تعدّ ليبيا واحدةً من عدة دولٍ من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ممن تعاني من إجهادٍ مائي مرتفع، ويرجع ذلك بشكلٍ أساسي إلى مناخها الجاف وشبه الجاف بالإضافة إلى انخفاض هطول الأمطار. تعتمد الموارد المائية في ليبيا، بشكلٍ كبير، على المياه الجوفية (حوالي 97% من إجمالي استهلاك المياه).

تتأثر التنمية المستدامة في البلاد بنقص موارد المياه المتجددة وكذلك الإفراط في استغلال المياه الجوفية الأحفورية لتلبية الطلب المتزايد على المياه. وتشمل التحديات الأخرى تسرب مياه البحر وتدهور جودة المياه وعدم كفاية إطار العمل المؤسسي. تحتاج هذه وغيرها من القضايا المتعلقة بالطاقة والغذاء إلى مزيد من الاهتمام إذا أريد تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (SDGs) بحلول عام 2030.

الجغرافيا والمناختقع ليبيا في شمال إفريقيا، وتبلغ مساحتها الإجمالية 1,674,577 كيلومتر مربع. يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الشرق مصر والسودان، وتشاد والنيجر من الجنوب، وتونس والجزائر من الغرب.

إن أبرز المعالم الطبيعية في البلاد هي الصحراء الكبرى وساحل البحر الأبيض المتوسط. بشكلٍ عام، تنحدر تضاريس ليبيا بلطف نحو الشمال. أما الجبال، والتي تقع في الأجزاء الشمالية الغربية والشمالية الشرقية والجنوبية والوسطى من البلاد، فهي ذات خطوط عرض منخفضة إلى متوسطة.  تقع المرتفعات الوحيدة بالقرب من الحدود مع تشاد، حيث ترتفع كتلة تيبستي الجبلية إلى أكثر من 2200 متر.

تعتبر المنطقة الساحلية فحسب، والتي تشكل 2% من مساحة السطح، مناسبة للأنشطة الزراعية. تمثل الأراضي الخصبة لسهل الجفارة في الشمال الغربي والجبل الأخضر في الشمال الشرقي أكثر من 80% من إنتاج الغذاء من الزراعة، والذي يعتمد في الغالب على هطول الأمطار والمياه الجوفية. تتكون المنطقة المتبقية من الكثبان الرملية أو الحصوية أو الجبال أو السبخات (المستنقعات المالحة) مع بعض الواحات المتناثرة.

يتنوع المناخ، بيد أنه يتأثر بشدة بالصحراء في الجنوب والبحر الأبيض المتوسط في الشمال. ويؤدي نقص الحواجز الطبيعية إلى انتقال تدريجي من مناخٍ إلى آخر. وبناءً عليه، يمكن تمييز ثلاث مناطق مناخية:

أولا: في المناطق المنخفضة الساحلية، يكون المناخ متوسطياً، مع صيف دافئ وشتاء معتدل؛

ثانيا: تشهد مرتفعات جبل نفوسة والجبل الأخضر مناخ الهضاب، مع ارتفاع مستويات هطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء؛

ثالثا: بالانتقال جنوباً نحو المناطق الداخلية، تسود ظروف مناخية شبه صحراوية وصحراوية، مع درجات حرارة خانقة واتساع المدى الحراري اليومي. الهطول المطري نادر وغير منتظم ويتقلص تدريجياً إلى الصفر في أقصى الجنوب.

يختلف متوسط هطول الأمطار السنوي بين المناطق وفقاً للموقع الجغرافي والتضاريس. عموماً، يتراوح هطول الأمطار في الشمال بين 100 و500 ميلليمتراً في السنة (مم/ السنة)، بينما يستقبل الجنوب ما لا يزيد عن 10 مم/ السنة. في حين لا تهطل الأمطار إطلاقاً في بعض المناطق مثل الكُفرة ومرزق

تشهد جميع المناطق المناخية تغيراتٍ في درجات الحرارة. ففي الصيف، تتجاوز درجات الحرارة الـ40 درجة مئوية، بينما قد تنخفض في الشتاء إلى ما دون الصفر. أحياناً، تتساقط الثلوج على التلال والجبال الشمالية، خاصةً تلك الموجودة في الشرق.

السكانقدّر آخر تعدادٍ سكاني عام 2006 عدد سكان ليبيا بـ5,32 مليون نسمة (الشكل 1). وفقاً للتوقعات السكانية العالمية للأمم المتحدة، فقد ارتفع هذا الرقم إلى 6,87 مليون نسمة بحلول يونيو 2020.

ومن المتوقع أن يصل إلى 9 ملايين نسمة بحلول عام 2030، مما سيزيد من الضغوطات على الموارد، وخاصة الغذاء والمياه والطاقة.

يعيش غالبية السكان على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، إذ يتواجد نسبة كبيرة منهم في المدن الرئيسية مثل طرابلس وبنغازي.

ارتفع متوسط العمر المتوقع من 62,2 سنة في الثمانينيات إلى 72,8 سنة في العقد الماضي. معدل وفيات الأطفال منخفض.

الاقتصاد: يمكن وصف الاقتصاد الليبي بأنه قائم على الزراعة حتى أوائل الستينيات، عندما شكلت الزراعة حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي. وانخفضت هذه المساهمة إلى 2% بحلول عام 2007، بينما ساهم النفط بنسبة 71% من الناتج المحلي الإجمالي. في الوقت الراهن، يعتمد الاقتصاد على النفط، في حين استمر أداء القطاع الزراعي في التراجع، ويرجع ذلك جزئياً إلى التغيرات في السياسات السنوية وسحب الإعانات.

تركز السياسات الاقتصادية الرئيسية للحكومة حالياً على تجديد حكم الدولة، وإعادة بناء البُنية التحتية، وإحياء الخدمات العامة، وتحسين المؤسسات الاقتصادية من خلال إصلاح نظام الدعم، وإعادة هيكلة القطاع العام، وإصلاح النظام الضريبي، وتعزيز القطاع المالي.

للتقرير مراجع وجداول وخرائط، والمساهمون في إعداد التقرير:

المؤلف المشارك: صالح علي الصادق– أستاذ مشارك في قسم الهندسة الجيولوجية، كلية الهندسة، جامعة طرابلس- ليبيا؛ عضو ورشة العمل الوطنية في ليبيا حول إدارة الموارد المائية (الترابط بين المياه والطاقة والغذاء)، ومبادرة الاتحاد الأوروبي “هورايزون 2020”- مجموعات ليبيا.

المؤلف المشارك: خليل إبراهيم السامرائي– محاضر في قسم الهندسة الجيولوجية، كلية الهندسة، جامعة طرابلس- ليبيا.

مراجعة: سالم الرشراش– أستاذ مشارك في قسم الهندسة الجيولوجية، كلية الهندسة، جامعة طرابلس- ليبيا؛ وباحث نشط في مجال موارد المياه ويشرف على الأبحاث حول الآثار البيئية لاستخراج المياه الجوفية في ليبيا.عن موقع (water.fanack.com)