أصبح رئيس وزراء ليبيا السابق، الدكتور محمود جبريل، أول قائد بارز في "ثورة ربيعها" يدعو لخروج الحكومة الجديدة المدعومة من الغرب، معتبرا أن "فرص نجاحها ضئيلة جدا". هذا الفشل الواضح لم يحدث بسبب غياب الدعم، الذي تدفق من لندن وواشنطن في محاولة لتسهيل وقوف حكومة الوفاق الوطني على قدميها. كما أوضح أنه كان من المؤمل عبر هذا الدعم، الوصول لحل لمشكلتي "داعش" والهجرة الجماعية. لكن الدكتور جبريل، الذي ساعد في قيادة البلاد خلال الانتفاضة العنيفة ضد معمر القذافي، يقول إن القوى الأجنبية أخطأت بتنصيب نظام غير منتخب ومن دون الدعم الشعبي.

متحدثا إلينا في الأسبوع الماضي ، قال جبريل: "إن شرعية أي نظام أو حكومة ينبغي أن تقوم على دعم شعبها، وليس دعم الأجانب فقط. وهذا يُظهِر، فجوة كبيرة بين ما يريده الليبيون وما تخطط له القوى الأجنبية". وبدلا من توحيد البلاد، حذر من أن حكومة الوفاق قد تؤدي إلى تقسيم البلاد، خاصة بعد إصدار البنك المركزي للحكومة الشرقية المتنافسة بالفعل عملتها الخاصة بها.

بعد شهرين من وصوله إلى العاصمة، مازال مجلس رئاسة حكومة الوفاق المكون من سبعة أعضاء - عضوان غادرا بالفعل - عالقا في قاعدة بحرية في طرابلس، في حين تخضع المدينة نفسها إلى حد كبير لسيطرة ميليشيات يقودها إسلاميو فجر ليبيا. الحرب الأهلية بين فجر ليبيا والجيش بقيادة الجنرال خليفة حفتر تستعر أكثر من ذي قبل، وازدادت تعقيدا بسبب ما أصبح معركة ثلاثية مع "داعش" على حقول النفط الرئيسية في سرت. وفي الوقت نفسه تتناسل عصابات تهريب المهاجرين، بل و تزدهر، مع 13،000 مهاجرا - وهو رقم قياسي جديد – تم التقاطهم من البحر الأبيض المتوسط الأسبوع الماضي، بعد أن حلت ليبيا محل تركيا كطريق هجرة غير شرعية رئيسي إلى أوروبا.

بالنسبة للدكتور جبريل، فإن فشل الحكومة الجديدة بدأ مع قرار الغرب انتقاء "المطيعين"، بدلا من الحديث إلى اللاعبين الرئيسيين. وقال متحدثا لشبكة CNN هذا الأسبوع: "إن اللاعبين الحقيقيين ، والفاعلين الحقيقيين على الأرض بدءا من قادة الميليشيات والزعماء السياسيين، وزعماء القبائل لم تتم دعوتهم. كانت لدينا حكومة واحدة ثم حكومتين، وقد انتهى الأمر بنا إلى ثلاث حكومات".

دبلوماسيون يميلون إلى إلقاء اللوم على الجنرال خليفة حفتر، قائد الجيش ، وتحميله مسؤولية هذه الفوضى. ويقولون ، إذا أفسح الطريق لحكومة الوحدة الوطنية، فإن كل شيء سيكون جيدا. والحقيقة هي أن معركة حفتر ،"عملية الكرامة" على مدى سنتين، ضد الميليشيات الإسلامية في بنغازي جعلت منه بطلا قوميا في أجزاء كثيرة من ليبيا. وجيشه المنضبط نسبيا هو التشكيل الأكثر نفوذا في البلاد، وتعزز دعمه بعد قرار حكومة الوفاق بقيادة رئيس الوزراء فايز السراج الانحياز إلى جانب ميليشيات فجر ليبيا في طرابلس.

ويضع كل هذا لندن وواشنطن في مأزق. حكومة الوفاق كانت "فكرتهم العظيمة". لكن فشلها في معالجة مشكلتي "داعش" أو الهجرة، فضلا عن تفاقم الحرب الأهلية في البلاد، يطرحان علامات استفهام حول إنشائها أصلا.