
وحسب بيانات وتقارير متطابقة، ينتظر أن تتطرّق زيارة حفتر إلى باريس، "إلى مسألة وقف إطلاق النار، وشروط الجيش الوطني الليبي لوقف المعارك في محيط طرابلس، ومنها خاصة إنهاء ظاهرة الميليشيات المسلّحة".
وأكدت إيطاليا وفرنسا مطلع الأسبوع الجاري، في بيان مشترك، "أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار" في ليبيا، ودعتا إلى "استئناف الحوار ضمن العملية التي تجري في إطار قيادة الأمم المتحدة، بهدف السماح للمواطنين الليبيين بتقرير مستقبلهم من خلال انتخابات ديمقراطية".
كما أعلن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، الاثنين الماضي، خلال لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، في العاصمة البلجيكية بروكسل، أن الاتحاد الأوروبي سيعمل على إيجاد صيغة لوقف إطلاق النار في العاصمة الليبية، طرابلس،وأكّد تاسك، أن ليبيا هي شريك إستراتيجي للاتحاد الأوروبي، وأنّ استقرارها يمثّل أمرًا حاسمًا لأمن المنطقة في جنوب البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الساحل.
ومنذ الرابع من أبريل/نيسان، تشن قوات الجيش الليبي هجوما على طرابلس، بهدف تطهيرها من الميليشيات المتطرفة والمسلحين المتحالفين معها.وطفت على السطح تدخلات تركية بهدف دعم المليشيات المسلحة مما أثار مخاوف من تحويل ليبيا الى ملاذ جديد للعناصر الارهابية القادمة من سوريا عبر تركيا التي تعتبر بحسب المراقبين بوابة الفوضى في المنطقة.