قال "احمد عظيمي" أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر والمحلل السياسي إن زيارة كاتب الدولة للشؤون الخارجية الأمريكي "جون كيري" للجزائر مطلع شهر افريل ستكون للاطلاع على مصالح أمريكا بالجزائر وعلى صحة الرئيس الجزائري بدرجة اكبر، ومباشرة لتأكد من ألأهليته الصحية "لبوتفليقة" في قياد البلاد كما يشيعه مؤيدوه، وكذا لنقل رسالة مفادها أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد إلا الاستقرار بالجزائر. وقال إن القائمين على البلاد يجهلون أنهم يقودون دولة كبيرة.

سؤال: بداية سيدي كيف ترون زيارة "جون كيري" للجزائر في هذا الظرف بالذات؟ ألا توجد علاقة بالاستحقاق الانتخابي الذي تتهيأ له الجزائر؟

جواب: بالتأكيد هو جاء خصيصا في هذا الظرف بالذات. الأمريكيون لهم مصالح في الجزائر وهي الدولة المستقرة امنيا الآن فقط بالمنطقة. أنت تعرف ما يحدث في ليبيا، و الساحل كله ملتهب وكانت مصر في السابق هي ركيزة الاستقرار في المنطقة العربية واليوم في شمال إفريقيا الجزائر هي ركيزة الاستقرار، هذا من جهة ومن جهة ثانية لهم مصالح كبيرة جدا بالجزائر ولهذا أنا في رأي انه جاء ليلتقي مع "بوتفليقة" والحديث معه مباشرة ليتأكد هل هذا الرجل فعلا كما يقول عنه الذين يتكلمون باسمه و في حملته الانتخابية انه لازال في صحة جيدة  ويفكر أفضل منا جميعا و يشتغل ويعمل. وليعرف ما هو الوضع الصحي الحقيقي للرئيس "عبد العزيز بوتفليقة" بدرجة أكبر.

امريكا دولة كبيرة بهياكلها ومؤسساتها  ومراكزها ودبلوماسييها وسفرائها يشتغلون على مدار اليوم دون انقطاع وبالتالي هم يعرفون وضع الجزائر جيدا ويعرفون الحراك الموجود بها ولديهم تصور عن القاعات الفارغة التي ينشط فيها ممثلو الرئيس حملته. باختصار كل ما نعرفه يعرفونه. وبالتالي ف"جون كيري" جاء أصلا ليقول أننا لا نريد فوضى بالجزائر، نريد استقرارا بالجزائر نريد احترام إرادة الجماهير في يوم الانتخاب يوم ال17 افريل المقبل. أنا أرى الأمور هكذا فليس هناك أي سبب آخر.

سؤال: ألا يوجد دعم ضمني للرئيس "بوتفليقة" في هذا الوقت الانتخابي المهم من خلال هذه الزيارة؟

جواب: ليست بالضرورة الزيارة دعما ل"بوتفليقة"،  الأمريكان ليست لديهم عاطفة، الأمريكان لديهم مصالح وحيثما كانت المصالح مالوا وحيثما كانت المصالح تجد هناك أمريكي،  وبالتالي هم لا يهمهم الشخص (بوتفليقة) يهمهم من يخدم مصالحهم . ألان مجيء "كيري" ليس لتدعيم "بوتفليقة" بل للتأكد من وضعٍ معين هو وضعهُ الصحي وثانية لإعطاء رسالة مفادها أننا نريد الاستقرار بالجزائر ولا نريد فوضى بل نريد أن تجري الانتخابات في ظروف جيدة ومن فاز يفوز بدون تزوير. لأنهم يعلمون بان التزوير هذه المرة قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة جدا وهذه المشاكل وبالنظر للوضع الذي تمر به المنطقة هم  في غنى عنه بالجزائر لمواصلة مد جسر مصالحهم ..ليس حبا فينا وليس حبا في "بوتفليقة" ولا "على بن فليس" ولا في مؤسسة الجيش، حبا في مصالحهم لا غير. الأمريكي إن تعامل معك ووجدك شاطرا ولا يأخذ الذي يريده فانه سيتركك أو يضغط عليك وإذا وجدك غبيا واخذ 99 بالمائة يعطيك واحد بالمائة لاغبر. لا عواطف عندهم، عندهم دولة يدافعون على مصالحها.

سؤال: تأجلت زيارة "جون كيري" والتي كانت مقررة للجزائر في ديسمبر 2013، هل للتأجيل عدا الاهتمام بالملف النووي الإيراني وقتها خلفيات أخرى؟

جواب: وقتها قلتها في تصريح للإعلام قلت: أنا لا أتصور بأن سبب التاجيل هو الملف النووي الإيراني لأنهم كانوا قادرين على إرسال شخصية أخرى بدله إلى جنيف مثل مساعده او غيره، وكان بإمكانه المجيء فأوروبا قريبة جدا من الجزائر هي حكاية ساعات وهو وصل. أنا اعتقد أن وقتها اخبر بأنه لا يستطيع مقابلة الرئيس "بوتفليقة" ومنه قرر عدم المجيء لان مجئه هو لمقابلة الرئيس دون غيره . وهذه المرة اي يوم ال2 وال3 افريل إن اخبر بعدم إمكانية مقابلة الرئيس فانه لن يأتي لمقابلة المسئولين الآخرين فقط. أي إذا سمعنا إعلاميا أنها الزيارة ألغيت فمعناها انه قد استحال ملاقاته.

سؤال: زيارة "كيري" للمنطقة والتي ستشمل المغرب أيضا، أكيد أن قضية الصحراء الغربية ستكون مدرجة في جدول الإعمال. هل ستكون أداة للضغط على المغرب أو كيف ترونها؟

جواب: مسالة الصحراء الغربية لا تتطلب تنقل "كيري" للمنطقة لأنه لا شيء جديد في المسالة ولا حتى في المستقبل القريب. لان موقف الجزائر بخصوص القضية واضح منذ سنة 1976 ولا يتغير ولن يتغير وموقف المغرب واضح منذ ذات السنة ولا يتغير ولن يتغير. قد تكون الأمور قد تغيرت شكليا من خلال ما يسمى بدعوات الحكم الذاتي أو غيرها و لا جديد في القضية يستدعي قدوم "جون كيري" إليه . المفاوضات بين الجانبين تنطلق وتتوقف بين الصحراويين والمغرب وبرعاية أمريكية وفي أمريكا . أمريكا لا تضغط على المغرب من اجل الصحراء الغربية  وقد قلتها للسفير الصحراوي بالجزائر: ما دام انتم لا تحاربون و مادامت الحرب متوقفة ومدام المغرب مرتاح في الأراضي الصحراوية وينهب خيراتها دون حراككم داخليا فلا شيء سيتغير.

أمريكا لا تضغط على المغرب إلا اذا كانت مصالحها مهددة، مهددة من طرف من؟ من طرف الجزائر .... الجزائر ليست في وضع يسمح لها بتهديد مصالح أمريكا .. هناك أموال جزائرية كبيرة في البنوك الأمريكية ممكن تصل إلى 80 مليار دولار -لأنه لا إحصائيات رسمية تبين ذلك- وهي احتياطات صرف موضوعة لشراء صمت أمريكا .. ومادمت الجزائر لا تستعمل الوسائل المتاحة لها من خلال وجود مصالح وشركات أمريكية بالصحراء الجزائرية وأموالها بالبنوك الأمريكية و أمريكا لها مصالح بالجزائر فالعملية متبادلة المنفعة بين الجانبين، في وقت مفروض على السلطات الجزائرية الضغط على أمريكا من خلال هذه المعطيات لتسيير الأجندة الخاصة بها أو على الأقل لا تكون ضدها في الأجندة الموجودة عندها و منها مسالة الصحراء الغربية.. طبعا هذا يكون لما تتعامل كأنك دولة كبرى ولكن للأسف الذين يتحكمون بالجزائر والنظام السياسي صغار جدا و لا يعلمون بأنهم يسيرون دولة كبيرة جدا وبالتالي لا يعرفون مفاوضة الطرف الأمريكي كما يجب ويخشون ذلك للتغطية على جملة الحريات المنتهكة في حقوق الإنسان و في حرية التجمع و حرية الإضراب و حرية المظاهرات و حرية إنشاء الجمعيات. يعني السكوت مقابل السكوت.