لم تعد عمليّة نقل المقاتلين خافية ليكونوا حطب المعركة المرتقبة في طرابلس من سوريا إلى ليبيا بمعيّة السلطات التركية.

حيث أكد مسؤولون في ليبيا وتركيا، وصول العديد من المجموعات التركمانية الموالية لتركيا إلى ليبيا، للانضمام إلى قوات حكومة الوفاق الليبية التي تكابد من أجل الدفاع عن مواقعها في طرابلس ضد هجمات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان كشف، قبل يومين، عن أن الفصائل الموالية لتركيا افتتحت مراكز لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالذهاب للقتال في ليبيا، حيث أفاد"المرصد السوري" بافتتاح 4 مراكز لاستقطاب المقاتلين ضمن مقرات تتبع للفصائل الموالية لتركيا في منطقة عفرين شمال حلب، حيث افتتح مكتب تحت إشراف "فرقة الحمزات" في مبنى قوى الأمن الداخلي (الآسايش) سابقاً، وفي مبنى الإدارة المحلية سابقاً تحت إشراف "الجبهة الشامية" كما افتتح "لواء المعتصم" مكتباً في قرية قيباريه، وفي حي المحمودية مكتباً آخر تحت إشراف "لواء الشامل "ورصد "المرصد السوري" عشرات الأشخاص يقصدون تلك المراكز للالتحاق بالمعارك في ليبيا للعمل تحت الحماية التركية هناك. 

وأكدت تقارير صحفية أن "الفصائل الموالية لتركيا تشجع الشباب على الالتحاق بالحرب الليبية وتقدم مغريات ورواتب مجزية تتراوح بين 1800 إلى 2000 دولار أمريكي لكل مسلح شهرياً، علاوة على تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة".

وبدأت فرقة السلطان مراد التي تضمّ مرتزقة من المقاتلين الذين جلبتهم المخابرات التركية من سوريا إلى ليبيا، تعيث فسادا وتخريبا في الأماكن التي تتواجد فيها بطرابلس ومحيطها.

ووثّقت تقارير إعلامية انتهاك مرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من فرقة السلطان مراد لحقوق الأسرى، وذلك إثر الممارسات التي اقترفوها بحقّهم، من دون مراعاة لأيّ حقوق أو ضوابط، وقد ظهر بعض هؤلاء المرتزقة خلف معسكر التكبالي بمنطقة صلاح الدين.

وفرقة السلطان مراد التي أنشئت في العام 2013 على يد الاستخبارات التركية، جمعت تحت لوائها عدة ميليشيات متشددة وهي لواء السلطان محمد الفاتح، ولواء الشهيد زكي تركماني، ولواء أشبال العقيدة، بهدف تجميع المقاتلين التركمانيين السوريين في هيكل موحّد، وتحويلهم إلى أداة تركية في الحرب السورية، ثم لتقوم بتوظيفهم ونقلهم لاحقا إلى ليبيا، لتنفيذ الأجندة التركية هناك.

وتعرف هذه الفرقة بأنّها الأداة التركية لارتكاب الجرائم التي تحاول أنقرة النأي بنفسها عنها في العلن، واتّهمت بممارسة التطهير العرقي بحقّ الأكراد في عفرين، وشمال شرق سوريا، وإحلال موالين لتركيا محلّهم.

وكانت فرقة السلطان مراد قاتلت بأوامر تركية فصائل مقاتلة أخرى في سوريا، في صراع على النفوذ، ونفّذت سياسة تركيا ودعايتها بأنها قامت بطرد مقاتلي الدولة الإسلامية من مدينة الباب على بعد 40 كيلومترا شمال شرقي حلب. وكان أردوغان قد لعب دورا رئيسيا سنة 2016 في التفاوض على خروج آمن من حلب للمقاتلين التابعين له، وأغلبهم من التركمان والعرب المنضوين في إطار فرقة السلطان مراد، الذين ساندهم على مدى خمسة أعوام.

من جانب آخر، نشر الصحفي الألماني جوليان روبكي، عبر حسابه على موقع تويتر، صورا تظهر إنشاء تركيا جسرًا جويًا لإرسال مقاتلين إلى ليبيا عبر مطار مصراتة.

روبيكي قال، في تغريدته، الأحد، إن تركيا تعمل على تعزيز دعمها العسكري لحكومة الوفاق.

وأضاف، أن النظام التركي أرسل بالأمس، طائرة شحن من طراز بوينج 747-400 محملة بالأسلحة والذخيرة إلى مدينة مصراتة.

وكانت شعبة الإعلام الحربي، التابعة لقوات الجيش، أكدت دخول 240 مقاتلا سوريا تابعين لما يسمى بـ "كتائب فيلق الشام ولواء السلطان مراد".

وأوضحت الشعبة، في بيان لها، أن كتيبي حطين و301 التابعتين لـ "الحشد العثماني" استقبلت المقاتلين السوريين، وتم تقسيمهم بين محوري صلاح الدين ووادي الربيع جنوب طرابلس للقتال ضد قوات الجيش.

ختامًا، في ظل التوترات التي تشهدها العاصمة الليبية ومع تضييق الخناق على الميليشيات المسيطرة على طرابلس فإن اتجاهات تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى ليبيا مُرشّحة للتصاعد بشكل أكبر خلال المرحلة المقبلة، انطلاقًا من تكثيف عمليات التهريب خاصة في ظل تراخي الأطراف الدولية الفاعلة عن القيام بمسؤولياتها تجاه منع استمرار تلك التدفقات، وهو ما ينعكس بشكلٍ رئيسيّ على تزايد حدّة العسكرة في الصراع الليبي.