تناول الكاتب البريطاني ستيفين جلوفر، الوضع في العراق وليبيا .. معتبرا أن بقاء صدام والقذافي كان سيعفي العراق وليبيا من الوضع المأساوي الذي آل إليه وكان سيحمي آلاف الأرواح وسيحافظ على استقرار المنطقة على حد قوله .. وذلك بدلا من تدخل الغرب لإفساد الأمر في كلا الدولتين.

وقال الكاتب البريطاني - في مقال له أوردته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية على موقعها الإلكتروني - "إنني أخشى الحقيقة المرة التي تقول إن العراق وليبيا كانا أفضل حالا تحت حكم الطاغيتين اللذين أطاح بهما الغرب المتغطرس ".

وأضاف "إن الأحداث المأساوية في غزة وأوكرانيا قد تهيمن على الأخبار، ولكن أكثر الأشياء فظاعة تحدث في ليبيا والعراق.. وأنه في كلتا الحالتين فإن السياسة الخارجية الغربية غير المدروسة هي في الواقع ما يتحمل كامل اللوم على الوضع الحالي هناك".

وأشار إلى أن العديد من السفارات الغربية في طرابلس أغلقت، بما في ذلك سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، مع فرار الدبلوماسيين من المدينة بأسرع ما يمكنهم، وتركوا الليبيين لمصيرهم.

فيما لا تزال بريطانيا تحتفظ بفريق منخفض من الموظفين بسفارتها هناك.. وفي الوقت نفسه، فإنه في شمال العراق - البلد التي زعم تحررها من صدام حسين في عام 2003 – هناك منظمة سيكوباتية تسمى الدولة الإسلامية (المعروف سابقا باسم "داعش") تعدم الآلاف من المسلمين الشيعة والمسيحيين في الوقت الذي تبدو فيه الحكومة المركزية في بغداد عاجزة عن التدخل.

وأوضح أن القصة التي لم ترو إلى حد كبير من الأقلية المسيحية العراقية المضطهدة تفضح أولئك الزعماء المسيحيين المعلن عنهم، خاصة جورج دبليو بوش وتوني بلير، اللذين كانا مسؤولين عن غزو العراق.. إنه من المثير للغضب أن صدام حسين على الأقل كان يتعامل بتسامح مع المجتمع المسيحي في العراق، والذي كان في وقت من الأوقات قويا بتعداد يبلغ مليونا ونصف المليون نسمة قبل الغزو .. والذي تضاءل في السنوات التي أعقبت الغزو ليصبح 300 ألف مسيحي فقط.

وأضاف أنه في الشهر الماضي، استولت الدولة الإسلامية على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، والذي كان لا يزال يقطنها أقلية مسيحية كبيرة. الدولة الإسلامية أصدرت لهم إنذارا: إما اعتناق الإسلام قبل ظهر يوم 19 يوليو، أو دفع الجزية أو الإعدام.

وأوضح أن حديثه الطويل عن المسيحيين في العراق ليس لأن أرواحهم أهم من المسلمين هناك، ولكن لأن لا أحد من القادة المسيحيين أدخر جهده للتفكير بهم قبل تمزيق النسيج الاجتماعي للبلاد .. مضيفا أنه من المؤكد، مع ذلك، أنه إذا كان صدام حسين البغيض المسلم لا يزال في السلطة، فإن تنظيم الدولة الإسلامية لم يكن يمكنه القيام بأعمال العنف في شمال العراق وأنه لم يكن لتفقد حياة الآلاف من أرواح المسيحيين والشيعة.. وأنه أيضا من المؤكد من أن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم منذ الغزو – والذي يصل إلى 500 ألف شخص، وفقا للدراسات- يفوق بكثير عدد ضحايا صدام حسين خلال فترة بقائه الطويلة في السلطة. ومما لا شك فيه أنه محكوم على آلاف الأبرياء بالقتل.

وتابع أنه يمكن مطابقة نفس الأمر فيما يتعلق بالقضاء على القذافي. ففي ليبيا التي ترأسها لأكثر من 40 عاما، لم تكن هناك فصائل الميليشيات التي تقتل الأبرياء وتدمر منازلهم وسبل معيشتهم .. متسائلا عن أي مكان يمكن لأحد أن يفضل العيش حياة نصف طبيعية – هل في طرابلس القذافي التي في الغالب مسالمة أم في مدينة تعيش في قتال على يد مسلحين بلا شفقة؟

هل سيكون من الأفضل أن تسكن الموصل صدام حسين أم أن تعيش في المدينة التي تحولت الآن إلى ساحة للقتل من قبل الدولة الإسلامية؟

وأشار إلى أنه بالطبع، هذا ليس الخيار الذي كان يدور في خلد رجال الدول الغربية عندما تدخلوا في العراق وليبيا. إنهم يعتقدون حقا أنه عندما تم إزالة الطغاة، فإن حكاما أفضل وأكثر كفاءة سيحلون محلهم.. غير أن مثل هذا الاعتقاد يشكل انتصارا للأمل على الحس السليم.

وفى عام 2011، ارتكب ديفيد كاميرون خطأ مماثلا في الإطاحة بالقوة بالعقيد معمر القذافي، كما انه في العام الماضي، ومرة أخرى في نفس قالب بلير، حاول كاميرون إشراكنا في الحرب السورية إلى جانب المتمردين ضد نظام الرئيس بشار السيئ بلا جدال، وفقا لليوم السابع.

ولحسن الحظ، قد أحبطت عليه من قبل البرلمان. لقد أصبح واضحا بشكل متزايد أن التمرد شيء غير جيد .

وقال "إن قادتنا – قادة الغرب- يفترضون أن الديمقراطية يمكن فرضها بفوهة البندقية. وبطبيعة الحال فإنه لا يمكن أن يكون - كما أثبتت العراق وليبيا، وكما سنرى في أفغانستان ما إن تغادر القوات الأمريكية.. وأنه في يوم ما، ربما يكون هناك ديمقراطية في العراق وليبيا، ولكن لن يكون نتيجة التدخل الغربي ولكن لأن هذا ما يريده الناس وحكامهم في تلك البلاد."

وأضاف " الدرس المستفاد من كوسوفو والعراق وليبيا هو أننا يجب أن نتوقف عن الحكم على العالم من خلال نظرة غير متعمقة "الأخلاقية المبسطة" وفىي كل هذه الحالات لا يوجد 'الأخيار'. ولكن هناك 'الأشرار' الذين هم أسوأ من ذلك -وأكثر خطورة - من العقيد معمر القذافي، وبشار الأسد وصدام حسين".