يؤدّي رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمّد المنفي زيارة دولة إلى تونس تستمر لمدّة ثلاثة أيّام. وكان في استقباله، أمس السبت، رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، بالجناح الرئاسي بمطار تونس قرطاج الدولي. 

وتأتي هذه الزيارة بحسب بيان الرئاسة التونسيّة في إطار " مزيد تعزيز روابط الأخوّة المتينة والتاريخية وعلاقات الشراكة الراسخة القائمة بين البلدين في مختلف المجالات". 

وأجرى الرئيسان، ظهر أمس السبت جلسة محادثات على انفراد، سبقتها جلسة محادثات موسعة بحضور وفدي البلدين. 

وقال بيان للرئاسة التونسية أنّه تم التأكيد خلالها على "عمق الروابط التاريخية الراسخة بين البلدين وعلى الارادة الثابتة على مزيد تطوير علاقات   التعاون والتبادل المتميزة وآفاق دعمها وتنويعها وفق تصورات مبتكرة وفكر جديد، وتذليل الصعوبات التي تعترضها بما يلبى  التطلعات المشروعة والآمال الكبيرة للشعبين الشقيقين".

كما تم التأكيد، وفق البيان، على "ضرورة تكثيف نسق تبادل الزيارات وتفعيل مختلف أطر التعاون والتسريع بانعقاد الاستحقاقات الثنائية وتعزيز التنسيق الثنائي خاصة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية". 

ومع الملفات السياسية والأمنيّة والديبلوماسيّة، تشمل طاولة اللقاء بين المنفي وقيس سعيّد عدّة مواضيع هامة، خاصة على مستوى التعاون الإقتصادي في ظل المرحلة الجديدة التي تعيشها ليبيا الجارة الشرقيّة لتونس. وفي ظلّ تحولات اقليميّة ودوليّة كبيرة تشهدها المنطقة.

ويرى المحلل السياسي ضو الصغير أنّ "هذه الزيارة تأتي في سياق التحولات التي تشهدها الساحة الليبية بعد الاتفاق السياسي وحالة الاستقرار التي تشهدها البلاد".

وتابع الصغير، في تصريح لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية" قائلا أنّ "ليبيا تشهد تنافسًا دوليًا كبيرًا من أجل التموقع في أسواق إعادة الاعمار والمشاريع الجديدة، وأن تونس تريد الاستثمار في هذه الوضعيّة الليبية الجديدة. وزيارة قيس سعيّد إلى ليبيا في المدة الفارطة، وزيارة المنفي الأخيرة إلى تونس بدعوة من الرئيس قيس سعيّد، تنزل في سياق هذه البحث التونسي عن التموقع في المشهد الليبي".

وخلال مؤتمر صحفي مع الرئيس التونسي قيس سعيّد قال رئيس المجلس الرئاسي محمّد المنفي: "نقدر الدعم الكبير من الشقيقة تونس ونريد أن نؤكد كذلك أن العلاقات مستمرة وسوف تبقى دائما على توافق" 

وتابع المنفي قائلاً: "ناقشنا عدة أمور مشتركة في هذه المرحلة التي تمر بها تونس وليبيا وتناولنا مجال التعاون الثنائي في المجال الاقتصادي والأمني وقطاع العمل"، مضيفًا بالقول: "تناولنا أيضًا أوضاع المواطنين في البلدين وكيفية معالجة مشاكلهم وتسهيل حركة العبور من خلال اللجان المشتركة

وتأتي زيارة المنفي أياما قليلة، بعد زيارة رئيس الحكومة التونسية إلى طرابلس ولقائه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنيّة عبد الحميد الدبيبة وعقد عدّة اتفاقيات بين البلدين في عدّة مجالات. 

وفي هذا السياق يقول الصحفي التونسي سعيد الزواري إنّ "مشهد الانقسام السياسي في تونس له تأثير مزدوج، على صعيد العلاقات التونسية مع ليبيا". 

وأضاف الزواري، في تصريح لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"،  أنّ المنافسة السياسيّة التي تغلّف حالة القطيعة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهوريّة تقدّم دفعًا كبيرًا في اتجاه تحصيل المزيد من المكاسب الاقتصاديّة مع الجارة ليبيا.

الصحفي التونسي سعيد الزواري


وتابع الصحفي التونسي أنّ "زيارة قيس سعيّد إلى ليبيا تميزت بأنها أول زيارة لرئيس دولة إلى البلاد بعد الاتفاق السياسي الجديد ما أعطى دفعًا هاما للعلاقات الثنائيّة ولمكانة تونس في المشهد الليبي الجديد، خاصة وأنّ تونس قد احتضنت جلسات الحوار السياسي الليبي التي تولّدت عنه السلطة الجديدة".

وأضاف الزواري: "أنّ زيارة رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى طرابلس وما رافقها من اتفاقيات ثنائيّة ولقاءات بين رجال الأعمال من البلدين، كانت مهمّة كذلك على الصعيد الاقتصادي والعملي من خلال ما تمّ الاتفاق حوله من عقود واتفاقيات".

لكن في المقابل، يرى الزواري، أن الانقسام السياسي في تونس، وحالة القطيعة بين رئاسة الجمهوريّة ورئاسة الحكومة انعكست سلبًا على توحيد الجهود وتنسيقها في خصوص الملف الليبي ما قد يساهم في مزيد إنجاح هذه الزيارات المتبادلة وحسن استثمار العلاقات التاريخية بين تونس وليبيا، وفق تعبيره. 

وتستمر زيارة رئيس المجلس الرئاسي الليبي إلى تونس حتى يوم غدًا الاثنين. وزار المنفي أمس السبت مركز الدراسات الاستراتيجية التابعة لرئاسة الجمهوريّة التونسيّة لـ"خلق الشراكة والتوأمة بين المراكز البحثية للبلدين"، و"إعداد دراسات مشتركة لاستشراق مستقبل البلدين".

وتعيش ليبيا على إيقاع حراك ديبلوماسي وسياسي واسع، في مرحلة بعد الاتفاق السياسي الجديد الذي ولد من مخاض مشاورات سياسية وعسكريّة واسعها رعتها البعثة الأممية للدّعم في ليبيا بين تونس وجينيف. وقد حصلت الحكومة الجديدة، التي تنتظرها مهمّة إجراء انتخابات قبل موفى العام الحال، على ثقة البرلمان الليبي بأغلبية مطلقة في جلسة عقدت في مدينة سرت الساحلية وسط البلاد.