لا يزال لغز المكان الذي دفن فيه الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ونجله المعتصم بالله القذافي ووزير الدفاع أبوبكر يونس جابر يثير فضول أغلبية الليبيين وخاصة من أنصار النظام السابق الذين طالما نادوا بتسليمهم رفاة الشخصيت الثلاث ، وإعتبار ذلك شرطا أساسيا من شروط أية مصالحة قد تعرفها البلاد
وكان مصدر بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي أعلن يوم 25 أكتوبر 2011 أن المجلس دفن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في مكان مجهول في الصحراء فجر ذلك اليوم.
ونقل عن الناطق العسكري باسم المجلس العسكري لمصراتة إبراهيم بيت المال أن الجثامين الثلاثة ستدفن في قبور غير معلمة تحسبا لاكتشافها والعبث بها. وقال مسؤول من المجلس المحلي لمصراتة إن "بعض الناس كانوا يريدون دفنه في "مقبرة الغزاة" بالمدينة، في إشارة إلى مكان قرب البحر حيث دفن مئات من مقاتلي الكتائب" بحسب تعبيره.
وأشار المسؤول إلى أن بعض الناس يريدون تسليم جثته إلى قبيلته، "لكن لنا بعض المطالب. كثير من الناس خطفوا وقتلوا بواسطة أشخاص في سرت منذ الثمانينيات. طلبنا منهم إعادة تلك الجثث، ومنذ ذلك الحين لزموا الصمت".
وفي وقت سابق قال مسؤولون في المجلس الانتقالي إن مفاوضات تجري مع ممثلين لقبيلة القذاذفة قدموا من سرت بشأن مكان وكيفية دفن العقيد الراحل وابنه المعتصم. لكنهم أوضحوا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع القبيلة لتسليم الجثمانين اللذين تقرر في نهاية المطاف دفنهما في مكان سري بالصحراء.
وكان رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل أعلن من جهته أنه بصدد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ فتوى رئيس المجلس الأعلى للإفتاء الشيخ الصادق الغرياني بدفن القذافي من قبل أهله فقط.
وليلة 25 أكتوبر ، تم تغسيل جثامين القذافي والمعتصم وجابر من قبل الشيخ خالد تنتوش الذي كان معتقلا في مصراتة ، ومعه نجلا أبوبكر يونس جابر ، ثم تمت الصلاة على الجثامين بإمامة الشيخ المحمد المدني الشويرف الذي كان بدوره أسيرا ، وقال تنتوش أنه لاحظ أنه لاحظ أن الجثث تعرضت الى التشريح لكن دون ظهور علامات تمثيل بها ،
ونقلت وسائل إعلام آنذاك عن مصادر من مصراتة أنه تم إعداد الجثث الثلاث بتكفينها جيدا، وأخذ صور فوتوغرافية لها إضافة إلى حضور ممثل عن المجلس الانتقالي من العاصمة طرابلس وآخر من المجلس المحلي لمصراتة وشخص آخر من جهة أمنية عسكرية بمصراتة.
وأضاف ذات المتحدث أنه تم أخذ العهد من المسؤولين الذين حضروا الجنازة بعدم الكشف عن مكان القذافي، وأقسموا على المصحف والقرآن الكريم بعدم الكشف عن هذا السر، لأنه قد يهدد استقرار ليبيا في حال الكشف عن المكان.
وحسب ذات المسؤول خلال حديثه، فإن ثلاث سيارات رباعية الدفع قامت بالتحرك عند منتصف الليل، إنطلاقا من ثلاجة الخضر والفواكه بسوق التوانسة التي ظلت فيها جثث العقيد معمر القذافي ونجله المعتصم ووزير الدفاع أبو بكر يونس، حيث أخذوا هذه الجثث الثلاث في توابيت مجموعة في سيارة واحدة، وخلال كل الطريق توسطت هذه السيارة السيارتين الأخريين.
وفي الأسبوع الموالي لعملية الدفن ، اقالت مراسلة صحيفة "صنداي تايمز" في مدينة مصراتة ماري كولفين أن "كل من حضر دفن القذافي أقسم على القرآن بعدم كشف مكانه حتى لا يتحول إلى مزار من قبل أنصاره أو حتى لا يُدَنّس من قبل أعدائه"، وكشفت أن أحد القادة الميدانيين فكّر في مرحلة من المراحل بعصب عينيها ونقلها إلى القبر لكنه نكث بوعده. "ربّما في غضون سنة عندما يكون قد تحول إلى عظام".
وخلصت المراسلة بناء على "مؤشرات كافية إلى أنّ القبر يقع في جنوب مصراتة في منطقة صحراوية مزروعة بشجيرات تسمى حمادة التي تمتد على مدى مئات الأمتار المربعة حيث قاتل الثوارُ أنصارَ القذافي".
وروى رئيس حكومة المجلس الإنتقالي محمود جبريل أنه ذهب لرؤية جثة القذافي ولاحظ أنها كانت مصابة برصاصتين واحدة في الرأس وأخرى في الصدر ولم يلاحظ وجود خدوش أو رضوض. و كان على اتصال بالطبيب الذي تولى تشريح الجثة.
وتابع جبريل أنه ذهب إلى المجلس المحلي في مصراتة ،وكان رأيه أن يدفن القذافي في قبر تحت حراسة مشددة. وأنه أعطى مثلاً أن قبر ستالين موجود، لكن أخرين قالوا إن القبر قد يتحول مزاراً لأنصاره ،وقد انتصر رأي الآخرين.
وفي سبتمبر 2016 زعمت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن قادة مصراته أبقوا مكان القبر سرياً، خوفاً من أن ينتهك المقاتلون حرمته، أو أن يجعل مناصرو القذافي من القبر ضريحاً، ويحوّلوه لما يشبه الأماكن المقدسة.
وكشفت الصحيفة أن القذافي دفن بحضور ثمانية رجال فقط، أقسم جميعهم أن يبقوا الأمر سراً.
وأضافت الصحيفة أنه في أكتوبر 2011 قتل «القذافي» وابنه «معتصم» في سرت الليبية، وأحضر مقاتلو مصراته جثتيهما إلى ثكناتهم في مصراته، وقد طالبت الحشود برؤيتهما.
وأشارت إلى أنه في ذلك الوقت أراد المجلس العسكري المحلي للمدينة أن يجري طبيب شرعي فحصاً للجثث للتأكد من هويات القتلى.
والتقت الصحيفة مع «أنور صوان» الذي دفن القذافي حيث أشار بدوره إلى أنه عرض بيت العائلة الخاص به لإجراء الفحوصات، والتي بدورها أكسبت المنزل احتراماً،قائلا :«احترم الناس بيتي، ولم يكن يجرؤ أحد على اختراق حرمة بيت شخص آخر»، وفي اليوم التالي تم نقل الجثث إلى سوق محلية، حيث تم عرضها في خزانة تبريد لمدة ثلاثة أيام.
وأوضحت الصحيفة أن "الليلة الأولى للجثتين كانت في بيت «أنور»، ما منح المنزل شرفاً ثورياً عظيماً في ليبيا، فيما تحوّل هذا المنزل الآن الى محطة لشحن الأسلحة التي تخدم الميلشيات في ليبيا"
وقال التقرير، الذي أعدّه الصحفي «سودرسان راغافان»، إن الغرفة التي احتوت جثتيّ القذافي وابنه تمتلئ اليوم بصناديق يعلوها الغبار، كما اختفت الثلاجة التي كان وضع فيها الجثتين.
وبعد ساعات من قتل «القذافي» و ونجله المعتصم، حمل مقاتلو مصراته جثة القذافي وابنه كغنيمة إلى مدينتهم التي مزقتها الحرب بعد سقوط «القذافي».
وأشارت إلى أن الهاتف النقال الخاص بـ«صوان» يحتفظ بالعديد من الرسائل النصية من موالين لـ«القذافي» يتوعّدونه بالانتقام والقتل، كما تحمل عبارات حادة تهدد حياته، حيث إنهم يعتقدون أنه قام بدور هام في مقتل «القذافي» وابنه، كما أنه يعرف المكان السري الذي دٌفن فيه القذافي، وشارك ويشارك تقريباً في كل المعارك التي حدثت وتحدث في ليبيا، مع أنه كان يعمل كرجل أعمال قبل اندلاع الثورة الليبية.
وكان مصدر عسكري حضر جنازة العقيد معمر القذافي وابنه المعتصم ووزير دفاعه أبو بكر يونس قال أن جثث المعنيين دفنت في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء 25 أكتوبر 2011 بحضور شخصيات معتقلة في سجون سرية بمدينة مصراتة من بينها منصور ضو وأحمد أبراهيم ، من أجل الشهادة على دفن جثة العقيد معمر القذافي ومرافقيه.
وعن تفاصيل أخرى حول عملية دفن جثمان معمر القذافي ، فقد أكد المتحدث أن الأمر تمثل في تعليمات جاءت منتصف ظهيرة يوم الإثنين، بضرورة التوقف عن عرض جثث المعنيين أمام الآلاف من الوافدين من مختلف المدن الليبية من أجل إلقاء النظرة الأخيرة لها، وبعدها تم إعداد الجثث الثلاث بتكفينها جيدا، وأخذ صور فوتوغرافية لها إضافة إلى حضور ممثل عن المجلس الانتقالي من العاصمة طرابلس وآخر من المجلس المحلي لمصراتة وشخص آخر من جهة أمنية عسكرية بمصراتة.
وأضاف أنه تم أخذ العهد من المسؤولين الذين حضروا الجنازة بعدم الكشف عن مكان دفن القذافي، وأقسموا على المصحف والقرآن الكريم بعدم الكشف عن هذا السر، لأنه قد يهدد استقرار ليبيا في حال الكشف عن المكان
وتابع: إن ثلاث سيارات رباعية الدفع قامت بالتحرك عند منتصف الليل، إنطلاقا من ثلاجة الخضر والفواكه بسوق «التوانسة » التي ظلت فيها جثث العقيد معمر القذافي ونجله المعتصم ووزير الدفاع أبو بكر يونس، حيث أخذوا هذه الجثث الثلاث في توابيت مجموعة في سيارة واحدة، وخلال كامل الطريق توسطت هذه السيارة السيارتين الأخريين.
وقال المسؤول العسكري "اقتصرت السيارات التي نقلت جثث القذافي ومن معه على شخص ومسؤول بالمجلس الانتقالي ومسؤول بالمجلس المحلي لمصراتة، وثلاثة حراس وثلاثة سائقين تم استقدامهم من طرابلس لعدم معرفتهم المنطقة جيدا، حتى لا يستطيعوا أن يهتدوا إلى المنطقة التي تدفن فيها الجثث، ولا تنبش قبورهم".
وأضاف في حديث لصحيفة الشروق الجزائرية "وضعت على أعين منصور ضوء وأحمد إبراهيم قطع قماش سوداء لحجب رؤية أي مكان يدفن فيه القذافي، كما أنهم كانوا في صناديق خلفية في السيارات ومقيدين خوفا من تخطيطهما لعملية فرار قد تحدث إضافة إلى أن الإنارة الأمامية للسيارات كانت متوقفة لإحترازات أمنية وكذا من أجل الحيلولة للاهتداء لمكان الدفن".
وحول مكان الدفن، قال "أنها كانت تبعد عن مصراتة بحوالي ساعتين ونصف على الطريق المعبد، ثم اتجهنا إلى منطقة صحراء وادي جارف، حيث سارت السيارات حوالي 150 كلم، ثم حملنا الجثث على الأكتاف وسرنا بها مسافة معتبرة، وبعدها قام الحرس بحفر حفرة عميقة نوعا ما، ثم نزع الغطاء على أعين الشهود من نظام القذافي منصور الضو وأحمد إبراهيم للدلالة على أن الجثث دفنت حقا، كما وضعوا على الجثث في الحفرة مادة كيميائية أعتقد أنها تمنع من انتشار الرائحة أو خروجها من الحفرة إلى الأرض حتى لا تنبشها الكلاب ولا يهتدي إليها أحد في الخلاء"
واستطرد : بعدها قام المعنيون بتسوية التراب جيدا مع الأرض، حتى لا يظهر أن الأرض حفرت قبل ساعات أو أيام، وهذا كله من أجل الوقوف في وجه من يريد الوصول إلى قبر القذافي وانتشال جثته والتمثيل بها في الطرقات والشوارع.
كما وضعوا على الجثث في الحفرة مادة كيميائية أعتقد أنها تمنع من انتشار الرائحة أو خروجها من الحفرة إلى الأرض حتى لا تنبشها الكلاب ولا يهتدي إليها أحد في الخلاء
وبعدها قام المعنيون بتسوية التراب جيدا مع الأرض، حتى لا يظهر أن الأرض حفرت قبل ساعات أو أيام، وهذا كله من أجل الوقوف في وجه من يريد الوصول إلى قبر القذافي وانتشال جثته والتمثيل بها في الطرقات والشوارع.
وكان مفتي المجلس الإنتقالي الصادق الغرياني قد أصدر فتوى قبل الأحداث بتكفير القذافي وإراقة دمه وعدم الصلاة عليه في حال موته، كما أفتى بـ"ضرورة دفنه في مكان مجهول حتى لا يتخذ مزارا أو نصبا تذكاريا له من طرف محبيه ومريديه، كما لا يمكن للثوار الحاقدين من الوصول اليه".
وإلى حد اليوم ، ورغم مرور سبع سنوات ، لا يزال قبر القذافي ونجله المعتصم ورفيق دربه أبوبكر يونس جابر مجهولا ، بينما لا تزال أصوات عدة تنادي بضرورة الكشف عنه لأسرته وقبيلته ، فقد يساهم ذلك في تهدئة النفوس وطمر الأحقاد ، فالرجل له أنصار لا يمكن تجاهل دورهم في أي مشروع مستقبلي لفائدة البلاد ،