تحولت العاصمة الليبية طرابلس إلى سجن كبير تديره الميلشيات وجماعات المرتزقة ، ما جعل الرعب يهيمن على السكان المحليين ، كل شيء هنا يؤكد أن ديكتاتورية غير مسبوقة تتشكل تحت سطوة السلاح المنلفت في أيدي مسلحين غير منضبطين ، ومرتزقة مدفوعين بغرائز دموية لممارسة أبشع أنواع القتل والإختطاف والتنكيل بالمدنيين العزل 

ويبقى الهاتف النقال أقصر طريق لتلك الممارسات ، فهو الذي يحمل عادة مؤشرات عن مواقف وقناعات وإنتماءات أصحابه ، وخاصة من خلال مواقع التواصل الإجتماع الإجتماعي وعلى رأسها "الفيسبوك" و "الواتساب" ، وهو الذي يمكن أن يفضح دعم صاحبه للعدو اللدود للميلشيات ، الجيش الوطني الليبي ، لذلك يحرص المسلحون في البوابات القارة والمتحركة والفجئية على إستيقاف المارة ، وفحص هواتفهم بحثا عما قد يدينهم ، سواء كان إتصالا برقم في المنطقة الشرقية أو المناطق الخاضعة لنفوذ القوات المسلحة ، أو تدوينة أو صورة أو تعليقا مناويء لحكومة الوفاق ، ورافض للتدخل التركي ولجور المرتزقة وحكم الميلشيات وديكتاتورية الإخوان وحلفائهم

ومنذ الرابع من أبريل الماضي ، تاريخ تقدم الجيش الوطني نحو طرابلس وإطلاقه عملية « طوفان الكرامة » شهدت طرابلس عشرات عمليات الإغتيال والقتل على الهوية ، أغلبها بسبب تأييد الجيش الذي يتم الإستدلال عليه من خلال الهواتف النقالة ، حيث تكفي مشاركة مادة مؤيدة للعملية على الفيسبوك ، أو وضع إشارة إعجاب عليها ، أو الإنخراط في صفحة أو مجموعة معادية للميلشيات  للقضاء على صاحبها.

ويؤكد السكان المحليون أن الميلشيات اتجهت إلى تفتيش الهواتف منذ العام 2011 للبحث آنذاك عن مؤيدي النظام السابق ، ثم بعد إطلاق منظومة فجر ليبيا في  صيف 2014 لملاحقة كل من ينتقد رموزها أو أعمالها الإرهابية ، وهي تمارس نفس التصرفت اليوم ضد كل من يتبين تأييده للجيش الوطني

ومنذ أيام ، تم العثور على جثة المهندس الليبي مروان فتحي بن عثمان  ( 28 عاما ) الذي تعرض للإختطاف والتعذيب قبل قتله بسبب تدوينة على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك أبدى فيها تأييده للجيش الوطني

وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أن مقتل المهندس  الشاب يكشف عن تصاعد حالات الاختطاف على أساس الهوية في طرابلس فضلا عن حالة الفوضى الأمنية ، وأضافت  أن جثة عياد تم العثور عليها وبها آثار تعذيب في مستشفى مركز طرابلس الطبي وذلك بعد نحو أسبوعين على اختطافه من جهة مجهولة في العاصمة طرابلس ،لافتة الى  زيادة حالات الاختطاف على أساس المواقف السياسية والقتل خارج القانون والاعتقالات التعسفية دون أي شرعية قانونية فضلا عن اختطاف الأطفال وذلك نظرا لحالة الفوضى الأمنية وعدم فرض الأمن والاستقرار وحماية أرواح وممتلكات المواطنين من قبل الأجهزة الأمنية المختصة

لا شيء يأتي من الميلشيات غير الدم والخراب ، هكذا يصرخ أهالي العاصمة الليبية طرابلس الذين باتوا محاصرين يوميا بأخبار القتل العشوائي وإستهداف المدنيين  من قبل مسلحي الوفاق ،

كما تم العثور على جثة الطبيب الشاب فارس جمال الجدي ( 29 عاما ) الذي قتل هو الأخر ، بعد إستيقافه في إحدى البوابات وتفتيش هاتفه ، حيث تم العثور  بداخله على بعض التدوينات والصور التي تثبت دعمه للجيش الوطني ،

كما تعرض طبيب شاب آخر وهو  محمد محمود عياد ( 32 عاما  ) الى القتل حيث وجدت جثته ملقاة قرب إحدى الإستراحات بمنطقة  عين زارة  بعد أن كان تعرض للإختطاف  من قبل مجموعة مسلحة إستوقفته بمنطقة  حي الأندلس  بالعاصمة طرابلس

ويعود سبب مقتل عياد الى العثور في هاتفه النقال على تسجيل مسرب لمرتزق سوري داخل إحدى العيادات ، وهو يتحدث عن طريقة تجنيده ونقله من شمال سوريا الى طرابلس عن طريق تركيا

ويرى المراقبون  أن مقتل الطبيب يحمل رسالة لسكان العاصمة بضرورة الصمت وعدم تسريب أية معلومات أو صور عن جحافل المرتزقة المنتشرين في أحياء العاصمة والذين يقومون الى جانب القتال بعمليات التفتيش في البواب الأمنية

ووفق مصادر أمنية مطلعة ، فإن مئات من أبناء طرابلس تعرضوا للإعتقال والإخفاء السري بسبب شبهة تأييدهم للجيش ، وأغلبهم ينحدرون من قبائل معروفة بموافقة الرافضة لسلطة الميلشيات وحكومة الوفاق والتدخل التركي والمناوئة لقوى الإسلام السياسي مثل ترهونة وورفلة والأصابعة والصيعان وورشفانة ،

وتشير ذات المصادر الى أن أكثر الإعتقالات تتم بعد تفتيش الهواتف النقالة ، التي تحولت الى مصائد في جيوب أصحابها ،

وناشدت منظمة رصد الجرائم الليبية  النائب العام بفتح تحقيق فوري في كافة الانتهاكات الواقعة في مدينة طرابلس، وضمان محاسبة الأفراد والتشكيلات المسلحة المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة ، وفق بيان لها

كما طالبت المنظمة حكومة الوفاق ووزارة داخليتها بفتح تحقيق فوري في ظاهرة الخطف والقتل خارج القانون الواقعة بمدينة طرابلس وتحملهم المسؤولية القانونية عن أعمال العنف والجريمة المنظمة التي طالت الأطفال.