تطرق الصحفي الإيطالي إينيو دي دولفو في مقال نشر على الصحيفة الإيطالية مينتي بوليتيكو -صحيفة إلكترونية إيطالية تهتم بالشأن السياسي والاقتصادي والجيوسياسي - يوم 8 يوليو 2014، إلى ما اعتبره تدخلا غربيا في المسار الديمقراطي بليبيا، بهدف الحفاظ على المصالح الاقتصادية وحمايتها من تهديدات "الجماعات المتطرفة دينيا".

واعتبر أن ليبيا تعاني من اضطرابات وعدم استقرار سياسي منذ سقوط نظام معمر القذافي في سنة 2011، وتفاقم هذا الوضع بإعلان بدء الحملة العسكرية ضد "الجماعات الإسلامية" من قبل اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ما يشير إلى وجود تدخلات خارجية تضبط قواعد اللعبة السياسية في البلاد، خاصة وأن البرلمان الذي يهيمن عليه الإسلاميون قد أعلن عن موعد الانتخابات لتهدئة الوضع، وهي من المطالب الرئيسية للمعارضة الليبرالية.

مخاوف

وأشار إينيو دي دولفو إلى أن إيطاليا تنظر إلى الأوضاع الحاصلة في ليبيا بكثيرمن القلق والخوف، خاصة في ما يتعلق بالهجرة غير الشرعية المسألة الأكثر تعقيد، موضحا أن المشكلة المركزية تتعلق بغياب حكومة ليبية قادرة على السيطرة على ما يحدث في البلد والمستقبل المظلم الذي ينتظره.

كما أن للفراغ في السلطة تداعيات خطيرة في الداخل وعلى بلدان البحر المتوسط، فتجربة "بوكو حرام" في نيجيريا وإعلان الخلافة من قبل "تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام" (داعش)، يلخص ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في ظل وجود حكومات ضعيفة، إلى جانب أن مخاطر إنشاء "دولة إسلامية" في ليبيا سيكون مدمرا لإيطاليا.

وأضاف أن المخابرات الإيطالية هي الأكثر كفاءة ونشاطا في تلك المنطقة وينبغي أن تؤدي هذه الكفاءة إلى نتيجة في ليبيا، خاصة وأن المشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية لا تحصى ولا تعد.

كما أن القول بالاعتماد على حكومة مستقرة في طرابلس أصبح أمرا نسبيا، فقد كان نظام معمر القذافي مسيطرا على الوضع، وكانت علاقته جيدة مع إيطاليا، تجلت من خلال تجارة النفط وصفقات تجارية أخرى، مقابل سيطرته ومراقبته للساحل الليبي ومكافحة الهجرة السرية، إلا أن القذافي لم يكن على علاقة جيدة مع الولايات المتحدة، وفجأة شعر حلفاء إيطاليا أنه من الضروري "تصدير الديمقراطية" إلى ليبيا، كما فعلت في الصومال وأفغانستان والعراق لتتجلى النتائج الوخيمة والكارثية بعد سنوات من التدخل العسكري على تلك المناطق.

وضع معقد

ولفت كاتب المقال إلى أن الوضع السياسي في ليبيا معقد للغاية، وقد أصبح من اللازم الحسم، إذا كان هناك بالفعل إسلاميون معتدلون في البلاد، على استعداد للحوار ولهم حد أدنى من المصداقية أو دعم مجموعات من الجنود الذين يعادونهم، يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر وتشكيل حكومة عسكرية، قادرة على إعادة تشكيل الدولة الليبية بالقوة، فليس هناك شك أن كلاهما لا يمثلان الحل الأمثل للانتقال الديمقراطي.

وأكد أنه على الولايات المتحدة وأوروبا دعم عملية التحول الديمقراطي، من خلال المساهمة في إعادة تشكيل المؤسسات الديمقراطية، التي غالبا ما تتأثر بعد الحرب، وهي عملية تتطلب تنسيقا أكبر بين الأطراف الدولية الفاعلة، كمنظمة الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كما أن هذه الأطراف قادرة على دعوة الأطراف المتنازعة في البلاد إلى الجلوس إلى طاولة الحوار يهدف التوصل إلى مصالحة وطنية، وتمهيد طريق الاستقرار وبناء دولة ديمقراطية، خدمة  للمصالح الوطنية الداخلية والمصالح الإقليمية والدولية ، كالحد من خطورة "التهديدات الإرهابية" ومكافحة الهجرة غير الشرعية.