علي الشورابي قاض تونسي من الدرجة الثالثة وهي أعلى مراتب القضاء أعلن  مؤخرا ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة ، معتبرا نفسه الرجل المناسب في المكان المناسب حسب ما جاء على لسانه. في حواره مع "بوابة افريقيا الإخبارية" تطرق محدثنا إلى حيثيات وأسباب إعلانه الترشح لمنصب رئيس تونس. وأكد أن النظام الجمهوري وهيبة الدولة يشهدان حالة انهيار شامل خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد منذ أحداث 14 يناير 2011 مقدما في الوقت نفسه  وعودا للتونسيين بدعم استقلالية السلطة القضائية وتعزيز مكاسب المرأة حسب تعبيره.

القاضي علي الشورابي شدد كذلك على أن ترشيح مهدي جمعة كرئيس توافقي للبلاد مخالف للدستور ، مؤكدا أن تنصيب رئيس الجمهورية المقبل يجب أن يتم عبر الانتخابات وأن تونس في حاجة إلى رئيس وطني يخدم الدولة التونسية لا الأجندات الخارجية وقادر  على تجميع كل التونسيين على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والسياسية ، إضافة إلى قضايا أخرى من وحي المرحلة كملف الإرهاب وتهريب السلاح وغيرها.

وفي ما يلي نص الحوار.

* ما أسباب قراركم بالترشح للانتخابات الرئاسية؟

الترشح لمنصب الرئاسة حق لكل تونسي قادر على القيام بهذه الوظيفة لإصلاح ما أصاب النظام الجمهوري من اختلال وما مس هيبة الدولة من ضعف. القاضي العارف بقوانين البلاد هو الأقدر أكثر من غيره على صون الدستور والنظام الجمهوري وتكريس العدالة بين المواطنين وبين مختلف الجهات.

أعتقد أنه من أوكد احتياجات تونس في هذه المرحلة حماية النظام الجمهوري وضمان الأمن والأمان للتونسيين وكذلك التصدي لكافة المخاطر المتعلقة بالتشدد الديني والفكري والإرهاب. من ناحية أخرى أوكل الدستور التونسي الجديد مهام ديبلوماسية لرئيس الجمهورية لتحديد ملامح العمل الديبلوماسي. و أعتقد أن هذا الأمر يتجسد من خلال مناصرة الحق والعدل من جهة ، ومن خلال حماية مصالح تونس وشعبها والابتعاد عن التأثيرات الأجنبية المشبوهة من جهة أخرى.

* يرى البعض أن المرزوقي هو السبب الرئيسي في كثرة عدد المترشحين اللافت للنظر، بمعنى أن منصب رئيس الجمهورية أصبح مطمح الجميع حتى من أولئك الذين لا تتوفر فيهم الشروط ، ما تعليقكم؟

- سمعت هذا الكلام عديد المرات. لكني أجيب بأن الترشح للرئاسة حق لكل تونسي تتوفر فيه الشروط ويأنس في نفسه الكفاءة للاضطلاع بهذه المهمة. ثم أن الباب مفتوح الآن أمام كفاءات تونس من الشباب والكهول والنساء للترشح لمنصب الرئيس والشعب في النهاية من يقرر ويختار وهو وحده صاحب القرار.

* هل تعتبرون أنفسكم الأجدر برئاسة تونس؟

- في فترة اتسمت بهوان الدولة وهوان النظام الجمهوري وانتشار الجريمة المنظمة المتمثلة في أعمال العنف والإرهاب وتهريب السلاح وتبييض "جبال الأموال" إضافة إلى الانفلات والتسيب في كل المجالات ، أكاد أجزم أن القاضي الذي لديه الخبرة هو رجل الدولة المناسب ومن  باستطاعته القيام بما هو ضروري لإعادة الاعتبار لهيبة الدولة والنظام الجمهوري وإصلاح  كل ما انهار طوال هذه الفترة الانتقالية التي مرت بها البلاد.

*تقصدون انهيار مؤسسة الرئاسة؟

- رئيس الدولة يجب أن يكون ممثلا لكل التونسيين وممثلا لتونس بحضارتها وتمدنها وما تختزنه من خبرة دولية في العمل المؤسساتي والتقدم. ولذلك يجب أن يرى التونسيون في رئيسهم صورة رائعة لبلدهم. كذلك رئيس الدولة يجب أن يكون على قدر كبير من الجدية والثبات مما يؤهله لتسيير دواليب الدولة في حدود الاختصاصات الموكولة إليه على غرار ترؤس المجلس الأعلى للأمن القومي والقوات المسلحة ، فضلا عن إيجابيات أو مخاطر العلاقات الديبلوماسية مع الدول الصديقة والشقيقة وهنا بالذات يتوجب على رئيس الدولة خدمة الدولة التونسية لا خدمة الأجندات الخارجية.

* كم هو عدد التزكيات التي تحصلتم عليها للترشح لمنصب الرئاسة؟

- نشارف على جمع الأصوات المطلوبة في أكثر من 10 دوائر بتضافر جهود الأصدقاء والجمعيات المستقلة وأبناء الشعب الراغبين في التجديد والقطع مع المنظومة القديمة.

* وما حجم تمثيليتكم بمسقط رأسكم القيروان وسط البلاد؟

- أنا أصيل جهة الوسط وتلقيت تفويضا ورسالة إيجابية من أبناء جهتي. إلى حد اللحظة لدي أكثر من 4 آلاف تزكية ومن الممكن أن تبلغ 5 آلاف تزكية خلال أيام وقبل تاريخي تقديم ترشحي.

*متى تعلنون رسميا عن ترشحكم؟

- بعد استيفاء جميع الشروط القانونية سنعلن عن ترشحنا. وكما تعلمين تم تحديد 22 سبتمبر كآخر أجل لتقديم الترشحات ونحن سنتولى تقديم ترشحنا قبل ذلك.

* وكيف تقيمون الشروط التي أقرها القانون الانتخابي خصوصا تلك المتعلقة بـ "التزكية" والتي أثارت امتعاض البعض؟

- أعتقد أن التزكيات الشعبية تمنح صبغة الترشح. ولكن المفارقة تكمن في كون هذه التزكيات محمولة على المستقلين ورؤساء الأحزاب غير الممثلة بعدد وافر في المجلس الوطني التأسيسي. أما الأحزاب التي فازت في انتخابات أكتوبر 2011 فقد تم إعفاء قادتها من هذا الشرط وهذا الأمر غير مشروع. هذا الشرط كان يجب أن يسري على الجميع وكان من المتجه عدم اشتراط توزيع الأصوات على 10 دوائر انتخابية لأنه كان بالإمكان الإكتفاء بأقل عدد من الدوائر.

* النهضة قد ترشح مهدي جمعة رئيسا توافقيا للبلاد، ما تعليقكم؟ وهل يستقيم هذا الترشيح من الناحية الدستورية والقانونية؟

- الدستور نص على ضرورة الرجوع إلى الشعب. كما أن التوافق لا يتم إلا في الفترات الانتقالية ، ونحن نوشك على تجاوز هذه المرحلة. من الناحية القانونية لا يمكن التوافق على رئيس للبلاد ولا بد من إجراء الانتخابات.

بالمقابل أعتقد أن نجاح قاض في الانتخابات الرئاسية يمكن أن يكون محل توافق بين مختلف مكونات الطيف السياسي لأن هذا القاضي رجل دولة محايد ويسعى إلى تكريس العدل بين التونسيين بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية و السياسية.

* هل ترون أن ترشيح جمعة مجرد مناورة سياسية من النهضة كما يؤكد البعض؟

- حركة النهضة لم تقدم إلى حد الآن مرشحا عنها ومن الوارد أنها تبحث عن شخص توافقي لا يكن لها العداء. ولكن أعتقد جازما أنه بإمكان النهضة وغيرها من الأحزاب التي لم ترشح أحدا للرئاسة دعم ومساندة أحد المترشحين.

* وكيف تنظرون إلى إعلان نساء تونسيات ترشحهن لمنصب رئيس الجمهورية؟

- بعد عقود من الاستقلال ومن صدور مجلة الأحوال الشخصية ، أصبح من حق وواجب المرأة التونسية التطلع والترشح لكل المواقع السياسية بما في ذلك رئاسة الجمهورية. وأنا شخصيا أتعهد ، في حال تم اختياري كرئيس للبلاد بصون مكاسب المرأة ومزيد دعمها.  

 * اتهامات عديدة للقضاء التونسي بخضوعه للتعليمات وعدم الاستقلالية، بماذا تردون؟

- الحكومة الحالية هي حكومة "تكنوقراط" في مجملها من رئيس الحكومة إلى وزير العدل. والثابت أنه في هذه الفترة تقلصت الضغوطات الممارسة ضد القضاء بصفة كبيرة.

* وماذا عن الضغوطات الممارسة على السلطة القضائية في عهد الترويكا؟

- لا إجابة.

*وما حقيقة تورط بعض الأجهزة القضائية وبعض القضاة في دعم الإرهاب كما أفادت بعض الجهات؟

-كلام غير صحيح ومردود على أصحابه.                                              

*هل ستدعمون استقلالية القضاء في حال أصبحتم الرئيس؟

- بالطبع. فأنا بالأساس أنتمي للأسرة القضائية منذ أكثر من ربع قرن. وأنا أدرى أكثر من غيري بحاجيات القضاة و ما يجب توفيره لهم من إمكانيات مادية وقوانين تضمن استقلاليتهم, فضلا عما هو متوفر لديهم من استعداد وممارسة.