تطور الصراع على الأموال الليبية حتى وصل المصرف الليبي الخارجي المؤسسة التي كانت بعيدة عن الانقسام والصراعات الظاهرة للعلن وبإدارة موحدة، لكنها اليوم لم تفلت من أزمة صراع الشرعيات بين الأجسام المختلفة في البلاد والتي تمزقها الاجندات الخارجية والتعنت الداخلي، وتوظيفها حسب توجهات وانتماءات بعض الأطراف.
جاء قرار محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير في طرابلس، والذي لم يفاجئ الكثيرين بإقالته يوم 13 أغسطس 2018 مجلس الإدارة والمدير العام للمصرف الليبي الخارجي في اطار صراع ليس بجديد يطفو على السطح، حيث وجه المحافظ المقال الصديق الكبير من قبل المجلس النواب منذ فترة ، الإتهام في مارس الماضي إلى المصرف الليبي الخارجي بإدعاء إستثماره في الخارج سندات غير قانونية وضعيفة ، مما يؤدي إلى خسارة نحو 403 ملايين دولار حسب ما ذكره مركزي طرابلس.
كما اتهم الصديق الكبير حينها، رئيس مجلس إدارة المصرف الليبي الخارجي محمد بن يوسف ومجلس إدارة المصرف الليبي الخارجي بـ"اللعب بأموال الليبيين والافتقار إلى الكفاءة اللازمة في السوق المالية وفي إدارة الاستثمارات في الخارج، هجوم الكبير رفضه في الأشهر الماضية بن يوسف وقال انه يَصْب في خانة مركزي طرابلس الاستقواء والاستحواذ على أموال الشعب الليبي بالكامل" بحسب تعبيره.
لم يأخذ هذا الصراع بعدا داخليا فقط بل نال صدى دوليا، حيث إهتمت نشرة "مغرب كونفيدونسيال"الفرنسية، المهتمة بشؤون دول شمال أفريقيا بهذه القضية.
إذ عملت على كشف خفايا الصراع المفتوح والعلني القائم بين محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير والمصرف الخارجي الليبي.
وأوضحت النشرة، أمس الخميس، أن الصديق الكبير يعمل على «تركيع» إدارة المصرف الخارجي الليبي، وهي المؤسسة المالية ذات البعد الاستراتيجي الفعلي.
** محاولات للسيطرة
تذهب " مغرب كونفيدونسيال" إلى أن هذه الإجراءات التي يقوم بها الصديق الكبير هدفها إحكام السيطرة على قطاعات حيوية في الإقتصاد الليبي حيث قالت :"إن هدف الكبير الذي يواجه تشكيكًا متناميًا في أدائه هو التشبث بمنصبه ومحاولته التي رفضها مجلس إدارة مصرف ليبيا الخارجي، إقالة محمد بن يوسف المدير العام للمصرف، تهدف في الواقع إلى السيطرة والتحكم في قطاعين حيويين يدريهما هذا المصرف بالنسبة للاقتصاد الليبي".
تضيف النشرية موضحة ماهية هذه القطاعات الحيوية:"القطاعين هما إدارة العائدات النفطية للبلاد في وقت توجد فيه خلافات حول إدارة هذه العائدات، وثانيًا السيطرة على مستندات الاعتمادات المالية التي تتم من خلالها عمليات الاستيراد المختلفة، حيث يواجه الصديق الكبير تهمًا بأنه غير عادل في توزيعها وإسناده لرسائل الاعتماد البنكية".
وأكدت النشرة، في تقريرها، أن "الصديق الكبير اتهم محمد بن يوسف بعمليات استثمارية غير سوية في الخارج وشراء سندات غير مضمونة، كما اعتمد على تقرير لديوان المحاسبة، حيث إن المصرف الليبي الخارجي شكك في مصداقية تقرير ديون المحاسبة نفسه، وقال إن المصرف المركزي عمد إلى تسريب مضمونه إلى وسائل الإعلام".
تشير أن النشرة أن هذه التحركات التي يقوم بها الكبير الهدف منها إبعاد المرشح المدعوم من فرنسا على منصبه قائلة: "مجمل تحركات الكبير تهدف في الواقع للحفاظ على منصبه في مواجهة محمد شكري المدعوم من البرلمان في طبرق ومن فرنسا".
وأكملت:"الكبير سيسعى إلى تجديد دعم الدبلوماسيين الإيطاليين وبريطانيا والولايات المتحدة له، إن الكبير ذهب إلى روما في 24 يوليو الماضي وسيعود في نوفمبر المقبل".
** تحركات دولية لتوظيف الصراع
وأكدت النشرية أن الأمر الذي قد يتغير هو أن "واشنطن تتجه إلى تغيير موقفها تجاه الكبير، وأن مساعدة نائب المبعوث الأممي، الأميركية ستيفاني ويليامز، اجتمعت مؤخرًا بشكل غير معلن مع خليفة حفتر وجرى التوصل معه إلى صفقة يكون الكبير ضحيتها".
وكشفت النشرة الفرنسية من جهة أخرى أن المبعوث الأممي غسان سلامة سيخضع قريبًا لمساءلة صارمة، حين يقدم تقريره السنوي أمام مجلس الأمن يوم 9 سبتمبر المقبل، وهي خطوة إلزامية قبل تجديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
ويأمل سلامة إكمال عملية «المصالحة الوطنية» بحلول ذلك الموعد، خاصة تنظيم المؤتمر الوطني الجامع الذي جرى تأجيله، في وقت تتضاءل فيه على نحو متزايد احتمالات تنظيم انتخابات في البلد.
و جدير بالذكر أن مجلس إدارة المصرف الليبي الخارجي رفض الأسبوع الماضي قرار الصديق الكبير إقالته وإحالة أعضائه للتحقيق، وذلك في أعقاب توجه لجنة كلفها «الكبير» إلى مقر المصرف في مجمع ذات العماد بطرابلس لاستلام إدارته من المجلس المقال، إلا أن إدارة المصرف رفضت التسليم، معتبرة أن قرار الكبير إجراء غير قانوني.