أجرت صحيفة Le Temps  السويسرية حوارا مع الرئيس التونسي منصف المرزوقي على هامش زيارته لسويسرا ، وفي ما يلي ترجمة للنص الكامل للحوار .

 

  • لوتون: بمصادقتكم مؤخرا على الدستور ، يبدو عام 2014 أفضل من 2013 . هل تونس تتعافى؟
  • منصف المرزوقي : عام 2013 كان رهيبا بما أنه كان علينا أن نتجاوز ثلاثة تحديات ، الأول إرهابي . فعدد من الأشخاص لم تكن لهم مصلحة في أن تنجح التجربة التونسية .

 

  • لوتون: هل يمكن أن تكون أكثر وضوحا بهذا الصدد؟
  • جواب: لا ، لا يمكنني ذلك، لكل أنواع الاعتبارات. ولكن ذلك بدا أشبه بإعلان حرب خلفت أكثر من 24 قتيلا من قوات الأمن والعديد من الجرحى. جوبهنا كذلك بخطر سياسي تمثل في عودة قوية لتحركات محسوبة على النظام السابق. وكان هناك أيضا الخطر الاقتصادي . فيما يتعلق بالمسألة الإرهابية ، قمنا بسرعة بتعزيز قواتنا ، وتمكنا من صد هذا الخطر. تونس بلد صغير متجانس وفيها طبقة متوسطة، والدولة والشرطة قويتان فيها، و الإدارة تعمل فيها، والجيش منضبط . الإرهاب كان في الواقع إزعاجا أكثر منه خطرا .

 

  • لوتون: تقول إن الخطر الإرهابي تم صده؟

 

  • جواب: نعم. وعمليتا الاغتيال السياسي اللتان نفذتا كانتا لتهديد المسلسل السياسي. تغلبنا على هذه الصعوبات بمصادقتنا في شهر يناير على الدستور . تبقى الآن المسألة الاقتصادية . تونس في حالة توقف منذ اندلاع الثورة. لدينا 600 ألف  شاب عاطل عن العمل ، 30 % منهم  من حاملي الشهادات. وبمعدل نمو يبلغ  2.6 في المئة لا نستطيع توفير مناصب الشغل سوى لـ 60 ألف شخص. المناطق المهمشة التي قامت بالثورة لم تقطف الثمار بعد ، لأن الإصلاحات الهيكيلية تتطلب الوقت. إذا ، عام 2014 يبقى عام كل المخاطر الاقتصادية والمالية. لهذا نريد من الغرب- الذي دعمنا معنويا في الوقت الحاضر-  أن يدعمنا ماليا أيضا ، وإلا قد تتعطل التجربة التونسية. التجربة التي يجب أن تنجح ، لأنها الوحيدة في العالم العربي التي أظهرت أنه يمكننا أن ننجز انتقالا سلميا وأن الحوار الوطني يمكن أن ينجح.

 

  • لوتون: البنك العالمي قرر منح تونس مليار و200 مليون دولار للتنمية في تونس.

 

  • جواب: صندوق النقد الدولي قدم لنا قرضا أيضا. ولكن هذا غير كاف . الثورة اندلعت في وقت كانت أوروبا في حالة أزمة ، علما أن 80 % من مبادلاتنا تتم مع أوروبا. عندما تسوء الأمور في أوروبا ، تسوءعندنا بالضرورة أيضا. نتمنى أن تتحسن أوروبا وأن تعتبر تونس خيارا استراتيجيا ، لأن من مصلحة أوروبا على المدى البعيد أن يعم السلام على حدودها الجنوبية. ومن أجل أمنها وتجارتها فإن أوروبا تحتاج لدول ديمقراطية مستقرة ، تونس هي المختبر.على الدول الأوروبية أن تدعمنا بتقليص ديوننا وبإعادة الأموال التي نهبتها مافيا النظام السابق.

 

  • لوتون: هل تقصد سويسرا؟

 

  • جواب: هناك أموال في سويسرا . لا نعلم بالتحديد كم ، ولكن نعرف أنها كميات كبيرة. للبلطيجة طرق متطورة لخزن الأموال ومحامون جيدون أيضا. ومالم تساعدنا الدول الديمقراطية بما فيها سويسرا على تقفي أثر أموالنا في هذه الغابة المالية، فإنها ستضيع. أنا أحترم القضاء السويسري لكن رأيت مؤخرا أنه سمح بحسابات أحدها باسم مبروك صهر  بن علي. هذا الشخص لم يحصل على هذه الأموال بعرق جبينه . وعندما أفكر في كل الأموال التي يملكها هنا في سويسرا في الوقت الذي أنهيت جولة في المناطق الشمالية الشرقية لتونس ورأيت الناس يعيشون في ظروف مزرية ، أقول لنفسي أن هناك خللا ما في هذا العالم.

 

  • لوتون: نجاح الانتقال السياسي يتوقف برأيك على الدعم الخارجي أولا ، لكن ما هي المسؤوليات على النخبة السياسية التونسية؟

 

  • جواب: النخبة السياسية في تونس تشبه باقي النخب السياسية في أي منطقة من العالم ، فهي تتشاجر ، ولكن بنوع من التجرد يمكنني القول أنها أبانت عموما عن حكمة كبيرة. تمكنت من أن تتحاور ومن إيجاد التوليفات. النهضة ، الحزب الرئيسي ، تحلت بمسؤولية سياسية كبيرة، إذ لم يسبق أن قبل حزب في الحكم بشكل قانوني ومشروع التنحي لتفادي أزمة. وكذلك الشأن للمجتمع المدني الذي انخرط في تقريب وجهات النظر. أنا بنفسي قمت بدور مسهل.إ ن هذه الجهود هي التي سمحت بالتصويت على دستورنا من قبل 200 نائب من أصل 217 علما أن هؤلاء النواب المائين نيمثلون شرائح واسعة جدا.

 

  • لوتون: على تونس أن تصادق على قانونها الانتخابي لتنظيم انتخابات. متى ستكون هذه الانتخابات ؟

 

  • جواب: يجب أن تنظم في أقرب وقت في شهر سبتمبر أو اكتوبر حتى تعمل الماكينة الاقتصادية مرة أخرى.

 

  • لوتون: بأي شكل ؟

 

  • جواب: هناك فرضيتان. إما الرئاسيات قبل التشريعيات أو أن يجرى الدور الثاني من الاقتراعين في آن واحد.

 

  • لوتون: هل ستترشح لخلافة نفسك؟

 

  • جواب: طموحي الكبير هو أن نتوصل لنهاية هذا المسلسل.والباقي هو مسألة ظرفية. سأتخذ قراري بعد أن أتحدث مع أصدقائي وأقاربي، إذا أمكنني أن أكون نافعا مرة أخرى.

 

  • لوتون: حزبكم المؤتمر من أجل الجمهورية كان في الترويكا التي قادت تونس حتى يناير ، هل ستجددون تحالفكم مع الإسلاميين؟

 

  • جواب: المسألة محسومة. تونس يجب أن تُحكم بتحالفات من المعتدلين والإسلاميين والعلمانيين.

 

  • لوتون: أليس هناك متشددون داخل النهضة؟  

 

  • جواب: هي حزب بتمثيلية واسعة ، لديهم متشددن خاصون بهم، ولكن عموما تتصرف النهضة كهيئة معتدلة. بالنسبة لي لاعودة للحزب الواحد حتى لو كان حزبا بأغلبية. لهذا يستهدف نظامنا الانتخابي التمثيلية النسبية. نريد أن تكون البلاد محكومة بشكل دائم بتحالفات.

 

  • لوتون: رغم انتقادات سابقة ، ستجددون إذن هذا التحالف؟

 

  • جواب: أؤكد أن ذلك كان أفضل خيار . سمح بوضع الإسلاميين ليس ضد الديمقراطية ولكن داخل الديمقراطية.المخاوف من الشريعة وحضورها في الدستور كانت غير مبررة. لقد احترمت حقوق الإنسان. النهضة قبلت التضحية من أجل البلد. لم تكن هناك أسلمة للمجتمع. هذه هي الحقيقة.

 

  • لوتون: متى يمكنكم أن تقولوا: لقد أنجحنا العملية الانتقالية" ؟

 

  • جواب: عندما رأيت في ليلة السادس والعشرين يناير أن الدستور تتم المصادقة عليه ، قلت لنفسي : "حسنا ، لقد وصلنا". كان أفضل تحدي بالنسبة لي : الاتفاق سلميا على نص يحدد هويتنا ومشروعنا المشترك. يجب الآن استكمال هذا النجاح بتنظيم الانتخابات.ويجب أن نضيف لذلك تنمية اجتماعية واقتصادية. هذا لن يكون سهلا ، فجعل تونس دولة ديمقراطية مستقرة وغنية سيأخذ سنوات. ولكن هذا في المتناول ، لأنه ليس مكتوب في أي مكان أن على العالم الثالث أن  يبقى عالما ثالثا
  • . أجرت المقابلة :انجيليك مونيي كوهن