تكافح الجزائر أوضاعاً اقتصادية صعبة بعد أن كان الاهتمام فيها منصباً خلال السنوات الماضية على السياسة والأمن دون الالتفات إلى الإصلاح الاقتصادي، وهو ما يدفع الكثير من المراقبين والخبراء الاقتصاديين إلى تنبؤ دخول الاقتصاد الجزائري في أزمة خلال الفترة المقبلة.

وقالت جريدة "فايننشال تايمز" في تقرير لها إن الحكومة الجزائرية رفعت إنفاقها العام بصورة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية من أجل إرضاء عموم الناس والحفاظ على الأمن والاستقرار السياسي، مدعومة بواردات الغاز الطبيعي والنفط التي تدر على البلاد دخلاً مالياً قوياً، إضافة إلى احتياطيات النقد الأجنبي الذي تبلغ قيمته حالياً 195 مليار دولار.

وتشير الأرقام الرسمية في الجزائر الى أن الإنفاق الحكومي ارتفع بنسبة 50% خلال السنوات الثلاثة الماضية، كما ارتفعت رواتب الموظفين المدنيين في البلاد بنسبة 46%.

وبحسب "فايننشال تايمز" فإن لدى الجزائر واحداً من أصعب بيئات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تعاني من ضعف في الشفافية وعدد من السياسات التي تعصف بالاقتصاد، مشيرة الى أن القوانين المحلية في الجزائر تفرض على أي مستثمر أجنبي أن يجد شريكاً محلياً وأن يكون للشريك المحلي نسبة لا تقل عن 51% في الشركة، وهو ما أدى الى أن يتدفق على البلاد خلال العام 2012 نحو 1.5 مليار دولار فقط كاستثمارات أجنبية، وهو مبلغ قليل جداً.

وتقول الصحيفة البريطانية إن الحكومة لا زالت تهيمن على معظم مفاصل الاقتصاد في الجزائر، فضلاً عن أنها مرتبطة بشكل أو بآخر مع الشركات الكبرى في البلاد.

وتنقل الصحيفة البريطانية عن الصحفي إحسان القاضي قوله "إن الاستثمارات في القطاع الخاص بالجزائر لا تزال ضعيفة"، مشيراً الى وجود العديد من العقبات البيروقراطية التي تضعها الحكومة بسبب تخوفها من أن يتحول القطاع الخاص الى قوة فاعلة على الصعيد السياسي".

وكان تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي في شهر فبراير الماضي قال إنه في حال لم يتم "تعديل السياسات" الاقتصادية في الجزائر فإن البلاد سيصبح صافي الاقتراض فيها أعلى من الدخل خلال عشرين عاماً من الآن، كما لاحظ التقرير انخفاض صادرات الغاز الطبيعي للجزائر في الوقت الذي يشهد فيه الطلب المحلي ارتفاعاً متزايداً أيضاً.

يشار الى أن التعداد العام لسكان الجزائر يزيد عن 37 مليون نسمة، يشكل الشباب نسبة كبيرة منهم وهو ما يمثل عبئاً على الخزينة العامة للدولة.

ويأمل المسؤولون في الجزائر أن يمثل القانون الجديد الذي تم إقراره العام الماضي والمنظم لقطاع الطاقة جاذباً للاستثمارات الأجنبية التي يمكن أن تدر مزيداً من النقد الأجنبي على البلاد، ويمكن أن تخفض من نسب البطالة.