قال خبراء مصريون، إن هناك “مواجهة بين مصالح استراتيجية وتوترات مؤقتة”، وراء 3 قرارات وإعلانات منفردة من الجانب الروسي تجاه مصر، منذ سقوط الطائرة الروسية نهاية الشهر الماضي، في مقابل اتصالات رفيعة المستوى متواصلة من الجانب المصري مع المسؤولين الروس.

والجمعة قبل الماضية، أصدرت روسيا قرارا بإجلاء السياح الروس من شرم الشيخ المصرية، ثم قرارا ثانيا نهاية الأسبوع الماضي، بحظر الطيران المصري على أراضيها، ثم إعلان أمس بأن “قنبلة” كانت السبب في سقوط الطائرة الروسية التي أودت بحياة 224 راكبا بينهما 7 من طاقها الفني.

وأجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اتصالا هاتفيا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقب القرار الأول، تلاه اتصالات على مستوى وزيري الخارجية في البلدين، التي وصفت علاقاتهما وفق تصريحات روسية منتصف العام بأنها “تاريخية” في عهد النظام المصري الحالي.

سيد صادق أستاذ الاجتماع السياسي، يرى في تصريحات أن “المصالح الاستراتيجية بين مصر وروسيا ستغلب التوترات المؤقتة بينهما عقب حادث سقوط الطائرة الروسية.

المصالح الروسية المصرية الاستراتيجية، وفق “صادق”، تتمثل في “الموقف الروسي المصري المتقارب للغاية في الأزمة السورية خاصة بعد دعم مصر لروسيا لتدخلها العسكري الأخير، والتعاون العسكري والتجاري، ومشروع الضبعة النووي المصري (غربي البلاد) والسياحة الروسية (تقدر بالآلاف) ومكافحة الإرهاب في المنطقة، فضلا على أن مصر في حاجة لروسيا في ظل علاقاتها المتباعدة قليلا مع أمريكا.

وفسر “صادق” استمرار روسيا في الخروج بقرارات مستمرة من جانب واحد بشأن حادث الطائرة الروسية بأنها “مخاطبة من بوتين إلى المجتمع الروسي الذي سقطت له ضحايا في مصر، وهي مخاطبة لا تلتفت للإحراج للنظام المصري.

وأوضح أن الصمت الذي يؤخر معظم ردود الفعل المصرية في الحادث مرده “حسابات أمنية بحتة، كان وراءها اجتماع مجلس للأمن القومي أمس الإثنين (أول أمس)، للمرة الأولى منذ تأسيسه برئاسة السيسي.

يتفق مع هذا الطرح “مصطفي كامل السيد” أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قائلا :” أعتقد أنها أزمة عابرة في العلاقات المصرية الروسية”، مشيرا إلى أن ” العلاقات يحكمها مصالح مؤكدة اقتصادية وسياسية ودبلوماسية “.

واشترط “السيد” لانتهاء الأزمة العابرة في العلاقات المصرية الروسية، بـ” اتخاذ مصر الاجراءات الضرورية لضمان أمن وسلامة السفر إليها بصفة عامة وليس السياح فقط”.

“عدم الرضا عن الأداء المصري في مرحلة سابقة”، تفسير يضيفه الأكاديمي المصري، للقرارات الروسية المتعلقة بحادث الطائرة المنكوبة، بجانب ”مخاطبة الرأي العام الروسي”.

أما “يسري عزباوي” الخبير بوحدة الرأي العام في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية التابع لصحيفة الأهرام (حكومية)، يرى أن “التوتر بين البلدين سيخيم لفترة على العلاقات بينهما على المستوى الاقتصادي والعسكري والسياسي، وربما يرجئ اتفاقيات مثل محطة الضبعة النووية”.

ووصف “عزباوي إن هذا التوتر “أمر طبيعي ربما يستمر حتى انتهاء التحقيقات في حادث طائرة أودت بحياة 224 راكبا بينهم 7 من الطاقم الفني”.

ولم تعلن مصر موعدا رسميا لانتهاء التحقيقات في حادث الطائرة الروسية التي بدأت فور الحادث نهاية الشهر الماضي، غير أن “السيسي” في خطاب للمصريين مؤخرا قال إنه يمكن أن تستغرق شهورا.

وأضاف “عزباوي” قائلا مصر بحاجة أكبر لروسيا وكذلك هي، وكلا النظامين من مصلحتهما إقامة علاقات إيجابية، مشيرا إلى أن الملف السوري أكبر ما يجمع الجانبين المصري والسوري.

وكانت روسيا قد أعلنت أمس، للمرة الأولى، أن “قنبلة زرعت في طائرة الركاب الروسية”، وفي رد على ذلك قال رئيس الوزراء المصري “شريف إسماعيل”، أمس أيضا “سنأخذ بعين الاعتبار ما توصل إليه الجانب الروسي بشأن تحقيقات الطائرة المنكوبة”، مشيرا إلى أن” العلاقات المصرية الروسية لم تتأثر من الحادث وهناك تعاون على كافة الأصعدة.

فيما لم تصدر توضيحات من الجانب الروسي، حول مستقبل العلاقات المصرية الروسية، قال بيان حكومي مصري إن وزير الخارجية المصري “سامح شكري” أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي “سيرجى لافروف”، تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتكثيف التعاون المشترك بما يحقق مصالح البلدين، ويرقى إلى تطلعات الشعبين المصري والروسي وتنسيق الجهود بين مصر وروسيا في مجال مكافحة الإرهاب.

وكانت تحذيرات السفر، لعدد من المدن المصرية، الصادرة عن دول غربية وشرقية، عقب الحادث أدت إلى انخفاض حركة السياحة الوافدة إليها، وتراجع إيراداتها السياحية من العملات الصعبة، بعد إلغاء آلاف الحجوزات، مما دفع مصر إلى اتخاذ إجراءات مشددة لتأمين المطارات والاتجاه للتعاقد مع شركة علاقات عامة دولية لتغيير الصورة الذهنية السلبية عن السياحة المصرية.

وكانت الطائرة الروسية “إيرباص321″ سقطت، نهاية أكتوبر/تشرين أول الماضي، قرب مدينة العريش شمال شرقي مصر، وعلى متنها 217 راكبًا معظمهم من الروس، إضافة إلى 7 يشكلون طاقمها الفني، لقوا مصرعهم جميعًا.