تشهد الجبهة الغربية من جبهات القاعدة هدوء غير مسبوق خلال الأشهر الاخيرة، وتوارت من عناوين الاخبار اسماء شكلت خلال العام الماضي أحد آهم العناوين الرئيسية في نشرات الاخبار وبرقيات وكالات الانباء، مثل القاعدة في بلاد المغرب وكتيبة الموقعون بالدماء، وجماعة المرابطون، ولم تعد ترد من هناك الا أنباء متقطعة عن مقتل مسلحين من الجماعات المتطرفة في عمليات للقوات الفرنسية شمال مالي فما الذي يحدث هناك؟

ضربة غير قاضية
لم تكن الضربة التي نفذتها القوات الفرنسية وبعض القوات الافريقية في مالي مطلع العام الماضي سوى ضربة موهنة للقاعدة في بلاد المغرب، ولكنها لم تكن قاضية، صحيح أنها شتت شمل التنظيم الذي ظن لبضعة أسابيع أنه قادر على تأسيس إمارة للقاعدة في منطقة الساحل على غرار إمارة طالبان في افغانستان ولكن ذلك التشتيت وربما تأخير المشروع لم يسهم في القضاء نهائيا على التنظيم الذي يتخذ من الصحراء الشاسعة مقرا له.
وتبين أن الضربة الفرنسية أحدثت تشققا في الصفوف الاولى للتنظيم وخسر فيها عددا من رجاله الاوائل كما خسر تعاطف عدد كبير من السكان المحليين بفعل بعض الممارسات الشاذة التي قام بها محسوبون عليه أو موالون له خلال الاسابيع التي تولى فيها إدارة شؤون الناس.
غير ان بروز تنظيمات وليدة تنامت قدرتها بعد الحرب القصيرة، واستفادت من تجارب التنظيم السابقة، كما انها تشكلت حسب الولاء للقادة الميدانيين، مثل تنظيم المرابطين وجماعة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا ينذر بالتخطيط لعمليات، قد تكون اكثر دموية من سابقاتها.

الهدف المقبل
تحرص التنظيمات المتطرفة عادة على العمل في الظلام ويصعب التنبؤ بهدفها المقبل، وتعتمد دائما على سياسة الضربات السريعة والموجعة ثم الاختفاء، لذلك جاءت آخر ضربة قوية للقاعدة في بلاد المغرب خلال استهدافها العام الماضي لمجمع عين أمناس النفطي جنوب الجزائر وهي الضربة التي كانت ناجحة في التخطيط ولكنها كانت فاشلة فشلا ذريعا في التنفيذ حيث قتل أغلب المنفذين قلة منهم بالفرار.
ولكن الاستخبارات الفرنسية والاميريكية التي كثفت من تنسيق جهودها بعد هذه العملية تتوقع ان يكون الهدف المقبل مصالح غربية في شمال ووسط افريقيا، جاء ذلك في تحذير صدر الاسبوع الماضي من الطرفين يفيد أن التنظيم المتطرف قد يشن هجمات من خلال بعض فروعه وخاصة تنظيم المربطون الذي يتزعمه مختار بلمختار المسؤول عن أغلب العمليات الدموية التي نفذها التنظيم في دول الساحل الافريقي خلال السنوات العشر الاخيرة.
ويعتقد على نطاق واسع أن مصالح غربية وحتى عربية قد تكون الهدف المقبل مثل شركات التنقيب الفرنسية في الشمال الموريتاني والشركات النفطية في النيجير وليبيا فضلا عن السياح الغربيين في تونس والسينغال وحتي نيجيريا.
وتبقى ليبيا وموريتانيا وتونس أكثر الدول عرضة للهجمة المقبلة، بسبب الفلتان الامني والاضطراب السياسي في الاوليين وضعف البنية الامنية واتساع الرقعة الارضية بالنسبة للاخيرة