دفع باحثون متخصصون إلى تشجيع الحركة الصوفية بطرقها وأنماطها المختلفة لمواجهة التطرف والغلو الديني التي تحولت إلى ظاهرة إقليمية ودولية يُغذيها فكر ظلامي إرهابي يسـيء إلى الإسلام والمـسلمين، حسب صحيفة العرب.

وأجمعوا في الندوة الدولية حول ”التصوف المغربي في امتداداته الكونية” التي نظمها المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية في المغرب، على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الحركات الصوفية في حياة الأمة الإسلامية، على ضوء ما يواجهها من تحديات داخلية وخارجية ارتباطا بتنامي ظاهرة الإرهاب الذي يتدثر بغطاء ديني.

وشارك في الندوة التي اختتمت أمس بفاس باحثون من 25 دولة عربية وأجنبية، ناقشوا على امتداد الأيام الأربعة الماضية، القضايا المرتبطة بالحركات الصوفية.

ورأى رجال دين وأكاديميون أن التطرف والتشدد الديني تحول إلى خطر جدي يُهدد المجتمعات الإسلامية والعربية مع بروز تنظيمات إرهابية مثل “أنصار الشريعة” و”جبهة النصرة”، وتنظيم “داعش” الذي تمدد وتوسع لتصل تأثيراته إلى منطقة المغرب العربي.

وقال الدكتور عزيز الكبيطي إدريسي من المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية "إن دور الحركة الصوفية في محاربة التطرف والتشدد والغلو، هو دور لا ينكره أحد".

وشدد على أنه عبر التاريخ الإسلامي، كان الصوفيون يمثلون الإسلام الوسطي المعتدل الذي يحافظ على الثوابت الدينية، وفي نفس الوقت ينفتح على الآخر ويتعايش معه بغض النظر عن ماهية الآخر باعتبار أن المعيار الحقيقي للإسلام هو التقوى.

وتساءل محمد الهوني رئيس التحرير والمدير العام لصحيفة “العرب” عن دور التصوف في معالجة آفة التشدد والتطرف والتعصب، وما يتبعها من اندفاع الشباب الذي يفتقر إلى السكينة والوعي الصحيح، نحو استخدام أساليب عنيفة تخرج عن إطار تعاليم الإسلام السمحة، وعن سبل تحصين الشباب من عدم السقوط في براثن المتطرفين.

واعتبر الهوني في مداخلته في الندوة أن الحل يكمن في الصوفية بنظرتها المتسامحة ورؤيتها الروحانية العميقة في إعادة التوازن للحياة الدينية في العالم الإسلامي، خاصة بعد أن طفت على السطح أحزاب تحمل صفة “الإسلامية” لتحقيق غايات سياسية دنيوية، خرجت منها جماعات متشددة لا تعترف بالتسامح وترفض التحاور، والجهاد عندها ليس سوى قطع الرؤوس وسبي النساء وهدم معالم الحضارة ومعظم الإنجازات الإنسانية.

وبحسب الدكتور عطا أبو رية أستاذ التاريخ الإسلامي والمستشار الثقافي لجامعة الطائف، فإن هذا الزخم يجعل من الطرق الصوفية في المغرب أهمية فاصلة في الأوضاع الراهنة لجهة تكريس التربية السليمة لتحصين الأجيال وغرس التمسك بروح التسامح والاعتدال.

وقال أبو رية إن أحد أهم وأبرز التحديات التي تواجه المنطقة العربية الآن هو قيام التنظيمات الإرهابية على تكثيف استقطابها لفئة الشباب والتغرير بهم والزج بهم في متاهات مظلمة.

واعتبر أن الزخم التراثي للطرق الصوفية كفيل بأن يجذب الشباب إليها، وبالتالي إفراغ خطاب التيارات السياسية الدينية المتطرفة من محتواه المليء بالغلو الديني، من خلال التركيز على روحانية الحياة الصوفية والدور الاجتماعي الذي تلعبه الحركة الصوفية، وهو مدخل أساسي من شأنه إفقاد تنظيمات الإسلام السياسي بمختلف تياراته وخاصة جماعة الإخوان أحد أهم روافدها، أي البعد الاجتماعي الذي كثيرا ما تتفاخر به تلك التنظيمات.

وشدد على أن الطرق الصوفية قادرة على افتكاك ذلك الدور، من خلال فضح حقيقة تلك التيارات ودورها الاجتماعي الذي هو “نفعي ويخدم مصلحة التيارات والأحزاب الدينية”.