انتقلت حمى تشييد الأحياء الفوضوية من المواطنين الجزائريين إلى اللاجئين الأفارقة، حيث أقدم كثير منهم، يحملون جنسيات مالية ونيجيرية وسودانية، على التجمع في أحياء في قلب العاصمة، والأغرب من ذلك أنهم طالبوا بالاستفادة من تلك القطع الأرضية أو ترحيلهم إلى سكنات لائقة، على أن لا ينقلوهم إلى الملاجئ أو إلى بلدانهم الأصلية.

في سابقة، قرر اللاجئون الأفارقة استغلال “تساهل السلطات المحلية مع كل ما هو فوضوي” لإقامة أحياء سكنية في قلب العاصمة، فبعد الذي تعرضوا له من تشرد في الولايات الحدودية ثم انتقالهم إلى ولايات الشمال، أقدموا على خطوة أخرى وهي تشييد أحياء فوضوية انطلقت بنصب الخيم.

وقالت صحيفة “الخبر”، إن أكثر من خمسين عائلة استقرت منذ ثلاثة أشهر واستولت على قطعة أرضية تفوق مساحتها الكيلومتر المربع، جاءت من مختلف البلدان الحدودية وحتى من داخل إفريقيا السمراء مثل مالي ونيجيريا والسودان والنيجر، شيدوا خيما وما يشبه الأكواخ بطريقة منتظمة، حيث يظهر جليا أنهم يقيمون فيها يوميا، وحولوا المنطقة إلى حي فوضوي على شاكلة الأحياء الفوضوية التي أنجزها الجزائريون منذ قرابة عشريتين. واتضح أن لهم نفس مطالب سكان الأحياء الفوضوية، وهي الاستفادة من المكان أو الترحيل إلى مناطق لائقة، كما رفضوا رفضا قاطعا نقلهم إلى مراكز الإيواء.

أحد اللاجئين من جنسية سودانية، قال إنهم تنقلوا بصفة غير شرعية فارين من الحرب من منطقة إلى أخرى، حتى وجدوا هذا المكان واستقروا فيه، مؤكدا أنهم يعاملون معاملة حسنة من طرف الجزائريين الذين يساعدونهم. كما أشار آخر إلى أنهم لم يتلقوا أية فحوصات طبية من المصالح المختصة منذ دخولهم أرض الجزائر، وحتى أطفالهم لم يتلقوا أي علاج منذ ذلك الحين.

وأفاد أحدهم: “إننا مجبرون على تحملهم ومساعدتهم باسم الإنسانية، خاصة أنهم يعيشون بعيدا عن أوطانهم”، موضحا بأن “أطفالهم هم أكثر من يكسب عطفنا”، فيما قال آخر إن المصالح الوصية مجبرة على اتخاذ تدابير لإبعادهم عن المنطقة، لأنهم متخوفون من الأمراض التي يمكن أن ينقلوها لهم. ويأتي هذا في وقت قالت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، إنه لا يمكن اللجوء إلى العنف والقوة لحمل المهاجرين الأفارقة على العيش في مراكز الإيواء المتوزعة عبر ولايات الوطن، مؤكدة أن هذا الإجراء من شأنه أن يخدش سمعة الجزائر.

كما احتل لاجئون أفارقة من دول الجوار مساحات أخرى محاذية للطريق الرئيسي ببلدية الدويرة، حيث أن عائلات بأكملها افترشت خيما وأقامت فيها، كما خصصت أماكن للطبخ والغسيل أمام استغراب المواطنين الذين طالبوا بإيجاد حلول لهؤلاء اللاجئين عبر نقلهم إلى ملاجئ محترمة، خاصة أنهم أقاموا في أماكن عمومية. يأتي هذا بعد أن شهدت أغلب البلديات في العاصمة وفي ولايات أخرى نفس الأمر.