طالبت المحكمة الجنائية الدولية ليبيا بتسليم ابن الزعيم السابق معمر القذافي سيف الإسلام بعد الإفراج عنه من قبل ميليشيات مسلحة، ولكن المحكمة هي من يجب أن تكون قيد المحاكمة ، وليس سيف الإسلام.

كلمة واحدة تختزل ما يحتاج المرء معرفته حول المحكمة الجنائية الدولية، وهي داعش. هؤلاء الإرهابيون استمروا في اقتراف أفظع الجرائم في ليبيا، ليس أقلها إعدام - الأقباط المصريين على شاطئ البحر قبل عامين، وهي الجريمة التي تم تصويرها وتحميلها على الإنترنت. والنتائج؟ لا توجد لوائح اتهام من المحكمة الجنائية الدولية ضد هذا التنظيم.

المحكمة الجنائية الدولية هي "محكمة للكنغر" إذا كانت هناك محكمة من هذا النوع، وسعيها وراء سيف هو صفعة للسياسة. تذكروا أنه دفع لسنوات إلى إصلاحات في ليبيا، وتذكروا أنه لم يقد أي وحدات عسكرية ولا أمنية. والواقع أنه لم يكن في وضع يسمح له بارتكاب جرائم حرب. ومع ذلك تريده محكمة لاهاي في قضية جرائم ضد الإنسانية.

فيما يتعلق بمقاضاة سيف الإسلام، أين هي الأدلة؟ على العكس ، رسائل إلكترونية مسربة تظهر دوره في محاولة وقف القتال في ثورة 2011.

إحدى رسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية بعنوان : وزارة الخارجية الأمريكية " القضية غير المصنفة رقم F-2014-20439 رقم الوثيقة C05792027 ، أرسلت السبت  27 فبراير 2011 على الساعة  10:10صباحا ، تقول: "المعتدلون، بقيادة سيف الإسلام القذافي يفضلون تكتيكات مكافحة الشغب الصارمة ولكنهم يعارضون استخدام القوة القاتلة. كما يدعو سيف الإسلام إلى إجراء مفاوضات مع زعماء القبائل في الشرق، بمن فيهم أعضاء العائلة الملكية السابقة".

بالإضافة إلى ذلك، انظروا إلى  الكيفية التي تعاملت بها المحكمة الجنائية الدولية مع عبد الله السنوسي، قائد الاستخبارات السابق للقذافي، والذي اتهمته المحكمة الجنائية الدولية أيضا.

ومع ذلك، وافقت المحكمة الجنائية الدولية على إمكانية أن تحاكمه ليبيا ، ولم تثر أي اعتراضات عندما تحولت "المحاكمة" إلى مسرح للميليشيات التي تحرس قاعة المحكمة وترهب الشهود.

محاكمة طرابلس لسيف الإسلام تحولت من إخراج سيء إلى مهزلة عندما رفضت جماعة ميليشيا الزنتان، التي للأمانة لم تسيء معاملة سيف الإسلام، تسليمه إلى طرابلس. وبدلا من ذلك، رتب مسؤولو محكمة طرابلس اتصالا بالفيديو مع الزنتان حتى يمكن "محاكمته". رابط الفيديو تعطل عدة مرات، وفي النهاية رفض سيف والزنتان ببساطة المشاركة. لا يهم ذلك؛ غذ حكم عليه قضاة طرابلس بالإعدام، دون تقديم أي دليل للعموم على الإطلاق.

إن سعي المحكمة الجنائية الدولية وراء سيف الإسلام القذافي هو صورة زائفة للعدالة. وبصواب يجادل المنتقدون بأن المحكمة الجنائية الدولية "تركز على أفريقيا" وتتجاهل السوريين والعراقيين والسريلانكيين والإسرائيليين والبريطانيين والأمريكيين الذين يعتبرون في "أمان".

والحال أنك لا تسمع مثلا أن المحكمة الجنائية الدولية تفكر في تقديم توني بلير إلى العدالة.

ومن الواضح أن المحكمة الجنائية الدولية "معطوبة". والتدخل القانوني الخارجي من جانب محكمة جنائية دولية محتضرة هو أمر سلبي، ويقدم أنصار مثل هذه الخطوة تقييما سيئا للغاية.

وهذه ليست مسألة أكاديمية لأن سيف القذافي، الذي أفرج حديثا وهو في مكان لم يكشف عنه في ليبيا، له دور يلعبه لإنهاء الحرب الأهلية.

سعي الجنائية الدولية وراء سيف الإسلام هو صورة مزيفة للعدالة. والسبب الوحيد الذي يجعل قضاة المحكمة الجنائية الدولية يصدرون أحكاما شنيعة هي لأنها في الواقع تصدر ضد أفريقيا؛ ولأنها ضد الأفارقة، يمكنها أن تفعل أي شيء دون خوف من رد فعل عنيف.

محكمة العدل الدولية التي مقرها لاهاي هي محكمة غير شريفة تقوم بأشياء شائنة. يا لها من مأساة للعدالة الجنائية الدولية.

قيل إن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة سياسية يجب محاربتها سياسيا. لاعلاقة للمحكمة الجنائية الدولية   بالعدالة الجنائية الدولية. بل هي "محكمة للكنغر" تتلقى سرا تعليمات مباشرة من القوى الاستعمارية الغربية القوية لاتقبل بنفسها أحكام المحكمة الجنائية الدولية.

وبطريقة ما، فإن المحكمة الجنائية الدولية هي بالنسبة لأوروبا ما يعادل خليج غوانتانامو. محكمة بالاسم فقط. وينبغي لقضاتها والمدعين العامين وغيرهم الاستقالة بدلا من الاستيلاء على الرواتب الضخمة، والقيام بأنشطة فاحشة وإجرائية وعنصرية وغير قانونية وغير ضرورية ولا معنى لها، بدوافع سياسية.

وذكرت صحف عديدة، ورويترز، في فبراير 2011 أن سيف الإسلام دعا إلى التراجع عن القتال مع المتمردين في ليبيا وعبر عن آماله في وقف إطلاق النار.

وقد يساعد سيف الإسلام على توحيد ليبيا وتحقيق السلام في هذا البلد الذي مزقته الحرب. وينبغي أن يكون في مأمن من التدخل من جانب لاهاي والقوى الغربية للقيام بذلك إذا اختار ذلك.

 الولايات المتحدة ليست طرفا في نظام روما الأساسي. ولذلك لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية القيام بأنشطة التحقيق في الولايات المتحدة ولا يكون لها أي اختصاص حقيقي على مواطنيها إلا في ظل ظروف استثنائية لم تحدث حتى الآن.

وكانت الدول السبعة التى صوتت ضد المعاهدة هي الصين والعراق واسرائيل وليبيا وقطر والولايات المتحدة واليمن.

وبعد 60 تصديقا، دخل نظام روما الأساسي حيز النفاذ في 1 تموز 2002، عندما أنشئت المحكمة الجنائية الدولية رسميا. موقف المملكة المتحدة فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية هو انتقائي وغامض.

لذلك في الختام وباسم العدالة، يجب أن يتم إصلاح المحكمة الجنائية الدولية وإعادة هيكلتها، لأنه فيها تكمن المشكلة الأساسية.

 

*ريتشارد غالوستيان مستشار سياسي وأمني بريطاني مقيم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لما يقرب من 40 عاما.

**بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة